عواصم - (وكالات): تخوض القوات العراقية مدعومة بغطاء جوي كثيف معارك مع مسلحي الفصائل المناهضة لحكم رئيس الوزراء نوري المالكي عند أطراف مدينة تكريت، في أكبر عملية برية تنفذها القوات منذ بداية هجوم المسلحين وتترافق مع دراسة «أهداف مهمة» بالتعاون مع المستشارين العسكريين الأمريكيين، في حين واصل زعماء الأحزاب محادثات قد تفضي إلى إنهاء حكم المالكي المثير للانقسامات، بينما قال مسؤول أمريكي إن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تعهد خلال مباحثاته مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في جدة أمس الأول، بتشجيع السنة للانضمام لحكومة جديدة بالعراق.
ويحذر السياسيون في بغداد والقوى العالمية بأنه ما لم تستعد قوات الأمن المدن التي فقدتها أمام المسلحين بالتزامن مع تشكيل حكومة تضم جميع الطوائف فإن الدولة قد تنقسم على أساس طائفي وتشكل تهديداً للشرق الأوسط.
وفي تدخل سياسي مفاجئ قد يشير إلى نهاية فترة تولي المالكي للمنصب بعد 8 سنوات حث المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الكتل السياسية على الاتفاق على رئيس للوزراء ورئيس للبلاد ورئيس للبرلمان قبل انعقاد البرلمان المنتخب في بغداد بعد غد الثلاثاء.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود تعهد خلال محادثات مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري باستخدام نفوذه لتشجيع السنة على الانضمام لحكومة جديدة في العراق تضم مختلف الأطياف لمحاربة المسلحين.
من ناحية أخرى، قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن العاهل السعودي وكيري ناقشا لفترة وجيزة إمدادات النفط العالمية خلال اجتماع بحث الأزمة العراقية.
وقال المسؤول إن «الوزير أشار بشكل إيجابي إلى تصريح أدلى به في الآونة الأخيرة مسؤول في المملكة يعكس رغبة المملكة في فعل اللازم في حالة حدوث أي اضطرابات».
وذكر المسؤول أن كيرى يرى أن تصريحات المسؤول السعودي «بناءة».
من جهة ثانية، قال نائب عراقي ومسؤول سابق في الحكومة ينتمي إلى الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم كل الأحزاب الشيعية «الأيام الثلاثة المقبلة مهمة للغاية للتوصل إلى اتفاق لدفع العملية السياسية إلى الأمام». وأضاف النائب أنه يتوقع عقد اجتماعات داخلية للأحزاب المختلفة وجلسة أوسع للائتلاف الوطني تشارك فيها قائمة دولة القانون التي يتزعمها المالكي. ومن المقرر أن تجتمع بعض الأحزاب السنية أيضاً في وقت لاحق.
ويتهم العراقيون السنة المالكي بإبعادهم عن أي سلطة وقمعهم مما دفع عشائر مسلحة لدعم العمليات التي تقوم بها الفصائل المسلحة. وكان رئيس منطقة كردستان التي تتمتع بحكم شبه مستقل، مسعود بارزاني قد طالب المالكي أيضاً بالتنحي.
وسيجعل دخول السيستاني في المعادلة من الصعب على المالكي أني يستمر كرئيس وزراء مؤقت للعراق كما هو الحال منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أبريل الماضي.
وبعث السيستاني برسالته بعدما فشل اجتماع للفصائل الشيعية بما في ذلك ائتلاف دولة القانون في الاتفاق على مرشح لتولي منصب رئيس الوزراء.
في المقابل، قال حلفاء المالكي إن دعوة السيستاني لاتخاذ قرار سريع لم يكن الهدف منها تهميش رئيس الوزراء وإنما الضغط على الأحزاب السياسية حتى لا تطول العملية وتشهد الخلافات المعهودة بينما تتعرض البلاد لخطر التقسيم لكنهم أقروا في الوقت نفسه بأن سياسات المالكي لا ترضي السيستاني.
من جانبه، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن بلاده لن تقف مكتوفة اليدين أمام هجوم المسلحين، وذلك خلال مؤتمر صحافي في دمشق.
وتشن فصائل وتنظيمات مسلحة مناهضة لحكم المالكي بينهم مسلحون من العشائر، وعناصر من «حزب البعث» السابق ومقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» هجوماً منذ أكثر من أسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدناً رئيسة بينها تكريت والموصل شمال بغداد.
وقال قائد عمليات سامراء الفريق الركن صباح الفتلاوي «انطلقت عملية كبيرة لتطهير مدينة تكريت من المسلحين».
وأكد شهود عيان أن القوات العراقية وصلت إلى ناحية دجلة واشتبكت مع المسلحين.
وفي وقت لاحق، قال شهود عيان آخرون إن القوات العراقية بلغت أطراف مدينة تكريت من جهة الغرب حيث تخوض معارك ضارية مع المسلحين.
وتمكنت القوات العراقية من السيطرة على جامعة تكريت شمال المدينة بعد عملية إنزال قامت بها قوات خاصة أعقبتها اشتباكات مع مسلحين ما مهد الطريق بحسب مسؤولين عسكريين لإطلاق العملية البرية.
من جهته، قال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي في بغداد إن المسلحين «يختبئون في القصور الرئاسية»، المجمع الرئاسي الواقع وسط تكريت معقل الرئيس السابق صدام حسين.
وأضاف أن القوات العراقية تقوم بتوجيه «ضربات جوية في مناطق مهمة، مناطق تواجد الإرهابيين أو إخفاء الأسلحة والعجلات».
والعملية التي تقوم بها حالياً القوات العراقية وتحاول من خلالها استعادة السيطرة على تكريت مركز محافظة صلاح الدين، هي أكبر عملية عسكرية لهذه القوات منذ بدء هجوم المسلحين.
وفي هذا السياق تحدث عطا عن تنسيق مع المستشارين العسكريين الأمريكيين المتواجدين في العراق، قائلاً «لغاية الآن القوات الأمنية العراقية هي التي تنفذ الخطة، والتنسيق مستمر مع الجانب الأمريكي في مجال دراسة الأهداف المهمة».
ونشرت الولايات المتحدة 180 مستشاراً عسكرياً في الأيام الأخيرة لمساعدة القوات العراقية على وقف تقدم المسلحين.
من ناحية أخرى، قتل 9 عسكريين و11 عنصراً من الشرطة العراقية في اشتباكات مع مسلحين في مناطق تقع عند الأطراف الجنوبية الغربية من بغداد في محافظتي بابل والأنبار، بحسب ما أفاد مصدر عسكري.