عواصم - (وكالات): حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خصومه السياسيين من توظيف الهجوم الواسع الذي يشنه مسلحو فصائل عراقية للإطاحة به، مكرراً تمسكه بأحقيته في تشكيل الحكومة المقبلة رغم الضغوط والانتقادات الداخلية والخارجية التي يواجهها، مستبعداً تنحيه عن السلطة، ورفضه لتشكيل حكومة إنقاذ، بينما أكد «رئيس مجلس محافظة الأنبار مقتل عشرات المدنيين في غارات لجيش الأسد على أهداف عراقية».
في الوقت ذاته، بدأت الدفعة الأولى من المستشارين العسكريين الأمريكيين عملها في العراق لمساعدة القوات الحكومية في وقف زحف مسلحي الفصائل العراقية. في موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه سيزور السعودية غداً لإجراء محادثات مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز حول الأزمة في العراق. وعلى هامش محادثات الحلف الأطلسي في بروكسل، أعلن كيري عن إضافة السعودية إلى جولته الحالية السريعة في المنطقة، وقال إنه سيؤكد على «الضرورة الملحة» لمعالجة النزاع في العراق ويطلع المسؤولين السعوديين على نتائج زيارته إلى بغداد واربيل هذا الأسبوع.
وصرح كيري في مؤتمر صحافي أنه سيناقش في السعودية «كيفية مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم «داعش»، إضافة إلى مناقشة دعمنا للمعارضة المعتدلة في سوريا».
وقال المالكي في خطابه الأسبوعي «ليست خافية الأهداف الخطيرة التي تقف خلف الدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني كما يسمونها فهي محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين». وأضاف «ما يردده المتمردون على الدستور برفض الحديث عن العراق ما قبل نينوى وأنه يختلف عن عراق ما بعد نينوى تقسيم خاطئ لا يعبر عن أدنى مسؤولية وطنية وهو محاولة لاستغلال ما تتعرض له البلاد من هجمة إرهابية لتحقيق مكاسب سياسة فئوية ضيقة».
وتابع أن «الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تمثل انقلاباً على الدستور والعملية السياسية».
ويشن مسلحو فصائل عراقية مختلفة ينضمون لتنظيمات مناهضة لحكم المالكي، بينهم مسلحون من العشائر، وعناصر من حزب البعث السابق، إضافة إلى مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» هجوماً منذ أكثر من أسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه بينها مدن رئيسة بينها الموصل في محافظة نينوى وتكريت في صلاح الدين شمال العراق.
ودعا كيري قادة البلاد خلال زيارته للعراق إلى الوحدة وإلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة جامعة، معتبراً أن مسألة تشكيل الحكومة تشكل «التحدي» الأكبر في الوقت الحالي لمواجهة زحف المسلحين. واليوم حصل الهجوم الواسع لهؤلاء المسلحين على زخم إضافي مع إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان أن فصيل جبهة النصرة «الفرع السوري لتنظيم القاعدة» في البوكمال، أكبر مدينة على الحدود السورية العراقية، بايع «داعش». وتسمح هذه الخطوة لتنظيم «داعش» بأن يكون موجوداً على جانبي الحدود بما أنه يسيطر أصلاً على بلدة القائم شمال غرب بغداد الحدودية في محافظة الأنبار في غرب العراق والمقابلة لمدينة البوكمال السورية. وسبق أن قام مسلحو التنظيم بإزالة الحدود من مناطق حدودية في محافظة نينوى التي يسيطرون على أجزاء كبيرة منها ونشروا صوراً تظهر قيامهم بنقل آليات عسكرية إلى داخل سوريا استولوا عليها لدى مغادرة الجيش العراقي للموصل والمناطق المحيط بها إثر بدء زحف المسلحين.
وهاجم المسلحون قاعدة عسكرية في قضاء بلد الواقع على بعد 70 كلم شمال بغداد، إلا أن القوات العراقية تمكنت من صد هجماتهم، بحسب ما أفادت مصادرة أمنية ومحلية.
