عواصم - (وكالات): أعلنت مصادر لقناة «سي إن إن» الأمريكية أن «البيت الأبيض يركز على انتقال سياسي بالعراق تنبثق عنه حكومة وحدة من دون رئيس الوزراء نوري المالكي»، بينما ذكر مسؤولون أمريكيون أن «هناك اعتقاداً متنامياً لدى إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن المالكي ليس الزعيم الذي يحتاجه العراق الآن»، قبل أن يعلن أوباما في مؤتمر صحافي في واشنطن أن «القوات الأمريكية لن تقاتل في العراق مرة ثانية»، مشيراً إلى أن «واشنطن مستعدة لتنفيذ عمل عسكري محدد الهدف وواضح في العراق إذا استدعى الأمر»، مضيفاً أن «واشنطن مستعدة لإرسال حتى 300 مستشار عسكري لبحث كيفية تدريب وتجهيز القوات العراقية». من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن «المالكي هو من قام بتأجيج الطائفية في العراق»، موضحاً أن «اتهام المالكي للمملكة برعاية الإرهاب مدعاة للسخرية»، مضيفاً «نصيحتىله ألّا يعارض السعودية».
من جانبه، وصف نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي المالكي بأنه «إرهابي دولي عاش حياته منذ ثمانينات القرن الماضي على الإرهاب».
ميدانياً، تواصلت الاشتباكات في قضاء تلعفر الشمالي وسيطرت قوات المالكي على مصفاة بيجي.
وقال أوباما إن «بلاده مستعدة للقيام بعمل عسكري في العراق»، مؤكداً أيضاً «احتمال إرسال 300 عسكري لبحث كيفية تدريب وتجهيز القوات العراقية»، لافتاً إلى أن بلاده سبق أن كثفت قدراتها في العراق على صعيد المراقبة والاستخبارات».
واعتبر أوباما أن على المالكي أن يخوض «اختبار» الانفتاح على كافة الطوائف العراقية.
وتابع أن «الاختبار» الذي يتعين على المالكي والقادة العراقيين خوضه «هو معرفة ما إذا كانوا سيتمكنون من تجاوز الريبة والانقسامات الدينية العميقة».
وأشار إلى أنه «يوجد انقسام كبير بين السنة والشيعة والأكراد، وأن تزايد الخلافات يعمق الأزمة»، ملمحاً إلى أن «السنتين الأخيرتين كانتا الأسوأ ولدى السنة شعور بالتهميش».
وتابع «تحدثنا مع نوري المالكي وأبلغناه بضرورة تجاوز الخلافات من خلال جدول أعمال، وبدء حوار داخلي في العراق من أجل تمكين قوات الأمن العراقية».
وشدد على أن «إدارته لن تدعم طائفة ضد أخرى، وأن الحل العسكري لن يكون ملائماً للأزمة العراقية»، وقال إن المطلوب هو الالتزام ببناء الدولة الديمقراطية العادلة. وذكر أن قوات «داعش» تحاول تقويض الحكم المركزي في العراق.
وجاءت تصريحات أوباما في وقت تقوم الولايات المتحدة بطلعات استطلاع في الأجواء العراقية.
وقال مسؤول أمريكي في واشنطن «نستخدم مقاتلات وطائرات استطلاع من دون طيار»، موضحاً أنه يتم خصوصاً استخدام مقاتلات «إف 18» التي تقلع من حاملة الطائرات «جورج دبليو بوش» الموجودة حالياً في الخليج.
وفي وقت سابق، أعلن مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة تبحث إرسال 100 عنصر من القوات الخاصة إلى بغداد لدعم الجيش العراقي، لكنها لا تنوي توجيه ضربات جوية.
ويسيطر مسلحون ينتمون لفصائل عراقية مختلفة بينهما تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» الجهادي وتنظيمات سنية أخرى، ومسلحين من العشائر المناهضة للمالكي، إضافة إلى عناصر من حزب البعث، منذ نحو 10 أيام على أجزاء واسعة من شمال العراق إثر هجوم كاسح شنته هذه الجماعات التي تحاول الزحف نحو العاصمة بغداد.
