قال رئيس مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية سماحة الشيخ محسن آل عصفور إن إنهاء التعاقد مع 42 إماماً من منتسبي الكادر لم تلجأ إليه الإدارة إلا بوصفه العلاج الوحيد المتاح لحل أزمة كادر الأئمة والمؤذنين الذي يشكل أسوأ ملف فساد في تاريخ الأوقاف، وجاء بعد استنفاذ جميع الحلول الأخرى، وأنهم غير منضبطين في عملهم بل إن أكثرهم كان يعيش خارج البحرين دون إشعار الإدارة، مشيراً إلى أنه تم صرف مخصصات نهاية الخدمة تعادل خمس رواتب لمن شملهم قرار الفصل، كما إنه سيكون من حقهم التقدم بعد خمسة أشهر للالتحاق بنظام المكافآت وفق الضوابط والأنظمة المعمول بها في الإدارة. وأشار الشيخ محسن آل عصفور، في تصريح له أمس، إلى أن إدارة الأوقاف الجعفرية بصدد تصحيحٍ شامل للوضع الذي تمر به الأوقاف منذ سنوات طويلة، وأن ذلك يتطلب اتخاذ بعض الإجراءات الصعبة والضرورية لوقف النزيف المستمر في أموال الوقف.
وأشار إلى أن من المساوئ في الوضع السابق وجود تفاوت فاحش في المكافآت الممنوحة لشاغلي الوظائف الدينية، فهناك من يستلم مكافأة شهرية قدرها 250 ديناراً في حين يوجد من يستلم مكافأة قدرها 60 ديناراً فقط.
وأفصح آل عصفور أن الإدارة ستبدأ عن قريب العمل بنظام جديد من شأنه أن يرفع المخصصات المالية لمنتسبي نظام المكافآت بحسب مؤهلاتهم الدراسية يبدأ بـ200 دينار إلى 400 دينار.
وقال الشيخ محسن آل عصفور «في الحقيقة إننا نرث اليوم تركة ثقيلة ومشاكل مستعصية ومتراكمة لازمت مجالس الإدارات السابقة، وقد حان الوقت لتصحيحها وضبط الوضع المالي والإداري للأوقاف وحماية مال الوقف من التلاعب تحت مسميات مختلفة، ولتضع لأول مرة استراتيجية واضحة وخطة عمل زمنية للتغلب على هذه المشكلة، وإعادة المبالغ المسحوبة إلى الحساب العام للأوقاف ولو استغرق ذلك فترات زمنية طويلة».
وأضــــاف «نحــــن مؤتمنـــون علـــى الأوقاف، ومحاسبون أمام الله عز وجل والواقفين والجهات الرقابية بحفظ وحسن توجيه أموال الوقف، ووضع حد للتلاعب الذي استمر فترات طويلة، ولا نستطيع إجراء أي إصلاح حقيقي في الأوقاف إلا بعد اقتلاع جذور هذه المشكلة».
ولفت إلى أن مجلس الإدارة أخذ على عاتقه أن يبدأ في إجراءات تصحيحية شاملة، ومن بين «أبرز الملفات العالقة في إدارة الأوقاف هو التسيب وعدم الانضباط في عدد غير قليل من منتسبي كادر الأئمة والمؤذنين.
وقال آل عصفور إن مجلس الأوقاف الجعفرية كان حريصاً منذ بداية تعيينه على تصحيح هذا الوضع، وقد عقد اجتماعاً استثنائياً قرر فيه بالإجماع وقف نزيف هدر مال الوقف العام، وإنقاذ الأوقاف من حالة الانهيار المالي، حيث إن أكثر من ستة ملايين دينار صرفت من أموال الوقف العام في ثلاث سنوات على أئمة ومؤذنين بدون مسوغ شرعي وقانوني، كما تم تحميل الأوقاف ديون باهظة بدون وجود آلية لاسترجاعها.
