عواصم - (وكالات): أعلنت المملكة العربية السعودية أمس منح مساعدة إنسانية بقيمة نصف مليار دولار «368 مليون يورو» إلى «الشعب العراقي»، في الوقت الذي تجري فيه مواجهات بين قوات رئيس الوزراء نوري المالكي ومقاتلين من فصائل عراقية مختلفة بينها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» حيث سيطرت الفصائل المسلحة على مناطق واسعة من العراق بينما أعلنت «داعش» «الخلافة الإسلامية» فيها. في غضون ذلك، فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى أمس في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات. من جهته، أعرب رئيس إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي مسعود بارزاني في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن رغبته في تنظيم استفتاء حول استقلال الإقليم في غضون بضعة أشهر، بينما أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من موسكو أن إيران لن ترسل جنوداً إلى العراق لمحاربة المقاتلين بل هي مستعدة لتزويده بأسلحة إذا طلب ذلك.
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية أن المساعدة التي أقرها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ستقدم «عبر منظمات الأمم المتحدة». وأضاف المتحدث أن المساعدة ستقدم «للشعب العراقي الشقيق المتضرر من الأحداث المؤلمة، بمن فيهم النازحون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو العرقية».
ويشهد العراق وضعاً إنسانياً مقلقاً حيث يعد أكثر من مليون نازح منذ مطلع السنة يصعب الوصول إليهم بحسب العديد من المنظمات الإنسانية. وطالبت المنظمة الدولية للهجرة مؤخراً بإقامة ممرات إنسانية.
وقال المتحدث إنه سيتم إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالمساعدة الإنسانية التي «سيتم تقديمها عبر مؤسسات الأمم المتحدة للشعب العراقي فقط»، ملمحاً بذلك إلى أن المساعدة لن تمر عبر حكومة بغداد.
واتهمت الرياض صراحة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشيعي بدفع بلده نحو الهاوية بسبب اعتماده سياسة «إقصاء» للعرب السنة، مطالبة بـ «الإسراع» في تشكيل حكومة وفاق وطني.
من ناحية أخرى، فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى أمس في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد. ورغم أن مسألة تشكيل حكومة جديدة وإمكانية بقاء نوري المالكي على رأسها لولاية ثالثة بدت في الأسابيع الماضية وكأنها أكبر تحديات البرلمان الجديد، إلا أن فشل الالتزام بالدستور أمس والتفسيرات المتناقضة له أظهروا أن الخلاف السياسي أعمق من ذلك. وينص الدستور العراقي على أن «ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر»، من دون أن يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى.
ورغم أنه ليس مذكوراً في الدستور، إلا أن العرف السياسي السائد في العراق ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً، ورئيس الجمهورية كردياً. وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس الجلسة لكونه أكبر الأعضاء سناً بعد تشاوره بشكل علني مع نواب قدموا تفسيرات متناقضة للدستور «تعقد جلسة الأسبوع المقبل إذا ما توفرت إمكانية للاتفاق»، مضيفاً أن موعد الجلسة المقبلة سيكون 8 يوليو الحالي. وانسحب الأعضاء السنة والأكراد من أولى جلسات البرلمان بعد ما أخفق الشيعة في تسمية رئيس للوزراء خلفا لنوري المالكي وهو ما عصف بالآمال في سرعة تشكيل حكومة وحدة تنقذ العراق من الانهيار. وتطغى مسألة ترشح المالكي الذي يحكم البلاد منذ عام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق، إلا أنه بدا أمس أن حتى رئاسة البرلمان مسألة معقدة تحتاج إلى توافقات سياسية عابرة للكتل.
وجددت واشنطن دعوتها القادة العراقيين إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة بعد فشل البرلمان العراقي في انتخاب رئيس له، محذرة من أن «الوقت ليس في صالح العراق».
من جانبه، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان من موسكو أن إيران لن ترسل جنوداً إلى العراق لمحاربة المقاتلين بل هي مستعدة لتزويده بأسلحة إذا طلب ذلك. وشدد نائب الوزير على أن طهران ستقدم «مستشارين» عسكريين إلى العراق.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» في وقت سابق إن الولايات المتحدة تكثف وجودها العسكري في العراق مرة أخرى بإرسال نحو 300 جندي آخرين إلى هناك بالإضافة إلى مجموعة من طائرات الهليكوبتر، وطائرات دون طيار.
في المقابل، دعا زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه «خليفة للمسلمين» وسمي «الخليفة ابراهيم» بعيد إعلان تنظيمه «قيام الخلافة الإسلامية»، المسلمين في كلمة صوتية جديدة للهجرة إلى دولته، وتوعد بحماية المسلمين في أماكن أخرى.
وجاء فشل البرلمان في تأدية أولى واجباته في وقت دخل الهجوم الكاسح للفصائل المسلحة مع استمرار سيطرتهم على مناطق واسعة شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدناً رئيسية بينها تكريت والموصل شمال بغداد.
وتحاول القوات العراقية مؤخراً استعادة مناطق من أيدي المسلحين، بينها تكريت التي تواصلت في محيطها أمس الاشتباكات بين القوات العراقية والمسلحين المتطرفين من الجانبين الجنوبي والغربي للمدينة، وفقاً لمقدم في الشرطة. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية في بيان أن 5 طائرات جديدة من طراز «سوخوي 25» وصلت إلى العراق، وأن عدداً من هذه الطائرات حلقت فوق بغداد، فيما قال متحدث باسم الوزارة إن الطائرات الروسية ستبدأ عملياتها القتالية «في وقت لاحق».
وفي خضم هذا الهجوم الذي ترافق مع انسحاب القوات العراقية من مناطق عدة بينها مناطق محاذية لإقليم كردستان، أرسلت سلطات الإقليم قوات البشمركة الكردية إلى مناطق متنازع عليها مع بغداد أبرزها كركوك وفرضت سيطرتها عليها.
في الوقت ذاته، سقطت قذائف هاون في محيط مرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء ما أدى إلى إصابة 14 شخصاً، بحسب مصادر أمنية.
وقالت الأمم المتحدة أمس إن 2417 عراقياً قتلوا وأصيب 2287 في «أعمال عنف وإرهاب» في يونيو الماضي.