ألزمت المحكمة العمالية الغرفة الثانية، صحيفة محلية بدفع مبلغ 2500 دينار تعويضاً لصحافي سابق لديها فصلته تعسفياً، وتسليمه شهادة الخدمة والمناسب من المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وكان المحامي محمود ربيع تقدم بلائحة دعوى عمالية عن الصحافي، قال فيها إن الصحيفة أبلغت الصحافي بالاستغناء عن خدماته دون الوفاء بمستحقاته المالية وحقوقه الناشئة عن عقد العمل المبرم بينهما، مخالفة بذلك قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 23 لسنة 1976 والذي لا يجيز إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بإرادة رب العمل المنفردة إلا بمبرر مشروع وبمراعاة مهلة الإخطار.
وذكر أنه لا يجوز توقيع عقوبة الفصل من الخدمة مع الحرمان من المكافأة إلا إذا ارتكب العامل عملاً تنطبق عليه المادة 113 من قانون العمل، لافتاً إلى أن المدعي لم يرتكب عملاً منصوص عليه في المادة المذكورة، ولم يتبلغ كتابة بما وقع عليه من عقوبة الفصل بلا مكافأة أو إخطار أو تعويض، ولم تُسمع أقواله ودفاعه حسب ما يشترط القرار الوزاري الخاص بقواعد وإجراءات التأديب، والناص أيضاً على حق العامل في التظلم في القرار الصادر بتوقيع العقوبة خلال 3 أيام من تاريخ الإبلاغ وتقديم التظلم إلى مصدر القرار، ولا يجوز تنفيذ العقوبة قبل مضي 3 أيام من تاريخ الإبلاغ.
وقال ربيع في لائحة دعواه إن الفصل من الخدمة دون مكافأة أو إخطار أو تعويض وفق الحالات المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العمل في القطاع الأهلي له صفة العقوبة التأديبية، ولا يجوز توقيعها إلا وفقاً لقواعد إجراءات التأديب المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 23 لسنة 1976، والذي يعتبر قراراً منفذاً لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 102 من قانون العمل، ما يترتب على عدم مراعاته تعويض العامل عما يصيبه من ضرر نتيجة إنهاء صاحب العمل عقد العمل غير محدد المدة بإرادته المنفردة.
وأضاف المحامي أن الصحيفة فصلت الموظف من العمل دون سبب مشروع، رغم عدم إخلاله بواجباته الوظيفية وتفانيه وجده في العمل، حيث إن المدعي كان على رأس العمل ومنتظم في مواعيد الحضور والانصراف، ولم يتغيب عن العمل إلا لعذر مقبول وبعلم رب العمل، والمدعى عليها لو صدق زعمها بتغيبه عن العمل 14 يوماً، لأبرزت ما يفيد إنذار المدعي كتابياً بالغياب حسبما اشترطت الفقرة 4 من المادة 113 من قانون العمل، إلا أن المستندات المرفقة لا تحمل ما يفيد استلام أو علم المدعي بمضمونها.
واختتم ربيع لائحة الدعوى بأنه لما كان تعويض العامل عما يلحقه من ضرر نتيجة إنهاء عقد عمله تعسفياً يقع على عاتق رب العمل حسب نص المادة 108 من قانون العمل، لذا فإن المدعي يطلب إرجاعه إلى العمل أو التعويض عن الفصل التعسفي، فضلاً عن بقية مستحقاته من أجور متأخرة وبدل الإجازة السنوية وبدل إخطار وشهادة الخدمة.
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها «إن إثبات إنهاء خدمة المدعي بسبب مشروع يقع على عاتق المدعى عليها، وحيث إن المدعى عليها فصلت المدعي دون اتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون، ولم تثبت من خلاله التحقيق مع المدعي وتنظيم محضر، ومواجهته بالمخالفات وإعطائه فرصة الدفاع عن نفسه، وتقديم ما لديه من دفاع، ومن جهة أخرى فإن المدعى عليها لم تقدم ثمة شاهد لإثبات أن المدعي ارتكب المخالفات الموصوفة في مذكراتها، ولم تثبت إخلال المدعي بالالتزامات الجوهرية المترتبة على العقد».
وقالت المحكمة إنها باعتبارها صاحبة الصلاحية في وزن البينات وترجيح بينة على أخرى، ولعدم اطمئنانها لما قدم من مستندات من قبل المدعى عليها، فإن فصل الصحافي والحالة هذه يغدو دون مبرر ويعتبر تعسفياً، ولما كان الفصل التعسفي أصاب المدعي بضرر مادي جراء فقده لعمله مصدر رزقه، ما يستحق معه تعويضاً، وعليه فإن المحكمة ترى أن التعويض الجابر للضرر عن الفصل التعسفي مراعية في ذلك الظروف والملابسات وحكم المادتين 108 من قانون العمل و223 من القانون المدني مبلغ 2000 دينار وهو ما تقضي به المحكمة.
وأضافت المحكمة في حيثياتها «من المقرر قانوناً طبقاً لنص المادة 107 من قانون العمل (إذا كان العقد غير محدد المدة، جاز لكل من الطرفين إنهاؤه بعد إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر شهري، و15 يوماً بالنسبة للعمال الآخرين، وإذا أنهي العقد بغير مراعاة هذه المدة ألزم من أنهى العقد أن يؤدي للطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها)».
وأردفت «لما كان عقد العمل غير محدد المدة، وحيث خلت الأوراق مما يدل على إخطار المدعى عليها للمدعي برغبتها في إنهاء العقد قبل الانتهاء بثلاثين يوماً، فإن المدعي يستحق تعويضاً مساوياً لأجرة عن مدة المهلة المذكورة بمبلغ 500 دينار».
وقالت المحكمة «تنص المادة 199 من قانون العمل على أنه (يمنح العامل شهادة خدمة تتضمن بياناً لمهنته ومدة خدمته وآخر أجرة تقاضاها، ويرد إليه ما يكون قد أودعه لدى صاحب العمل من أوراق أو شهادات أو أدوات) ولما كان الثابت أن المدعي كان يعمل لدى المدعى عليها فإن المحكمة تجيب المدعي لطلبه عملاً بالمادة 119 من قانون العمل.
وفي طلب الفائدة القانونية فإن المحكمة أجابت المدعي لطلبه بواقع 3% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، وأعفت الصحافي من المصاريف وألزمت المدعى عليها بالمناسب منها عملاً بالمادتين 192 و197 من قانون المرافعات والمادة 155 من قانون العمل.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي موسى الموسى، وأمانة سر جعفر الجمري.