عواصم - (وكالات): أعلنت قوات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي نجاحها في وقف تقدم مسلحي الفصائل المناهضة لحكمه، غرب وشمال البلاد، بينما قتل وأصيب العشرات في غارات جوية على مدن عراقية، فيما تحدثت تقارير عن قصف تعرضت له مدينة القائم غرب بغداد بطائرات أمريكية دون طيار، الأمر الذي نفاه البيت الأبيض، قبل أن يحث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على الوحدة وتشكيل حكومة جديدة توقف زحف المسلحين، في الوقت الذي أكدت فيه الأمم المتحدة مقتل 1075 شخصاً وإصابة 658 خلال 17 يوماً من المعارك العنيفة بين المسلحين وقوات المالكي. ويشن مسلحون من فصائل عراقية ينتمون إلى تنظيمات مختلفة بينهم مسلحون من العشائر، وعناصر من «حزب البعث» السابق، إضافة إلى مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» هجوماً منذ نحو أسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه بينها مدن رئية مثل الموصل وتكريت شمال بغداد.وأكد تنظيم «داعش» أقوى التنظيمات المتشددة التي تقاتل في العراق وسوريا، نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.وأعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص قتلوا في العراق بين 5 يونيو و22 من الشهر نفسه مع سيطرة مسلحي الفصائل على أجزاء كبرى من شمال وغرب العراق.وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل للصحافيين في جنيف أن 1075 شخصاً قتلوا وأصيب 658 في البلاد مشدداً على أن هذه الأعداد «تعتبر عموماً الحد الأدنى».وعلى صعيد التطورات الميدانية، قال ضابط في الشرطة برتبة رائد إن «الجيش في حديثة شمال غرب بغداد تسانده قوات مؤيدة للمالكي صدوا هجوماً للمسلحين وأجبروهم على التراجع».وأضاف أن «الجيش ومؤيدين له شيدوا سواتر ترابية حول المدينة لمنع تقدم المسلحين».وتقع مدينة حديثة التي تضم أحد أكبر محطات الكهرباء في الأنبار على الطريق المؤدي إلى الرمادي غرب بغداد عاصمة المحافظة التي تسكنها غالبية من السنة وتشترك مع سوريا بحدود بطول نحو 300 كلم.ويحاول مسلحو الفصائل الزحف غرباً في الأنبار حيث تمكنوا من السيطرة على مدن القائم وعنه وراوة قبل أن توقف القوات الحكومية زحفهم في حديثة. وقصفت الطائرات العراقية جسرين حيويين على نهر الفرات قرب مدينة القائم شمال غرب بغداد كان يستخدمها المسلحون للانتقال من محافظة نينوى التي يسيطرون عليها إلى محافظة الأنبار.وشمال العراق، صدت القوات الحكومية هجمات جديدة على مصفاة بيجي قرب مدينة بيجي غرب بغداد والتي تعتبر أكبر مصفاة نفط في العراق، بينما قتل 19 شخصاً وأصيب 17 في غارات جوية شنتها القوات العراقية فجر أمس على أحياء في المدينة، وفقاً لمصادر مسؤولة وطبية.وقتل أيضاً 13 شخصاً هم 7 مسلحين و6 مدنيين في غارات مماثلة استهدفت مدينة القائم، وفقاً لما أفاد به شهود عيان.من جهته، نفى البيت الأبيض، قيام طائرات أمريكية بشن هجمات في العراق.وكانت قناة «العراقية»، قد بثت الخبر، نقلاً عن مسؤولين مقربين من المالكي، وذكرت أن الغارات نفذتها طائرات بلا طيار واستهدفت مدينة القائم العراقية على الحدود السورية، الأمر الذي نفته العشائر في المنطقة.واغتال مسلحون مجهولون رئيس مجلس مدينة كركوك منير القافلي وسط المدينة الواقعة شمال العراق بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية. في الوقت ذاته، قررت الحكومة العراقية في جلستها الأسبوعية وقف صرف رواتب موظفيها في المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين، على أن تجمع هذه الرواتب وتصرف لهم بعد انتهاء «العمليات الحربية».سياسياً، أكد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اربيل أن الهجوم الواسع الذي يشنه المسلحون شمال وغرب وشرق البلاد خلق «واقعاً جديداً وعراقاً جديداً».وقال كيري من جهته إن «تحدي تشكيل الحكومة هو التحدي الرئيس الذي نواجهه»، داعياً بارزاني إلى العمل مع قادة البلاد على ترسيخ الوحدة فيما بينهم في هذا «الوقت الحرج» للعراق. وأجرى كيري في زيارته التي لم يعلن عنها مسبقاً إلى أربيل محادثات مع المسؤولين الأكراد بعد يوم من زيارته بغداد ولقائه بعدد من المسؤولين العراقيين بينهم رئيس الوزراء نوري المالكي.وكيري أول وزير خارجية أمريكي يزور إقليم كردستان منذ الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس في عام 2006 حين كانت البلاد غارقة في حرب طائفية بين السنة والشيعة قتل فيها الآلاف.وأعلنت الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من هذا البلد نهاية عام 2011 بعد 8 سنوات من اجتياحه، استعدادها لإرسال 300 عسكري بصفة مستشارين، والقيام بعمل عسكري محدود ومحدد الهدف، علماً بأن طائراتها تقوم بطلعات جوية في أجواء العراق.وتعهد كيري في بغداد بأن تقدم بلاده دعماً «مكثفاً ومستمراً» للعراق في مواجهة «التهديد لوجوده» الذي يمثله هذا الهجوم، داعياً قادة البلاد إلى الوحدة حتى يصبح هذا الدعم «فعالاً».ومنذ بدء الهجوم، تولت قوات البشمركة الكردية مسؤوليات أمنية إضافية في ظل انسحاب الجيش العراقي من عدة مواقع في شمال العراق وشرقه، حيث بسطت خصوصاً سيطرتها على مناطق متنازع عليها مع الحكومة المركزية، على رأسها مدينة كركوك شمال بغداد الغنية بالنفط.وقال بارزاني في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» قبيل لقائه كيري «قمنا بكل ما نستطيع القيام به على مدى الأعوام العشرة الماضية لبناء عراق ديمقراطي، إلا أن هذه التجربة وللأسف لم تنجح». وأضاف رداً على سؤال حول إمكانية أن يحاول الأكراد إعلان استقلالهم في ظل هذا الوضع أن على «شعب كردستان أن يحدد مستقبله ونحن سنلتزم بقراره»، معتبراً أن «العراق يتهاوى على كل حال، ومن الواضح أن الحكومة الفيدرالية أو المركزية فقدت السيطرة على كل شيء».
970x90
970x90