عواصم - (وكالات): عززت الفصائل العراقية المسلحة المناهضة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي مواقعها في الغرب، حيث سيطرت على مدن جديدة بمحافظة الأنبار الغربية في طريقها نحو بغداد، بينما برر جيش المالكي تراجعه أمام زحف الفصائل بذريعة «الانسحاب التكتيكي»، في الوقت الذي تراجع فيه المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي عن دعم التدخل الأمريكي بالعراق، بعد أيام من تصريحات القادة الإيرانيين التي عبروا فيها عن استعدادهم التعاون مع واشنطن لمحاربة التنظيمات المسلحة، واتهام الخارجية الإيرانية لأمريكا «بعدم جديتها في محاربة الإرهاب بالعراق». من جانبه، قال سفير المملكة العربية السعودية بالأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، إن «الخطوط الحمراء بالنسبة للرياض هي وحدة العراق وسيادته»، مؤكداً على «رسالة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والتي دعا فيها لحكومة عراقية تمثل وترقى بتطلعات الشعب العراقي بشكل كامل وتتجاوز الانقسامات الطائفية». في غضون ذلك، ذكرت مصادر لقناة «سي ان ان» الأمريكية أن «مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»» أصبحوا على بعد 112 كلم من السعودية والأردن».
ويسيطر مسلحون ينتمون إلى فصائل عراقية مختلفة، بينهم مسلحون من العشائر، وتنظيمات سنية، وعناصر من «حزب البعث» السابق، وعناصر من تنظيم «داعش» منذ أكثر من 10 أيام على مناطق واسعة شمال العراق ووسطه وغربه بينها مدن رئيسة مثل الموصل وتكريت.
وقد أعلنت «داعش»، أقوى التنظيمات الجهادية المتشددة التي تقاتل في العراق وسوريا، عن نيتهاالزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
وسيطر مسلحو العشائر أمس على مدينتين إضافيتين في محافظة الأنبار الغربية هما راوة وعنه القريبتين من القائم غرب بغداد والتي فرض هؤلاء سيطرتهم عليها أمس الأول بعد تراجع القوات الحكومية.
وقال شهود ومصادرأمنية إن المسلحين استولواعلى 3 مدن في محافظة الأنبار الغربية انطلاقاً من موقع على الحدود العراقية السورية استولوا عليه في الآونة الأخيرة وذلك في محاولة لإخراج القوات العراقية من المناطق السنية. ووسع المقاتلون نطاق سيطرتهم ليشمل مدن راوة وعانة على امتداد نهر الفرات شرقي القائم بالإضافة إلى بلدة الرطبة إلى الجنوب والتي تقع على طريق يؤدي إلى الأردن من بغداد.
وقالت مصادر أمنية إن المسلحين اجتاحوا معبر الوليد على الحدود العراقية السورية والواقع في محافظة الأنبار في غرب العراق مما يجعله ثاني معبر حدودي يسقط خلال يومين، موضحة أن «داعش» تسيطر أيضاً على معبر طريبيل الحدودي مع الأردن.
وقال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي في بغداد «كإجراء تكتيكي ولغرض إعادة انفتاح القطاعات في قيادة الجزيرة والبادية تم انفتاح هذه القطاعات في أماكن قوية لكي يكون هناك تأمين لمبدأ أساسي وهو القيادة والسيطرة».
وأضاف «هذا الموقف يخص راوة وعنه والقائم، والقوات الأمنية متواجدة لإعادة الانفتاح، ربما تنسحب من منطقة هنا لتقوية منطقة أخرى».
وتابع «هذا قرار اتخذه القادة، وهذا ما يطلق عليه إعادة انفتاح القوات، ونقول الإجراءات تسير بشكل جيد لتحشيد الإمكانيات وضمان قوة هذه المناطق، وانسحاب القطاعات هو لغرض إعادة الانفتاح».
وأكد مصدر عسكري وشهود عيان أن المسلحين سيطروا في الساعات الماضية على راوة وعنه بعد انسحاب القوات الحكومية منها.
وفي محافظة صلاح الدين، شنت القوات العراقية غارة على موقع لمسلحين وسط مدينة تكريت، ما ادى إلى مقتل عدد من الأشخاص، فيما صد مسلحون موالون للحكومة هجوماً على ناحية العلم شرق المدينة الواقعة على بعد 160 كلم شمال بغداد.
