قال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إن تقديرات ميدانية وقانونية وسياسية واجتماعية اتخذت خلال فترة الأحداث لمواصلة احتواء الموقف وإفشال محاولات التصعيد، وأن عمل الوزارة لم يكن ردود فعل وإنما اعتمد على رؤيا واضحة المعالم والأهداف تتمثل في التواجد والصمود والسيطرة على المواقف واستخدام القوة بالقدر المناسب لحفظ الأمن، وتجنب محاولات الاستدراج الخطيرة.
وأشار الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في كلمة له لدى لقائه أمس نخبة من علماء الدين وأعضاء من مجلسي الشورى والنواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين ورؤساء تحرير الصحف وممثلين للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى عدد من أصحاب المجالس والوجهاء ورؤساء المراكز والجمعيات الشبابية، إلى أن بعض الجماعات والأفراد لم تستوعب الوضع الحضاري ومازالت تعتقد بأنها يمكن أن تنظم نفسها، وتمارس نشاطها خارج كيان الدولة وهذا أمرٌ مخالف للقانون وغير ممكن في ظل حضور الدولة المدنية وفي هذه الحالة سوف يتم معالجة الأمر بطبيعة الحال بالقانون.
وأوضح وزير الداخلية أنه إذا كانت المرحلة السابقة تطلبت جهداً أمنياً لاحتواء الموقف فإن رؤيتنا في المرحلة المقبلة هي التركيز على استخدام وسائل التأثير السلمية لتحقيق الأمن وتثبيته من خلال برامج سياسية وشبابية وإعلامية واجتماعية يشارك فيها الجميع من أجل الوطن واحترام وحدته وثوابته، لأن في ذلك حماية لمصالحنا الوطنية في الحاضر والمستقبل.
وقال، خلال اللقاء بحضور مستشار جلالة الملك المفدى لشؤون الشباب والرياضة صالح بن هندي، ووزير الدولة للشؤون الداخلية اللواء عادل الفاضل ورئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن ومحافظي المحافظات الخمس، إنْ كنا نتوخى النجاح فإنه يجب أن نبتعد عن الديمقراطية الطائفية وأن تكون ديمقراطيتنا وطنية ومن خلال ما يتم التوصل إليه من توافق وطنـي تحت قبة البرلمان ولا شك فإن تحقيق التوافق الوطني هو لتحاشي الاصطفاف الطائفي وأن يكون التعاطي مع القضايا المطروحة منطلقاً من حس وطنـي، وإن التطبيقات الديمقراطية يجب أن تكون واقعية تخدم المصلحة الوطنية العليا.
وعبر الوزير في مستهل اللقاء عن شكره وتقديره لكافة الحضور، وحرصهم على التواصل في كل ما من شأنه حماية الصف الوطني وتعزيز السلم الأهلي، مباركاً للجميع حلول شهر رمضان الفضيل.
وكشف وزير الداخلية عن وجود خطة قادمة تتركز على عقد لقاءات مع جهات وفئات المجتمع تحقيقاً للأمن الاجتماعي، مشيراً إلى أن «ثقة المواطن تزيد كل يوم في الاستقرار، وأن «المؤشرات طيبة».
وذكر أن كأس العالم ساعدنا كثيراً فإذا لعبت برشلونة لا نجد المخربين بالشارع، مضيفاً «لا بد من علاج هؤلاء الشباب، فهم يستخدمون سلاحاً خطيراً».
وأكد أن وزارة الداخلية لديها أرقام وتحليلات لما يحدث في البحرين يتم عرضها لمن يأتي من الخارج.
وأشار إلى أنهم يتحركون بالأسلوب ذاته الذي تمت زعزعة الأمن والاستقرار به، من خلال «منظمات حقوق الإنسان» و»الإعلام».
وشدد على أن منظمات حقوق الإنسان لم تعد «تخيف البحرين» وهي تستقبلهم حيث ليس لديها ما تخفيه، وخلال زيارات تلك المنظمات للبحرين يتبين الصدف من الافتراء، مشيراً إلى أن المنظمات الحقوقية ليس لها تأثير كالسابق.
مرحلة تضميد الجراح
وقال الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إنه «من منطلق الشراكة الأمنية المجتمعية ارتأيت في هذا الظرف الدقيق، أن أتحدث معكم في الشؤون الأمنية، والتي هي بطبيعة الحال تعنينا جميعاً».
