القاهرة - (وكالات): استقبــــل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساء أمس في مطار القاهرة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حيث أجرى الزعيمان مباحثات، في أول زيارة يقوم بها لمصر منذ سقوط نظام حسني مبارك عام 2011. كما تعد زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر، أول وأرفع زيارة لزعيم للبلاد بعد تنصيب السيسي رئيساً. وأظهرت لقطات تلفزيونية صعود كل من الرئيس السيسي ورئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي ومعهم السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان إلى طائرة العاهل السعودي. وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية فإن السيسي شكر العاهل السعودي على الدعم الذي قدمته بلاده لمصر في الآونة الأخيرة، مشيراً بالخصوص إلى اجتماع «أصدقاء مصر» الذي اقترحه العاهل السعودي لتعبئة الدعم الاقتصادي للقاهرة. كما بحث القائدان الوضع في سوريا والعراق وليبيا.
ورافق الملك عبدالله وفد يضم عدداً من المسؤولين السعوديين بينهم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ووزير المالية إبراهيم العساف ومسؤولون أمنيون.
وكان بيان لرئاسة الجمهورية المصرية أعلن في وقت سابق أن السيسي «سيستقبل خادم الحرمين الشريفين، الذي سيتوقف بالقاهرة في زيارة رسمية لجمهورية مصر العربية في طريق عودته للمملكة العربية السعودية قادماً من المملكة المغربية». وقال البيان إن مصر «تثمن مواقف جلالته والمملكة المؤيدة لإرادة مصر وشعبها». وذكر بيان عن القصر الملكي السعودي بثته وكالة الأنباء السعودية أن «الملك عبدالله سيقوم بزيارة رسمية الجمعة لمصر». من جهته، أكد السفير السعودي لدى مصر أحمد قطان أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للقاهرة تعد زيارة تاريخية كونها أول زيارة رسمية لزعيم إلى جمهورية مصر العربية بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر. وأشار السفير قطان إلى أن الزيارة لها دلالات وأبعاد ورسائل عديدة أولها تهنئة الرئيس المصري بمناسبة انتخابه، والأمر الثاني التأكيد على دعم المملكة العربية السعودية القوي لمصر وشعبها، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها جمهورية مصر العربية. وشدد قطان على أن المملكة العربية السعودية ومصر هما جناحا هذه الأمة ومن هنا تأتي أهمية هذه الزيارة لتنسيق كافة المواقف بين قيادتي البلدين، مؤكداً أن الاجتماع الذي سيعقد بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري يعول عليه الكثير في التفاهم والتشاور حول الأوضاع التي تشهدها المنطقة. وأوضحت صحيفة الحياة اللندنية، الصادرة في لندن، أن المباحثات سوف تتركز على كيفية ضمان نجاح مؤتمر «أصدقاء مصر» الذي اقترحه العاهل السعودي لحشد أكبر قدر من المساعدات الاقتصادية لمصر. وزيارة العاهل السعودي هي الأولى لزعيم عربي أو أجنبي لمصر بعد مراسم تنصيب السيسي في 8 يونيو الجاري والتي حضرها حضرة صاحب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، والعاهل الأردني، وأمير الكويت، ومثل السعودية حينها ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز.
وبعد دقائق من الإعلان رسمياً عن انتخاب السيسي، اعتبر العاهل السعودي ذلك اليوم «يوماً تاريخياً» لمصر واقترح عقد مؤتمر لمانحيها مؤكداً دعمه الكامل لها.
من جانبه، قال السيد أمين شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو مركز بحثي معني بالسياسة الخارجية مقره القاهرة، إن «الزيارة توجه رسالة تؤكد فيها على التأييد السعودي لمصر خاصة بعد وصول السيسي للرئاسة».
وأضاف «زيارة العاهل السعودي تبرز الدعم السياسي السعودي لمصر إضافة للدعم الاقتصادي والمالي. وهي رسالة لاستمرار الدعم السعودي والعربي بشكل عام لمصر». وقال فواز جرجس وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد إن «زيارة الملك عبدالله تشير إلى أن الرياض وضعت مصر في قلب سياسة إقليمية هدفها مواجهة نفوذ إيران».
وأضاف «السعودية تحاول بالأساس بناء جدار من الدول السنية العربية لردع النفوذ الإيراني في قلب المنطقة العربية». وتابع أن «الرياض تشعر بأن النظام العربي يتفكك. إذ إن كل من العراق وسوريا في دوامة حرب شاملة، والدولتان غير العربيتين إيران وتركيا توسعان نفوذهما». ومضى يقول «مصر في نظر القيادة السعودية يمكن أن تقوم بدور كبير يساعد في قيام قوة ردع عربية». في غضون ذلك، توقع خبراء ومحللون اقتصاديون استمرار الدعم السعودي لمصر خلال الفترة المقبلة، وأكدوا أن المملكة تؤكد باستمرار دعمها لتطلعات الشعب المصري، وذلك منذ الإعلان عن خارطة الطريق التي صاحبت ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة المالية المصرية والهيئة العامة للاستعلامات والجمعية السعودية المصرية، فقد بلغ إجمالي الدعم والمنح والتجارة البينية بين مصر والسعودية، إضافة إلى التجارة البينية بين البلدين أكثر من 23.55 مليار دولار تعادل ما يقارب 165 مليار جنيه. في سياق متصل، أكد مسؤول اقتصادي مصري، بوزارة الاستثمار، أن «مشروع الجسر البري بين مصر والمملكة السعودية، أصبح الآن على قمة جدول مباحثات التعاون الثنائي المشترك بين البلدين، وتم إحياء المشروع الحيوي الذي تم تجميده أكثر من 25 عاماً، وأن تعليمات القيادة السياسية في البلدين، تولي اهتماماً كبيراً لتنفيذه».
وقال المسؤول المصري، في تصريحات خاصة لصحيفة «العرب اليوم» الأردنية إن «هناك توافق بين القيادات السياسية في البلدين على أهمية وضرورة تنفيذ المشروع الحيوي، للربط البري بين البلدين، وهو في الوقت نفسه مشروع قومي يدعم الأمن القومي العربي». وكانت المملكة السعودية قد عرضت مشروع إنشاء جسر بري للمرور فوق خليج العقبة، على الحكومة المصرية، في عام 1988، للربط بين منطقة شرم الشيخ في جنوب سيناء، ورأس حميد في منطقة تبوك، وكان من المخطط أن يستغرق إنشاؤه 3 سنوات.