وأفاد شهود عيان بأن 7 أشخاص قتلوا وأصيب 13 في الضربة الجوية في تكريت التي ذكروا أنها استهدفت محطة لتعبئة الوقود.
وتخضع محطات الوقود لسيطرة الفصائل المسلحة الذين بدأوا منذ فترة بتنظيم توزيع المنتجات النفطية على المواطنين في الموصل شمال بغداد وتكريت.
من جهتها، أعلنت قناة «العراقية» الحكومية أن القوات الجوية العراقية وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب «نفذت ضربة جوية استهدفت مسلحي داعش في تكريت أسفرت عن مقتل «40 من مسلحي التنظيم.
وفي ناحية العلم الواقعة شرق مدينة تكريت، قتلت مستشارة محافظ صلاح الدين الشيخة أمية ناجي الجبارة بنيران قناص أثناء هجوم شنه مسلحون في محاولة للسيطرة على الناحية.
وقال مقدم في الشرطة إن «مسلحين شنوا هجوماً على الناحية من محورين والاشتباكات جارية».
وفي وقت لاحق، أعلنت مصادر أمنية وطبية أن المسلحين قتلوا 21 شخصاً من وجهاء راوة وعنه عن طريق اغتيالهم رمياً بالرصاص في الشوارع عقب انسحاب القوات الحكومية ودخولهم إلى المدينتين.
من جهة أخرى، قتل 6 أشخاص وأصيب 8 في منطقة قريبة من مدينة الرمادي غرب بغداد عندما فجر انتحاري نفسه في مجلس عزاء لعقيد في الجيش العراقي قبل أن تنفجر سيارة مفخخة في الموقع ذاته.
دبلوماسياً، يصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى عمان ليبحث مع نظيره الأردني ناصر جودة «التحديات الأمنية في الشرق الأوسط» بحسب دبلوماسي أمريكي، علماً أنه قام بزيارة مفاجئة لمصر لبضع ساعات.
وقال كيري في القاهرة إن الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن أزمة العراق وليس عليها «اختيار قادته»، داعياً المسؤولين في السلطة إلى تجاوز الانقسامات الطائفية.
وذكر أن الولايات المتحدة تريد أن يجد الشعب العراقي قيادة مستعدة لتمثيل كل العراقيين لكن واشنطن لن تنتقي أو تختار القيادة في بغداد.
وذكر مسؤول في الخارجية الأمريكية أنه أثناء الجولة في الشرق الأوسط ثم أوروبا «سنحث دول المنطقة التي لديها علاقات دبلوماسية مع العراق على أخذ التهديد بالجدية ذاتها التي نأخذه».
وأضاف «ثم سنؤكد على ضرورة أن يسرع القادة العراقيون في تشكيل حكومة» جامعة.
ولا تخفي الولايات المتحدة التي أعلنت استعدادها لإرسال 300 مستشار عسكري لمساعدة القوات العراقية مع استبعادها ضربات جوية طالبت بها الحكومة العراقية، انتقاداتها لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي كانت دعمته في أول انتخابات في 2006.
من جانبه، قال سفير المملكة العربية السعودية للأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، إن «الخطوط الحمراء بالنسبة للرياض هي وحدة العراق وسيادته»، مؤكداً على «رسالة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والتي دعا فيها لحكومة عراقية تمثل وترقى بتطلعات الشعب العراقي بشكل كامل».
وأضاف المعلمي «الحكومة العراقية أظهرت أنها غير قادرة على أن تكون حكومة لكل العراقيين، وأن مسيرات الدعم المسلحة بالعراق أمس لا يمكن أن تهدئ الأوضاع».
وتابع قائلا «مساعدة العراقيين لتجاوز الطائفية مهم جداً، وعندما نقول لا نريد تدخل أي أحد بالشؤون العراقية فإننا نشمل إيران كذلك».
وفي طهران، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني «الدول التي تدعم الإرهابيين».
من جهته أكد خامنئي «معارضته التامة» لأي تدخل أجنبي في العراق، منتقداً رغبة الولايات المتحدة في «الإفادة من جهلة ومتطرفين».
من ناحيته، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة في حديث مع شبكة «ان بي سي» الأمريكية من أن أي تدخل في الأزمة العراقية ينبغي أن لا يؤدي إلى تعزيز النفوذ الإيراني في البلد وعلى الساحة الدولية.