وأعلنت واشنطن في الأيام الأخيرة أنها تبحث خيارات التدخل في العراق لوقف زحف هؤلاء المسلحين، وبينها توجيه ضربات جوية بطائرات من دون طيار، وكذلك مناقشة إمكان التعاون مع إيران حيال الوضع المتأزم في العراق.
وقبيل إعلان أوباما، أكد وزير خارجيته جون كيري في مقابلة مع شبكة «إن بي سي» أن الأمر لا يتعلق بمساندة رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم من طهران، قائلاً «أريد أن أوضح أن ما تقوم به الولايات المتحدة متعلق بالعراق وليس بالمالكي».
وجاءت تصريحات كيري بعدما وجه مسؤولان أمريكيان انتقادات إلى المالكي واتهماه باعتماد سياسة تهميش بحق السنة في البلاد.
وقال رئيس أركان الجيوش الأمريكية الجنرال الأمريكي مارتن دمبسي أمام أعضاء في الكونغرس «ليس ثمة شيء كبير كان يمكن القيام به لنسيان إلى أي مدى أهملت الحكومة العراقية مواطنيها، ذلك هو مصدر المشكلة الراهنة». وأوضح أن المسؤولين الأمريكيين حذروا القادة العراقيين مراراً مما يواجهونه من أخطار جراء سياسة تهميش بعض المجموعات الدينية، ولكن تم تجاهل رأيهم تماماً، مضيفاً أنه في معارك شمال العراق نجح المهاجمون في ضم بعض ضباط الجيش إلى صفوفهم. وفي الجلسة نفسها، لاحظ وزير الدفاع تشاك هيغل بدوره أن حكومة بغداد لم تف بوعودها لجهة بناء تعاون فعلي مع المسؤولين السنة والأكراد.
من جهته، اعتبر المسؤول السابق عن القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس أن الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من العراق نهاية 2011 بعد احتلال دام 8 سنوات، يجب ألا تصبح «قوة جوية للميليشيات الشيعية».
ميدانياً، قال مسؤول محلي في قضاء تلعفر شمال بغداد الواقع في محافظة نينوى إن «القوات العراقية تواصل عملياتها ضد المسلحين وقد تلقت تعزيزات جديدة لمواصلة القتال».
وأكد شهود عيان من أهالي القضاء أن معارك متواصلة تدور بين القوات العراقية والمسلحين الذين يحاولون السيطرة على القضاء منذ 4 أيام.
ويقع تلعفر وهو أكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا.
في موازاة ذلك، أعلنت السلطات في بغداد أن القوات العراقية تفرض سيطرتها الكاملة على مصفاة بيجي بعد تعرضها لهجمات مسلحين خلال اليومين الماضيين.
وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي إن القوات الحكومية تفرض سيطرتها الكاملة على المصفاة الأكبر في البلاد والواقعة على بعد 200 كلم شمال بغداد.
وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت شمال بغداد، مركز محافظة صلاح الدين، والتي يسيطر عليها المسلحون منذ نحو أسبوع.
وفي كركوك، قال مصدر أمني إن «4 من عناصر البشمركة «القوات الكردية» بينهم ضابط برتبة رائد قتلوا خلال اشتباكات مع مسلحين على طريق رئيس جنوب مدينة كركوك».
كما أعلن نائب مدير شرطة كركوك اللواء تورهان عبدالرحمن يوسف عن تسلم 44 شخصاً من عدة دول هي النيبال وبنغلادش وتركمانستان وأذربيجان وتركيا كانوا محاصرين قرب مدينة تكريت التي يسيطر عليها مسلحون منذ الأسبوع الماضي.
وفي بغداد، أعلنت قناة «العراقية» الحكومية أن عناصر من قوة مكافحة الإرهاب انتشروا غرب العاصمة لوجود «خلايا نائمة».
ووسط هذه التطورات الميدانية، أمر رئيس الوزراء العراقي، القائد العام للقوات المسلحة، نقل الضباط المحالين على دائرة المحاربين إلى الوحدات العسكرية.
من جهة أخرى، أعلنت الصين أنها ستجلي إلى مناطق آمنة بعض العاملين في شركاتها في العراق حيث تعد الصين أكبر مستثمر في القطاع النفطي.