وفجر عناصر تنظيم «داعش» حسينيتين شيعيتين في قريتين تركمانيتين شمال العراق، بحسب ما أفاد مسؤول تركماني محلي في المنطقة.
في سياق متصل، كشفت مصادر غربية أن كل المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن سلاح الجو السوري قام بتوجيه ضربات لأهداف داخل الأراضي العراقية. وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن هذه الضربات استهدفت أسواقاً ومحطات للوقود، الأمر الذي أدى إلى مقتل 57 شخصاً وجرح 120 آخرين. وتأتي هذه الأنباء بعد أن قال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت إن 57 شخصاً قتلوا نتيجة غارات شنتها طائرات تابعة لسلاح الجو السوري، على مناطق وأهداف في محافظة الأنبار، الأمر الذي نفته دمشق في وقت لاحق.
وفي وقت لاحق، كشف مصدر أمريكي عن قيام إيران بتسيير طائرات دون طيار لأغراض المراقبة فوق العراق.
وأوضح المصدر أنه لايزال مكان إقلاع هذه الطائرات غير معلوم، ولا يُعرف إن كانت تأتي من إيران أم من قاعدة جوية داخل الأراضي العراقية، في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن هذه الطائرات تقلع من قاعدة جوية في بغداد.
في شأن متصل، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن «إيران نشرت سراً طائرات مراقبة بدون طيار في العراق حيث ترسل أيضاً معدات عسكرية جواً لمساعدة بغداد في معركتها ضد الفصائل المسلحة».
في موازاة ذلك، أكد المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا بدء أول دفعة من المستشارين العسكريين الأمريكيين اجتماعاتها مع «مختلف القيادات» العراقية، قائلاً «نأمل أن يكون هناك تدخل حقيقي» يوفر «مساعدة حقيقية للعراق».
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن أول دفعة من المستشارين العسكريين الأمريكيين البالغ عددهم الإجمالي 300 مستشار انتشرت في بغداد لمساعدة القوات العراقية في قتالها ضد المسلحين. وقال الكولونيل البحري جون كيربي إن «هذه الفرق ستجري تقييماً لتماسك واستعداد قوات الأمن العراقية، وستقوم باستئجار مقر في بغداد وتدرس أكثر الطرق فعالية لإحضار مستشاري متابعة»، لافتاً إلى أن المستشارين سيرفعون النتائج إلى القادة «خلال أسبوعين أو ثلاثة». وشدد على الدور «الاستشاري» لهؤلاء العسكريين الذين تتمثل مهمتهم الأساسية في تقييم حالة القوات العراقية وليس مهاجمة المقاتلين، موضحاً «لن نهرول لنجدة» القوات العراقية.
من جهته، أكد قائد قوات حرس الحدود الأردني العميد الركن صابر المهايرة أن قوات بلاده قادرة على تأمين حدودها مع العراق من «أي اعتداء». إنسانياً، أعربت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» عن أسفها لأن الاحتمالات المشجعة لموسم الحصاد في العراق تضررت بسبب النزاعات التي تعرض الأمن الغذائي للخطر. ميدانياً، قتل 3 أشخاص وأصيب 15 في انفجار سيارة مفخخة في حي كردي شمال مدينة كركوك. كما قتل 6 أشخاص وجرح 21 في غارة شنتها طائرة مروحية تابعة لسلاح الجو العراقي على منطقة انه في محافظة الأنبار، بعد أن أطلقت صاروخين استهدفت فيهما مسجداً ومنزلاً مجاوراً له.
من جهة أخرى، هدد مؤيدون للمسلحين بمهاجمة الأمريكيين في حال توجيه ضربات جوية أمريكية ضدهم بالعراق.
ودعا حساب على تويتر «لرابطة الأنصار» اجتذب 21 ألف شخص لمتعاطفين مع «داعش» إلى نشر تغريدات تحذر أمريكا من تنفيذ ضربات جوية.