وأضاف أننا «اليوم على بُعد أكثر من ثلاث سنوات من فبراير 2011 والصورة العامة للموقف أصبحت أكثر وضوحاً عن تلك التي رسمتها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية حينذاك، وكما تعلمون أيها الإخوة فإن الصورة الإعلامية لا تحتاج إلى وقت طويل لرسمها، ولكن تصحيحها يحتاج إلى وقت أطول بكثير، وأن أهم الأمور التي تساعد في إظهار الحقيقة هو الثبات على الحق، والتمسك بالقانون».وأشار إلى أنه مرت علينا أيام مؤلمة لم نتمناها للبحرين ولا لأي بلد، فلقد عاش المواطنون الآمنون حالة من الذهول والخوف وخيبة أمل نحو بعض المواقف، ولا أريد أن أخوض في تلك المرحلة التي عشنا تفاصيلها، فإننا في مرحلة تضميد الجراح وليس فتحها من جديد.وذكر «أشكر المولى عز وجل كل يوم أنْ لنا قائداً وطنياً كبير المقام، ثبت على الحق وثبتّ الموقف، وجنبنا بحكمته من الدخول في صراع أهلي لا تحمد عقباه، فشكراً لكم سيدي حضرة صاحب الجلالة وحفظكم الباري سنداً وذخراً لهذا الوطن، والشكر موصول للمواطنين الأعزاء ولكل من ساهم في حفظ الأمن في الداخل والخارج من الدول الشقيقة»، مضيفاً أنه «لو فلت منا زمام الأمور لا قدر الله لكنا اليوم في وضع مختلف كلياً. والأمثلة مع الأسف ليست ببعيدة ومن سيكون الملام على هذا الأمر؟ وهذه التطورات الخطيرة تحدث إما بأسباب فقدان القيادة أو انعدام السيطرة على الموقف، ولا أحد ممكن أن يتكهن ويقدر حدودها ومدى حجم ضررها على المجتمع».
إفشال محاولات التصعيد
وأشار وزير الداخلية إلى أنه تبع مرحلة الضبط والسيطرة الأولى مرحلة دقيقة تداخل في تطبيقها الكثير من التقديرات الميدانية والقانونية والسياسية والاجتماعية والتي تم اتخاذها في تلك الفترة لمواصلة احتواء الموقف وإفشال محاولات التصعيد، مؤكداً «لم يكن عملنا في هذه المرحلة ردود فعل، وإنما اعتمد على رؤيا واضحة المعالم والأهداف تتمثل في التواجد والصمود والسيطرة على المواقف واستخدام القوة بالقدر المناسب لحفظ الأمن، وتجنب محاولات الاستدراج الخطيرة».
وأوضح أنه رغم الوضوح في ضرورة التمسك بالقانون؛ فإننا نرى بعض الجماعات والأفراد لم تستوعب هذا الوضع الحضاري ومازالت تعتقد بأنها يمكن أن تنظم نفسها، وتمارس نشاطها خارج كيان الدولة وهذا أمرٌ مخالف للقانون وغير ممكن في ظل حضور الدولة المدنية وفي هذه الحالة سوف يتم معالجة الأمر بطبيعة الحال بالقانون. وقال «مازلنا نتذكر التجربة التي عشناها جميعاً، وكيف تحولت الفوضى إلى عنف وتخريب وتطورت إلى تفجير وقتل لتشكل حالة إرهاب، والنتيجة والمحصلة الوطنية كانت سلبية، ولنا أن نتساءل أين أوصلتنا هذه البذرة السيئة؟ وماذا جنينا من حصادها؟ وليقيم كل من اقتنع بهذه الفكرة الهدامة ماذا ربح؟ وماذا خسر؟ أترك إلى كل شخص الإجابة على ذلك بينه وبين نفسه في مصارحة مع الذات، وأنا أعرف كما تعرفون أن كلام مجاملة الشارع قد يكلف صاحبه ثمناً كان في غنى عنه، لأنه ليس مقتنعاً به أصلاً».
وأضاف «أود أن أؤكد لكم أيها الإخوة بأن إحساسنا المشترك نحو أبناء الوطن يدفعني للقول بأن البحرين خسرت كل قطرة دم أُريقت في تلك الأحداث، ونحن اليوم ننظر بثقة إلى المستقبل، فعجلة الموقف تحركت وقطعت مراحل من الإنجاز، بالرغم من وجود من ظل يتحرك في دائرة التطرف وإنه من المهم أن تكبر الدولة على الحدث حتى تستمر حركة الحياة ويجب ألا تتوقف مسيرة النهوض بسبب من اختار لنفسه أن يتأخر، ولكن سوف تكون هناك أبواب مفتوحة لمن أراد أن يتبع».
