كتب ـ أحمد الجناحي ونور القاسمي:
بعد انقطاع طويل للمسلسلات التلفزيونية دام سنــوات، يعـــود «برايحنــــا» بالدرامــــا البحرينية لمجدها الأول، ويركز على مفردات من التراث البحريني، في المأكل والمشرب والملبس وحتى كلمات قل استخدامها وطواها النسيان.
يعود «برايحنا» عبر شاشة تلفزيون البحرين رمضان المقبل بالذاكرة إلى «البيت العود» و«فرجان لول» و«ملفى الأياويد» و«حزاوي الدار» و«نيران»، إلى مسلسلات وأعمال درامية مازالت عالقة في أذهان الجمهور.
صمم منتجو العمل قرية تراثية لتصوير مشاهد المسلسل، قاربت في شكلها وديكورها بحرين الخمسينات، بدكاكينها وأسواقهــا الشعبيــــة الضيقـــة، ومقاهيهـــا المنتشرة بين الفرجان والأحياء السكنية هنا وهناك، وبيوتاتها القديمة الدافئة، وشوارعها ودواعيسها الملتفة المتربة.
المخرج جمعان الرويعي المشهور باسم «سعدون» يراهن على نجاح المسلسل وجماهيريته، بمشاركة كوكبة من النجوم والعاملين في المسلسل يتقدمهم المؤلف راشد الجودر والمصور عبدالرحمن الملا، والمسلسل من إنتاج تلفزيون البحرين وشركة «إن فوكس» للإنتاج الفني.
إلى فرجان «لول»
مخرج العمل جمعان الرويعي يحرص من خلال عمله الجديد، على توجيه رسائل مختلفة وعديدة تخدم المجتمع وتذكره بماضيه الجميل، ومن خلال 30 حلقة تبدو غير متصلة ظاهرياً رغم أنها تشكل كلاً متكاملاً، يستحضر ماضي البحرين بتفاصيله، بفرحه وشقائه، بحلوه ومره، بأسوده وأبيضه، ليقول لنا إن البحرين كانت هكذا.
ويقول الرويعي «مسلسل برايحنا يوجه رسائل مباشرة بقالب درامي، وعبر 30 حلقة منفصلة، يقدم في كل منها رسالة وفي كل مشهد هدف، تلك الرسائل والأهداف يجب أن تصل بأسلوب مبسط وسهل يفهمها ويستوعبها الكل دون النظر لمستوياتهم المعرفية وفئاتهم العمرية».
ويسلط الرويعي في عمله الضوء على المصطلحات التراثية الدارجة في البحرين قديماً بعد اندثار مثـــل «الفتـــان»، «اللجة»، «خجري ونشيط»، «المغندم»، ليرسخها ويعيد إحياءها بشكل مبتكر ضمن سياق الحلقة ويضيف «الدور بحد ذاته يشرح هذه المصطلحات ويقربها من الأذهان ويمثلها.. هذه ميزة العمل ومحوره الرئيس.. هو استعادة مبتكرة لأعمال درامية مثل فرجان لول وحزاوي الدار».
باب لاحق للنقاش
يمتاز العمل -حسب الرويعي- رغم حلقاته المنفصلة بتسلسل منطقي لفكرته الرئيسة، ويقحم المشاهد في تفاصيله وحيثياته، وينقله دون أن يشعر إلى زمان «لول».
ولا يخفي الرويعي دور كاتب النص راشد الجودر في ربط مشاهد الحلقة بشكل مبتكر، لتتكامل مع باقي الحلقات ويبدو معها العمل كتلة واحدة لا تتجزأ، ويحقق هدفه الأساس في توعية الجيل الجديد بمصطلحات غابت عنا ونسيناها، ومازال قليلون يتداولونها ويستخدمونها في أحاديثهم.
ويقول الرويعي إن العمل يفتح باباً واسعاً للنقاش والجدل والبحث طيلة مدة عرض المسلسل وما بعده، عن معاني المصطلحات الدارجة على ألسنة أبطال العمل، حتى يبدأ المشاهد نفسه في استخدامها في حديثه اليومي وتدخل ضمن مصطلحاته الخاصة دون قصد. ويمثل المخرج في حلقتين من المسلسل ويصف هذه التجربة «هذه أول تجربة إخراجية لي في البحرين، أعمالي الـ6 السابقة صورت خارج المملكة، لذلك سخرت كل جهودي ليخرج العمل بشكل متكامل وراق يلبي التطلعات، وبعد إصرار وإلحاح لأمثل في المسلسل اخترت شخصيتين، إحداهما في حلقة «المغندم» وتحكي عن شخص عبوس بسبب ظرف معين، ودور آخر ثانوي أعجبني نصه».
