عواصم - (وكالات): حذر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من حرب أهلية في العراق لا يمكن التكهن بانعكاساتها على المنطقة، مجدداً اتهام الحكومة العراقية ضمناً باعتماد «أسلوب طائفي» وممارسة «الإقصاء»، فيما شدد على أن القوى الخارجية لا ينبغي أن تتدخل في الصراع في البلاد»، فيما أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنها استدعت سفيرها لدى بغداد «للتشاور» بسبب التطورات «الخطيرة» في العراق، منددة بسياسات رئيس الوزراء نوري المالكي «الطائفية، وسياسة الإقصاء والتهميش حيال مكون مهم من الشعب العراقي»، في إشارة إلى العرب السنة. من جهته، أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في جدة أن بغداد طلبت من واشنطن توجيه ضربات جوية للمسلحين الذي يشنون منذ أسبوع هجوماً تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة من شمال البلاد.
وجاء تأكيد زيباري بعدما توعد رئيس الوزراء نوري المالكي المسلحين بالقضاء عليهم، مشدداً على أن قواته واجهت نكبة ولم تهزم، وسط تواصل الاشتباكات في قضاء تلعفر وتعرض أكبر مصفاة نفط لهجوم.
في غضون ذلك، أكدت طهران أنها ستبذل كل ما بوسعها لحماية العتبات المقدسة لدى الشيعة في العراق.
وقال زيباري خلال مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر التعاون الإسلامي في جدة إن العراق «طلب رسمياً مساعدة واشنطن طبقاً للاتفاقية الأمنية وتوجيه ضربات جوية للجماعات الإرهابية».
وتابع في ختام اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية العرب المشاركين في المؤتمر «أكدت للوزراء أن القوات العراقية تمكنت من استيعاب الصدمة وصد الهجمات»، مضيفاً أن «بغداد عصية عليهم».
وقال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في جلسة للكونغرس إن الحكومة العراقية طلبت دعما جويا أمريكيا للمساعدة في التصدي للمسلحين الذين سيطروا على اجزاء من البلاد في الأيام القليلة الماضية. وقد بحث ولي ولي العهد في السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز مع وزير خارجية العراق في جدة تطورات الأوضاع في المنطقة. وفي وقت لاحق، أكدت واشنطن أن «اتهامات المالكي للسعودية عدائية وغير دقيقة»، كما دعته إلى «اتباع سياسات غير طائفية».
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما يواصل مشاوراته حول كيفية التعامل مع تقدم مسلحي الفصائل ولا يستبعد أي خيار باستثناء إرسال قوات على الأرض، قبل أن يلتقي زعماء الكتل في الكونغرس ليناقش معهم التطورات في العراق. ويطالب العديد من القادة الجمهوريين بتوجيه ضربات جوية سريعة لوقف تقدم المسلحين.
من جهته، ندد نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني في مقال في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية «بانهيار عقيدة باراك أوباما»، معتبراً أن الفوضى التي تسود العراق هي نتيجة مباشرة لخيارات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي.
من جهته، قال المالكي بحسب خطاب نقلته قناة «العراقية» الحكومية «سنواجه الإرهاب وسنسقط المؤامرة»، مضيفاً «الذي حصل هو نكبة لكن ليست كل نكبة هزيمة، تمكننا من امتصاص هذه الضربة وإيقاف حالة التدهور وبدأت عملية رد الفعل وأخذ زمام المبادرة وتوجيه ضربات». وتسيطر فصائل عراقية مسلحة تضم مسلحي عشائر وعناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش»، وعناصر من حزب البعث المنحل على مناطق واسعة من شمال البلاد بينها الموصل شمال بغداد إثر هجوم كاسح مستمر منذ أسبوع.
وفي افتتاح مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في جدة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ان الوضع الحالي في العراق «يحمل في ثناياه نذر حرب أهلية لا يمكن التكهن باتجاهها وانعكاساتها على المنطقة».
واعتبر أن إفرازات الوضع السوري «أوجدت مناخاً ساعد على تعميم حالة الاضطراب الداخلي في العراق نتيجة الأسلوب الطائفي والإقصاء». وشدد الأمير سعود على أنه نجم عن هذا الوضع «تفكيك اللحمة بين مكونات شعب العراق وفتح الطريق لكل من يضمر السوء لهذا البلد لكي يمضي قدماً في مخططات تهديد امنه واستقراره وتفتيت وحدته الوطنية وإزالة انتمائه العربي». وفي إيران، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن بلاده ستبذل كل ما بوسعها لحماية العتبات المقدسة لدى الشيعة في العراق. من جانبه، دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى المحافظة على وحدة العراق واستقراره من خلال عملية سياسية يشارك فيها جميع العراقيين دون استثناء، حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.ميدانياً، هاجمت مجموعة من المسلحين مصفاة بيجي، أكبر مصافي النفط في العراق والواقعة في شمال البلاد. وقال مسؤول في المصفاة «تمكنت مجاميع مسلحة من اقتحام أجزاء من المصفاة في بيجي شمال بغداد وأدى ذلك إلى اشتباكات واندلاع حريق في بعض الخزانات المخصصة لتجميع الفضلات النفطية».
وأضاف أن المصفاة توقفت بشكل تام عن الإنتاج منذ الاثنين الماضي حين جرى إخلاء الموظفين الاجانب والابقاء على بعض الموظفين العراقيين الأساسيين، معتبراً أن هذا الأمر يمثل «ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي». من جهته، قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا ان «قواتنا تمكنت من صد هجوم على مصفاة بيجي، وقتلت 40 من المسلحين».
وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت شمال بغداد، مركز محافظة صلاح الدين، والتي يسيطر عليها المسلحون المناهضون للمالكي منذ نحو أسبوع. وتزود مصفاة بيجي معظم المحافظات العراقية بالمنتجات النفطية، وتقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 600 ألف برميل يومياً. وتحدثت تقارير عن أن المسلحين يسيطرون على 75% من المصفاة. في هذه الأثناء، تواصلت المعارك بين المسلحين وقوات المالكي في قضاء تلعفر شمال بغداد الاستراتيجي الواقع في محافظة نينوى والذي يتعرض منذ السبت الماضي لهجوم كبير. وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان «تدور اشتباكات عنيفة في أحياء المعلمين ومنطقة السايلو واجزاء من المطار بين مسلحين مرتبطين بداعش وقوات أمنية بمساندة أبناء العشائر».
وأضاف «هناك تقدم للقوات الأمنية دون ان يتم تطهير القضاء بشكل كامل»، في وقت شدد متحدث عسكري على ان القوات العراقية وضعت خطة تنص على الانتهاء من تحرير تلعفر في غضون الساعات المقبلة.
في مقابل ذلك، سيطر مسلحون على 3 قرى تقع بين قضاء طوزخرماتو شمال بغداد وناحية أمرلي على بعد 85 كلم جنوب كركوك إثر اشتباكات قتل فيها 20 مدنياً، وفقاً لمسؤول محلي. وقال قائممقام قضاء طوزخرماتو شلال عبدول «تمكن مسلحون من السيطرة على 3 قرى واقعة بين قضاء الطوز وناحية امرلي جنوب كركوك فيما سقط 20 مدنياً جراء الاشتباكات».
وفي هذا السياق، دعا رئيس اقليم كردستان مسعود بازراني كافة عناصر البشمركة المتقاعدين الى الالتحاق بالوحدات العسكرية والاستعداد لكافة الاحتمالات.
من ناحية أخرى، خطف 40 هنديا يعملون في ورش بناء شمال العراق كما أعلنت وزارة الخارجية الهندية.