عواصم - (وكالات): بلغ الهجوم الذي تشنه فصائل عراقية مسلحة منذ أسبوع مدينة بعقوبة على بعد 60 كلم فقط من بغداد، حيث قتل وأصيب العشرات في معارك عنيفة بين قوات رئيس الوزراء نوري المالكي ومسلحين من الفصائل، بينما خسرت قوات المالكي أمس السيطرة على معبر القائم ثاني معبر حدودي مع سوريا، غرب بغداد بمحافظة الأنبار بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه. من جهته، أكد رئيس وزراء كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أنه «من شبه المستحيل» أن يعود العراق كما كان عليه قبل سقوط الموصل، قبل أن تعلن واشنطن التي ناقشت أحداث العراق مع إيران بشكل مقتضب في فيينا، 275 عسكرياً لحماية سفارتها في بغداد، في أول خطوة من نوعها منذ الانسحاب الأمريكي نهاية 2011. وقد أمر المالكي بإعفاء ضباط رفيعي المستوى في القوات الحكومية من مناصبهم وبإحالة بعضهم على محاكم عسكرية ومجالس تحقيق، بحسب ما جاء في بيان رسمي بثته قناة «العراقية» الحكومية. ومن بين الذين أمر المالكي بإعفائهم قائد عمليات محافظة نينوى ورئيس أركانه وقائد فرقة المشاة الثالثة، متهماً إياهم بالهرب من «ساحة المعركة» بين القوات الحكومية ومسلحين باتوا يسيطرون على مناطق واسعة من شمال البلاد بعد انسحاب القوات منها.
وفي وقت لاحق، اتفق قادة العراق في لقاء عقدوه في بغداد مساء أمس على شجب الخطاب الطائفي ومراجعة المسيرة السياسية السابقة بهدف تقويمها. وحضر اللقاء رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس «الائتلاف الوطني» إبراهيم الجعفري ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي وقادة آخرون.
من جهته، قال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي إن «مجموعة من المسلحين نفذوا هجوماً بالأسلحة الرشاشة في بعقوبة شمال شرق بغداد والقوات الأمنية صدت الهجوم».
وأكد ضابط برتبة مقدم في الجيش أن المسلحين «تمكنوا من السيطرة على أحياء الكاطون والمفرق والمعلمين في غرب ووسط بعقوبة لعدة ساعات، قبل أن تتمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على هذه الأحياء». وقتل 44 شخصاً بالرصاص داخل مقر للشرطة في وسط بعقوبة خلال الهجوم، حسبما أفادت مصادر أمنية وطبية.
وهذا أول هجوم تتعرض له بعقوبة مركز محافظة ديالى منذ بدء الهجوم الكاسح للمسلحين في أنحاء من العراق قبل أسبوع والذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة في الشمال، بينها الموصل شمالاً، وتكريت شمال العاصمة.
وجاء الهجوم على بعقوبة وهي أقرب نقطة جغرافية إلى بغداد يبلغها المسلحون منذ بدء هجومهم، في وقت لا يزال قضاء تلعفر شمال بغداد يشهد في بعض أجزائه اشتباكات بين قوات حكومية والمسلحين المناهضين للمالكي الذين ينتمون إلى عشائر وتنظيمات أخرى وعناصر من حزب البعث المنحل، وعناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش».
وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان «هناك 50 قتيلاً من المدنيين الذين سقطوا جراء الاشتباكات المتواصلة منذ يومين والرمي العشوائي والقصف وهناك أيضاً عشرات القتلى من المسلحين والقوات الأمنية».
وأضاف أن «المسلحين يسيطرون على معظم أجزاء القضاء شمال بغداد.
ويقع تلعفر وهو أكبر أقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 ألف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة، علماً بأن غالبية هؤلاء قد غادروا القضاء منذ اندلاع المعارك فيه.
وبعدما خسر العراق سيطرته على معبر ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا والواقع في نينوى لصالح قوات البشمركة الكردية، سيطرت مجموعة من المسلحين على معبر القائم غرب بغداد الواقع في محافظة الأنبار غرب البلاد بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه.
وأوضحت مصادر أمنية وعسكرية أن مسلحين قالت إنهم قريبون من «الجيش السوري الحر» و«جبهة النصرة» هم الذين سيطروا على المعبر، علماً بأن عناصر «الجيش السوري الحر» يسيطرون منذ أشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال.
ولم تعد الحكومة المركزية في بغداد تسيطر إلا على معبر واحد مع سوريا التي تشترك مع العراق بحدود تمتد لنحو 600 كلم، هو معبر الوليد والواقع أيضاً في محافظة الانبار قرب الحدود مع الأردن.
من جهة أخرى، قتل مصور صحافي وأصيب مراسل صحافي آخر يعملان لحساب قناة «العهد» الفضائية العراقية في «اعتداء» عندما كانا يرافقان مجموعة تنتمي إلى ميليشيا شيعية في محافظة ديالى شرق البلاد، بحسب ما أفادت القناة.
كما أعلن عقيد في الشرطة العراقية أن الشرطة عثرت على 18 جثة تعود إلى عناصر في القوات الحكومية شرق مدينة سامراء شمال بغداد.
وقتل 7 أشخاص وأصيب 21 في انفجار سيارة مفخخة في منطقة مدينة الصدر شرق بغداد، بحسب ما أفادت مصادر في الشرطة.
سياسياً، شنت حكومة المالكي هجوماً هيستيرياً على السعودية إثر بيان المملكة الذي اتهم المالكي بدفع العراق نحو الهاوية بسبب اعتماده سياسة «إقصاء» العرب السنة، مطالبة بـ «الإسراع» في تشكيل حكومة وفاق وطني. من جهته، اعتبر مبعوث الأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف أن الهجوم الذي يشنه المسلحون منذ أسبوع يشكل «تهديداً لبقاء» هذا البلد وأكبر خطر على سيادته منذ عدة سنوات.
كما أعلن رئيس وزراء كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أنه «من شبه المستحيل» أن يعود العراق كما كان عليه قبل سقوط الموصل، ثاني مدن العراق، واعتبر أن السنة يجب أن يكون لهم الحق في أن يقرروا إقامة منطقة خاصة بهم مثل كردستان.
كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في جنيف من تحول هجوم الفصائل العراقية إلى نزاع طائفي يتخطى حدود العراق.