كتب - صالح الرياشي:
يثار في هذه الآونة حديث وجدال بين الرياضيين وعشاق المستديرة حول العالم عن “الكارثة” التي حدثت أمس الأول بإقصاء إسبانيا بطلة العالم من المونديال من دور المجموعات بعد هزيمتها المذلة أمام المنتخب التشيلي بهدفين نظيفين، وبالتالي تعتبر إسبانيا البطل الثاني على التوالي الذي يودع البطولة من دور المجموعات عقب المنتخب الإيطالي التي توج باللقب في 2006 وأقصي مبكراً في نسخة 2010. والخامس على مستوى تاريخ البطولة.
المجاملات في الاختيارات
وتتعد الأسباب حول السقوط المدوي لبطل العالم وسيد أوروبا لمرتين متتاليتين، ويرجع السبب الأول والأخير في انكسار سيطرة الإسبان على العالم هو اختيارات المدرب ديل بوسكي التي وصفها البعض بـ”المجاملة”، حيث استغرب العديد من متابعي كرة القدم غياب الظهير الأيمن لنادي ريال مدريد بطل أوروبا دانييل كارفخال عن تشكيلة المونديال، كما تعالت صيحات الاستهجان من قبل الإسبان حول غياب المهاجم اللامع فريناندو يورنتي لاعب يوفنتوس الإيطالي، ناهيك عن غياب إيسكو لاعب الفريق “الملكي” ونيغريدو ونافاس لاعبا مانشستر سيتي، في المقابل استدعى لاعبين سيئين وفي غير الفورمة المعهودة كتوريس وفابريغاس وماتا.
اندثار التيكي تاكا
وعلامة الاستفهام الكبرى التي توجه إلى ديل بوسكي هي استحواذ لاعبي برشلونة على التشكيلة الأساسية للمنتخب الإسباني رغم التراجع الملحوظ في أداء الفريق في الموسم المنصرم وعدم تحقيق الفريق لأي بطولة تذكر، فهل كان ديل بوسكي يريد فريقاً جاهزاً ولا يحتاج إلى تشكيل وخطة مدروسة؟ ولا يستطيع أحد أن ينكر بأن التيكي تاكا لفريق برشلونة كان لها الدور الكبير في تحقيق الألقاب للمنتخب الإسباني، لكنها في الوقت الحالي أصبحت مكشوفة للكل وجميع الفرق تملك خطة مضادة لهذه الطريقة في اللعب، ورغم ذلك لم يستوعب ديل بوسكي ما يجري حوله.
عدم تجديد العناصر
ومن الأخطاء الفظيعة والمستغربة في اختيارات المدرب ديل بوسكي هو استدعاؤه لنفس العناصر التي لعبت أمم أوروبا في 2008، ثم لعبت كأس العالم في 2010، ثم عادت لتعلب أمم أوروبا في 2012، والآن تلعب كأس العالم 2014، دون تغيير ملحوظ في التشكيلة، فمن المستحيل أن تبقى الأسماء تعطي نفس الأداء لأكثر من 6 سنوات، ومن الطبيعي جداً أن يتراجع مستواهم بتقدمهم في السن، بدليل تواجد تشافي الذي قل عطاه كثيراً في الآونة الأخيرة (لاعب متقاعد)، ناهيك عن تراجع مستوى القديس كاسياس الذي بات في أسوأ حالاته على الإطلاق.
عدم سد ثغرة الهجوم
ظهر العجز الهجومي للمنتخب الإسباني بشكل واضح في المباراتين اللتين لعبهما أمام المنتخبين الهولندي والتشيلي، ولم يستطع أن يسجل سوى هدف يتيم من ركلة جزاء نفذها تشابي ألونسو، وشدهت المباراتان عقماً هجومياً لدى المنتخب الإسباني في عدم فاعلية المهاجمين في صفوف المقدمة نتيجة للاختيارات السيئة في الهجوم من جانب ديل بوسكي وعدم توظيف المهاجمين بالشكل الصحيح، فمن المستغرب أن يتم استدعاء توريس إلى قائمة المنتخب رغم تواجد العديد من المهاجمين الإسبان، كما هو الحال بالنسبة لدييغو كوستا البرازيلي الأصل العائد من الإصابة والذي أظهر عدم خبرته في المجال الدولي رغم تألقه مع أتلتيكو مدريد.
الشرخ الدفاعي
إضافة إلى العجز الهجومي هناك شرخ فظيع أيضاً في الدفاع الإسباني الذي شهد سقوط حصون الماتادور في مباراتين فقط كانت كفيلة في إذلال حامل اللقب وإقصائه من البطولة، ويشار إلى أن المنتخب الإسباني تلقى 6 أهداف فقط في آخر ثلاث نسخ من أمم أوروبا، بينما تلقى 7 أهداف قاسية في مباراتين فقط خلال هذه البطولة، ويلاحظ أن أهم الفريق كان يعاني من الهبوط الكبير لمستوى بيكيه، بجانب ضعف الجانب الدفاعي لكل من ألبا وأزبولكيتا وهما ظهيران ذوا نزعة هجومية أكثر من دفاعية.
كثرة المحترفين في الدوري
ويرجع بعض المتابعين إلى أن كثرة المحترفين في الدوري الإسباني هي سبب تراجع المنتخب، ورغم سيطرة الأندية الإسبانية على أقوى البطولات الأوروبية وتواجد ناديين إسبانيين في نهائي دوري أبطال أوروبا وهم ريال مدريد وجاره أتلتيكو مدريد، بالإضافة إلى فوز إشبيلية بالدوري الأوروبي، مما جعل الكثير يعتقد بأن الإسبان سيدخلون كأس العالم بشراسة وسيكونون أحد أطراف المباراة النهائية، لكن المفاجأة جاءت وبددت تلك الأحلام، إذ إن نادي ريال مدريد بطل أوروبا يملك فقط 4 لاعبين إسبان في التشكيلة الأساسية، بينما وصيفه بالبطولة أتلتيكو مدريد لديه 3 لاعبين فقط، في الوقت الذي لاحظ الجميع اندثار مستوى التيكي تاكا في برشلونة.
طول وشراسة موسم الليغا
كما إن لطول الموسم الكروي المنصرم نصيب من أسباب تراجع المنتخب الإسباني، ناهيك عن المنافسة الشرسة التي شهدها الدوري بين أتلتيكو مدريد وبرشلونة وريال مدريد وحسم اللقب في الجولة الأخيرة من الدوري، بالإضافة إلى التعب الذي نال اللاعبين من المشاركات العديدة على المستوى الأوروبي، ورغم ذلك جاءت أغلب اختيارات ديل بوسكي من الفرق الإسبانية التي كانت أكثر الفرق الأوروبية تعباً من طول الموسم وكثرة المشاركات.