ولا يغفـــل المخرج عن دور كل القائميــــن على العمل وفي مقدمتهم المخرج المنفذ عبداللطيف الصحاف، والمصور عيسى الملا، وخالد العميري «شيبتنا»، ويعد الرويعــــي أن يخرج المسلسل بصورة تشرف الفن البحريني والخليجي.
الكوميديا حاضرة
الفنان علي الغرير المشهور بـ»طفاش» يشارك في أدوار البطولة بالمسلسل، وعبر عن سعادته بالمشاركة بالعمل التراثي «برايحنا» ويقول «بداية مشواري الفني كانت في الأعمال الشعبية التراثية، تعلمنا منها مهناً وحرفاً ومفردات وطريقة حياة سادت يوماً من الأيام.. المشاهد الخليجي اليوم يسأل عنها ويطالب بها في شاشته، لأنها تذكره بأيام زمان وحكايا الجدات وقصصهن».
ويجد «طفاش» العمل الجديد مدرسة لتعريف الجيل الحالي بتراثه وتاريخه وحضارته «اللبس التراثي يستعيد مجده من خلال المسلسل، الفتيات يرتدين البخنق والشباب الثوب والسديري».
ويشارك الغرير في مجموعة حلقات منها دور «النوخذة»، ويقدم أدواره بقالب الكوميديا خلافاً لمألوف أدواره في مسلسلات مثل «طفاش» ويقول «التميز بالأعمال التراثية جعلنا في القمة، وخلطة البحرين السرية لم يكشف الستر عنها حتى الآن، وهذا سر تميز أعمالنا الدرامية». وانتهى الغرير من تصوير مسلسل «لولو مرجان» الذي يعرض على قناة أبوظبي بمشاركة الفنانين سعاد علي، خليل الرميثي، أميرة محمد، أمين الصايغ، وضيف الشرف جابر نغموش.
التراث أولاً
الفنانة في الشرقاوي تعود لساحة الدراما البحرينية مع «برايحنا»، بعد انقطاع دام 3 سنوات وتقول «مع عودة الإنتاج الفني البحريني عدنا للشاشة الصغيرة، عدنا لبرايحنا وبخانقنا ولبسنا التراثي، وبيوتنا القديمة وأحلامنا العتيقة ورفقائنا الأول».
وتجد في بالأعمال التراثية «أكثرها مكانة في قلوبنا.. هي تنقل هويتنا ولجهتنا الأصلية وعاداتنا وتقاليدنا، تظهر صورة البحرين الجميلة على حقيقتها، لأن محاولة التشويه المتعمدة للواقع في بعض المسلسلات يجب ألا تخرج من فنان واعٍ ولا من مواطن صالح يدعي الانتماء».
وتدعو في فناني البحرين وعموم مواطنيها، إلى عكس الجانب الإيجابي المشرق من صورة الوطن وتضيف «حتى لو كانت هناك مشكلات وعيوب يجب ألا نحولها إلى ظاهرة يرفضها المجتمع ولا تستسيغها الشاشة الصغيرة».
صراع الشر والخير
الممثل الكبير مبارك خميس يشارك بأكثر الأدوار المحببة إليه بالمسلسل، يجسد شخصية شريرة همها إشعال الفتن والإيقاع بين الناس ويقول «أقرب الشخصيات وأحبها إلى قلبي شخصية الشرير في حلقة (السبوس)» ويضيف «علاقة الناس قديماً كانت أقوى وأشد ترابطاً، والمسلسل يعود بنا إلى ذاك الزمان، حيث الناس يحبون بعضهم بعضاً، ويتعاونون على مواجهة مصاعب الحياة».
الفنان عبدالله سويد يشارك في المسلسل من باب حبه للأعمال التراثية الخليجية عموماً «أتلهف لكل عمل مماثل، رسالة مسلسل واضحة وصريحة، شخصيات ذاك الزمن لآبائنا وأجدادنا تعود من جديد، هي دعوة لحفظ التقاليد والمثل والأعراف، والابتعاد عن شخصيات مثل (البحيم) والتقرب من (التكانة) مثلاً».
يجسد سويد في «برايحنا» العديد من الأدوار منها «الفسقان» عبر شخصية عثمان إلى جانب أحمد المجلي وسامي رشدان وعلي الغرير، ويضيف سويد «أفضل الأدوار التي تلقى قبولاً وتجاوباً لدى جمهور المشاهدين، تلك التي تنطوي على خفة دم وكوميديا مثل دور يوسف في (خجري ونشيط)، لأن كاركتر يوسف في شكله الغبي على عكس حقيقته النابغة الذكي اللماح تجذب المشاهد، ووجود طاقم من الفنانين الكبار والمبدعين يدفع الفنان لإعطاء أفضل ما عنده».