العروبة تنتحر لأسباب طائفية
وقال الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة «لا يخفى عليكم ما نشاهده ونسمعه من نشوب أحداث ونزاعات إقليمية ودولية مؤسفة، فقد كنا بالأمس القريب ننظر إلى ما يحدث في سوريا وقد حذرنا من أثر ذلك على أمننا الوطني، واليوم نرى بكل أسف قتالاً طائفياً في العراق بين أشقاء عرب ومسلمين، إنها العروبة تنتحر لأسباب طائفية»، مشيراً إلى أنه «نتج عن ذلك هنا اختلاف في وجهات النظر حول ما يجري ونحن نراقب الأمور ونقف بحزم ولن نسمح بتفشي هذا الخطر الطائفي الذي يهدد سلامة الناس ويهدد وحدتنا وثوابتنا الوطنية، ونحن والحمد لله قد اجتزنا تحديات خطيـرة سابقة بفضل تمسكنا بمبادئنا الوطنية».
وأوضح الوزير أن الأصوات الطائفية تعالت وانتشرت مشاعر لا تخدم الوطنية ومن المؤسف أن نسمع من البعض من يتحدث عن التفرقة بين طائفة وأخرى، وهذا أمر في غاية الخطورة، فدستورنا وقوانيننا لا تميز بين أبناء الوطن الواحد.
ودعا ليكون شعار البحرين أولاً برنامج عمل وطني يعزز المناعة الوطنية ضد أسباب الاختلاف، فلدينا والحمد لله ثوابت وطنية واضحة أجمعنا عليها وعادات كريمة وتقاليد أصيلة اتسم فيها المجتمع البحريني، وهي تمثل أسساً حميدة في التعايش السلمي.
وقال إن ما طالعتنا به وسائل الإعلام مؤخراً من معلومات مهمة تم الكشف عنها حول برامج تغيير الأنظمة في المنطقة، فإن هذا الأمر سوف لن يربكنا من جديد، ولكننا سنتعامل معها بكل جدية للوقوف على أبعاد تلك المفاهيم والأهداف التي ترمي إليها.
وأضاف «أعلم أنكم تفرحون بأن الوطن قد تعافى والحمد لله، وأن عجلة النمو قد تحركت حيث تشير الإحصاءات والبيانات إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من (9,871) بليون في عام 2012 إلى (10,207) بليون، وزيادة معدل النمو الاقتصادي بنسبة 5,4% بعد أن كانت 2,7%, كما بلغ عدد الزائرين للبحرين عام 2012م (8151890) زائر، في حين كان عدد الزائرين في عام 2010م (5563336) زائراً، وفي عام 2013م بلغ عدد الزائرين (8132543) زائراً وهذا يدل على استقرار المملكة وازدهارها».
مهمتنا وطنية تخدمكم
وتحميكم جميعاً
وقال وزير الداخلية إننا مقبلون على مرحلة مهمة جداً يجري فيها الحديث عن أجواء الانتخابات البرلمانية والبلدية والتي ستجري بإذن الله نهاية هذا العام، وهنا نأمل من الجميع المشاركة الفاعلة فيها.
وفيما يتعلق بالحوار أشار إلى أن هنالك رأيين، رأي متشدد وآخر معتدل توافقي، فإذا طغى الرأي المتشدد احتجنا مع ذلك إلى مزيد من الوقت، وقد تكون هناك خسائر ومواقف غير متوقعة. وفي حالة تقدم الرأي المعتدل حصلنا على توافق وطني واستكملنا المسيرة. والبحرين بحمد لله وبفضل قيادتها الحكيمة وإرادة شعبها الأصيل ماضية في طريقها نحو المستقبل.
وتوجه بالشكر إلى مجلسي النواب والشورى على تمرير قانوني المرور والدفاع المدني لما لهما من علاقة بحياة الناس وسلامتهم، وسوف تقوم وزارة الداخلية بالتعريف بقانون المرور وتطبيقه، وبما ينعكس بشكل واضح على انضباط الناس والتعاون من أجل سلامتهم وتكريس الثقافة والعادات المرورية الصحيحة.
وأكد وزير الداخلية أن المرحلة المقبلة تتطلب منا التحرك في اتجاه واحد، إن تفرقنا أو اختلفنا. إن هذا يعتمد إلى حد كبير على ما نعكسه من انطباع للعالم. لقد كان التباين واضحاً في بعض الأمور على سبيل المثال؛ بينكم من خاطبنا عن هيبة الدولة والإجراءات اللينة وصوت آخر يقول إن هناك استخداماً مفرطاً للقوة.
وأضاف «لقد كانت مهمتنا وطنية تخدمكم جميعاً وتحميكم جميعاً، مهمتنا هي حفظ أمن البحرين، والمرحلة المقبلة تتطلب تقارباً وإخلاصاً وطنياً يحرص على سلامة البحرين وعروبتها، ولكم منا الوفاء والإخلاص».