وأكد أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي في نهاية المطاف إلى إفلاس الأوقاف وانهيارها، وأن ما حدث في بداية تفعيل كادر الأئمة والمؤذنين من توظيف مستمر تجاوز المنحة المخصصة للكادر أدى إلى اقتطاع جزء ضخم من أموال الأوقاف».
وأشار سماحة الشيخ محسن آل عصفور إلى أن غياب تطبيق المعايير والضوابط في التوظيف وتدخل بعض المحسوبيات أدى إلى صرف رواتب شهرية للبعض دون وجه حق، كما إن غياب المتابعة والإشراف المستمر على أداء موظفي نظامي الكادر والمكافآت أدى إلى تقاعس البعض منهم وعدم الالتزام بالمهام المنوطة به.
وأكد رئيس الأوقاف أن الموازنة المخصصة لمشروع كادر الأئمة والمؤذنين لا تكفي لتغطية نصف المساجد التابعة للإدارة.
وأشار ديوان الرقابة المالية والإدارية من خلال ملاحظة رقم 1 من تقريره لشهر يوليو 2012م إلى مخالفة صريحة بخصوص قيام الإدارة بالسحب من الحساب الوقفي العام دون وجود أي برنامج لتسوية هذه المبالغ طوال السنوات الماضية. وأشار إلى أن الأوقاف الجعفرية خاطبت الجهات الرسمية ذات العلاقة وأوصت بزيادة ميزانية الكادر حتى تستوعب الوضع الحالي، ولكن تلك الجهات اعتذرت عن تلبية هذا الطلب بسبب الوضع المالي المثقل للدولة والذي أفادت أنه يتطلب ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات.
وذكرت إدارة الأوقاف الجعفرية أنها استندت في قراراتها إلى قانون الخدمة المدنية، وقامت بالتنسيق مع مسؤولي الديوان، حيث إن كثيراً ممن شملهم القرار غير منضبطين في عملهم بل إن أكثرهم كان يعيش خارج البحرين دون إشعار الإدارة وفقاً لما تقتضيه أنظمة ديوان الخدمة المدنية. وأضاف آل عصفور «لقـــد جاءت هذه الإجراءات بعد استفحال المشكلة وخروجها عن السيطرة، وبحسب التقارير المحايدة للجهات الرقابية فإن استمرار الوضع السابق ينبئ بخطورة كبيرة على مستقبل الأوقاف وأموال المساجد والحسينات.
ونوه إلى أن ديوان الرقابة المالية والإدارية أشار بوضوح إلى هذه المشكلة في تقاريره السنوية المتعاقبة، حيث أشارت مسودة تقرير الرقابة المالية إلى وجود عدد من الأئمة والمؤذنين مسجلين على الكادر غير منضبطين بالمهام الوظيفية الموكلة لهم (أداء صلوات الجماعة في المساجد المسجلين عليها)، ولم تقم الإدارة باتخاذ أي إجراء حيالهم لضبط حضورهم أو إنهاء خدماتهم واستبدالهم بآخرين.
وأوضح أنه تبين انقطاع عدد من الأئمة والمؤذنين عن العمل لسفرهم خارج البلاد لفترات طويلة متصلة ومنفصلة بلغت في بعض الأحيان أكثر من 120 يوماً خلال العام 2013، دون الحصول على إذن من الإدارة، مما يعد مخالفة للمادة (28) من قانون ديوان الخدمة المدنية التي تنص على أنه «يعتبر الموظف مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوم عمل متصلة أو ثلاثين يوم عمل غير متصلة في السنة». وفوض مجلس الأوقاف عضوين منه لعمل زيارات تفتيش ميدانية على المساجد للتأكد من مدى انضباط الأئمة بالعمل، وقد بين التقرير الذي تم إعداده في ديسمبر 2013 عدم انضباط 83 إماماً، وأشار التقرير إلى غياب قاعدة بيانات تتضمن معلومات مكتملة ومحدثة عن أشخاص الأئمة والمؤذنين.