عواصم - (وكالات): أقر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمرة الأولى بأن «العمليات العسكرية ضد المسلحين يجب أن تترافق مع حل سياسي في البلاد»، فيما أكد أن «قوات الرئيس بشار الأسد قصفت مواقع للمسلحين على الحدود بين سوريا والعراق»، مشيراً إلى أن «حكومته اشترت طائرات حربية مستعملة لضرب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»». في غضون ذلك، يستعد البرلمان الجديد لعقد أولى جلساته الثلاثاء المقبل لتشكيل حكومة جديدة، في الوقت الذي واصلت فيه قوات المالكي صد هجمات المسلحين بمدينة حديثة غرب العراق ومصفاة بيجي في شماله، بينما قامت قوات خاصة بعملية إنزال في جامعة تكريت واشتبكت مع مسلحين فيها قبل أن تسيطر على الجامعة. من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من بغداد أن «الهجوم الذي تتعرض له العراق يمثل خطراً يهدد استقراره ووحدة أراضيه».
ويشن مسلحون ينتمون لفصائل وتنظيمات عراقية مختلفة بينهم مسلحين من العشائر، وعناصر من «حزب البعث» السابق، ومقاتلين من تنظيم «داعش» هجوماً منذ أكثر من أسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدناً رئيسة بينها الموصل وتكريت.
وللمرة الأولى منذ بدء هذا الهجوم، أقر المالكي بأن الحل السياسي أساسي للانتصار على المسلحين قائلاً خلال لقائه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بغداد «لا بد من المضي في مسارين متوازيين الأول العمل الميداني والعمليات العسكرية ضد الإرهابيين وتجمعاتهم».
وأضاف أن الحل «الثاني متابعة المسار السياسي وعقد اجتماع مجلس النواب في موعده المحدد وانتخاب رئيس للبرلمان ورئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة»، مشدداً على أن «المضي قدماً في هذين المسارين هو الذي سيلحق الهزيمة بالإرهابيين».
ويتعرض المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ويتولى أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة إلى انتقادات داخلية وخارجية خصوصاً من قبل مسؤولين أمريكيين حيال استراتيجيته الأمنية، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.
ويطالب خصومه السياسيون ضمن «التحالف الوطني»، أكبر تحالف للأحزاب الشيعية، بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، بينما يدعو قادة عشائر سنة معارضون له لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني بعيداً عن نتائج هذه الانتخابات.
غير أن المالكي يصر على أحقيته في تشكيل الحكومة المقبلة على اعتبار أن الكتلة التي يقودها فازت بأكبر عدد من مقاعد البرلمان في انتخابات أبريل الماضي، علماً بأنه تولى رئاسة الحكومة لأربع سنوات رغم أن لائحته لم تحصل في 2010 على أكبر عدد من الأصوات.
وأعلن المكتب الإعلامي لنائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي في بيان أن رئاسة الجمهورية أصدرت مرسوماً جمهورياً دعت فيه مجلس النواب المنتخب للانعقاد الثلاثاء المقبل على أن يترأس الجلسة أكبر الأعضاء سناً.
وبعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى بغداد، استهل نظيره البريطاني وليام هيغ زيارة مفاجئة مماثلة بلقاء المالكي، كما اجتمع بمسؤولين آخرين في بغداد.
وقال الوزير البريطاني في بيان إن الهجوم الذي تتعرض له البلاد يمثل «خطراً يهدد بالقضاء على استقرار العراق ووحدة أراضيه»، وإن «العراق يواجه تهديداً في وجوده وسط تداعيات كبيرة للاستقرار والحرية في البلد»، مشدداً على أن «العامل الوحيد الأكثر أهمية الذي يحدد ما إذا كان العراق سيتغلب على هذا التحدي هو الوحدة السياسية».
في موازاة ذلك، أجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري محادثات مع وزراء خارجية السعودية والإمارات والأردن، في باريس، لبحث أزمة العراق، قبل أن يتوجه إلى السعودية اليوم، لمناقشة الموقف مع المسؤولين هناك.
ورداً على سؤال حول ما إن بحث كيري احتمال شن الولايات المتحدة لغارات جوية ضد قوات «داعش»، أوضح مسؤول آخر في وزارة الخارجية الأمريكية أن كيري أبلغ الوزراء أن واشنطن «تعمل الآن على النظر في أهداف محتملة، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتخذ أي قرار حول القيام بتحرك عسكري».
أما وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل فقال «كل هذه القضايا ذات أهمية بالغة بالنسبة لدولنا»، مضيفاً «أعتقد أنه عبر التعاون بين الدول آمل أن يكون بمقدورنا التأثير على الوضع في الشرق الأوسط».
وناقش الوزراء أيضاً الأزمة السورية المستمرة منذ 3 سنوات. وسيتوجه كيري اليوم إلى السعودية لبحث الاضطرابات في الشرق الأوسط مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز. ميدانياً، تمكنت القوات العراقية من السيطرة على جامعة تكريت شمال المدينة الخاضعة لسيطرة المسلحين بعد عملية إنزال قامت بها قوات خاصة أعقبتها اشتباكات.
وأكد ضابط رفيع المستوى في الجيش من قيادة عمليات صلاح الدين أن «السيطرة على جامعة تكريت يعد منطلقاً أساسياً لاستعادة السيطرة على مدينة تكريت»، فيما قال مسؤول أمني في الجامعة أن عدد أفراد قوات النخبة الذين شاركوا في العملية يبلغ نحو 50 عنصراً.
من جهته أعلن المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا أن القوات العراقية صدت هجمات جديدة للمسلحين الذين يحاولون اقتحام مصفاة بيجي شمال بغداد الرئيسة ومدينة حديثة شمال غرب بغداد.
وفي هذا السياق، أعلن المالكي لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية «بي بي سي» عن «ترحيبه» بقيام طائرات سورية بشن غارات على مناطق حدودية مع العراق في الجانب السوري تستهدف المسلحين.
وقال المالكي إن مقاتلات سورية قصفت مواقع للمسلحين بالقرب من بلدة القائم شمال غرب بغداد الحدودية، لكنه أشار إلى أن الضربة وجهت إلى نقطة على الجانب السوري من الحدود.
ورغم أن العراق لم يطلب شن الغارات، كما جاء في تصريح المالكي، فإن بغداد «رحبت» بمثل هذه الهجمات ضد المسلحين.
وفي كركوك، قتل 4 من عناصر قوات البشمركة الكردية وأصيب 4 في قصف تعرضت له القوات جنوب المدينة شمال العراق، حسبما ما أفاد مصدر أمني كردي.
وقام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بزيارة إلى مدينة كركوك المتنازع عليها وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة قوات البشمركة الكردية عليها إثر انسحاب القوات الحكومية من المحافظة، بحسب ما أفاد مسؤول حزبي ومصدر أمني.
وأكد بارزاني من كركوك أن السلطات الكردية مستعدة «إذا اضطر الأمر» لجلب «كل قواتها» إلى المدينة بهدف الحفاظ عليها.
من جهته، هدد زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر المسلحين بأن «يزلزل الأرض» تحت أقدامهم، معلناً رفضه المساعدة العسكرية الأمريكية.