عواصم - (وكالات): قالت مصادر أمنية إن 45 شخصاً قتلوا في اشتباكات بين قوات رئيس الوزراء نوري المالكي وأتباع رجل الدين والمرجع الشيعي محمود الصرخي في مدينة كربلاء أمس مما يشير إلى انقسامات بين الفصائل الشيعية بينما تشتد المعارك من جهة أخرى، بين قوات المالكي وفصائل عراقية مسلحة بينها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». وقال ضباط في المخابرات بوزارة الداخلية وشاهد عيان من الشرطة إن الاشتباكات اندلعت حينما حاولت الشرطة وعناصر من الجيش اعتقال الصرخي في كربلاء.
وأعلنت قوات الأمن أنها تريد اعتقال الصرخي بعد أن بدأ أنصاره بسد الطرق ونصب نقاط تفتيش حول الحي الذي يقيم فيه في المدينة.
ونشر الصرخي رسالة على موقعه على الإنترنت ينتقد فيها فتوى السيستاني للعراقيين بالقتال إلى جانب قوات المالكي.
وقالت المصادر إن رجال الشرطة والجيش حاصروا منزل الصرخي مدعومين بخمس طائرات هليكوبتر ولكن أتباع الشيخ منعوهم من الدخول. وأضافت أن 5 من ضباط الشرطة ونحو 40 من أتباع الصرخي قتلوا. وتابعت المصادر أن رجال الأمن تمكنوا من اقتحام المنزل بعد 6 ساعات من القتال ووجدوا أن الصرخي لاذ بالفرار خلال الاشتباك. ووضع أنصار الصرخي على موقعه على الإنترنت صورة لعربة همفي تابعة لجيش المالكي قالوا إنها دمرت خلال المعركة. وقالت مصادر أمنية عراقية، إن «المواجهات المسلحة امتدت إلى البصرة والديوانية». في غضون ذلك، بثت قناة «العربية الحدث» شريطاً مصوراً يظهر نحو 2500 جندي من قوات المالكي داخل الصحراء شرق كربلاء، بعد أن تركوا مواقعهم على الحدود السعودية والسورية، فيما قال أحد الضباط في مقابلات جرت معهم أنه «تلقى أوامر بالانسحاب من الحدود وترك أسلحتهم في مكانها». وأشار إلى أن «جنوداً لقوا حتفهم أثناء الانسحاب بسبب الجوع والعطش».
في موازاة ذلك، أصدر المالكي عفواً عن «الذين تورطوا بعمل ضد الدولة»، في خطوة تصالحية تهدف إلى تقويض دعم المسلحين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من العراق، لكن المالكي رفض أيضاً في خطابه استغلال إقليم كردستان للأوضاع الجارية في البلاد وفرض سيطرته على الأراضي المتنازع عليها، معتبراً أنها تصرفات «مرفوضة» و»غير مقبولة». وبدت مبادرة المالكي المفاجئة التي أعلن عنها في خطابه الأسبوعي المتلفز أمس محاولة لإحداث شرخ داخل الجماعات التي تقاتل القوات العراقية بينها تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش» الجهادي المتشدد.
وقال المالكي في خطابه «أعلن عن تقديم العفو لكل العشائر ولكل الناس الذين تورطوا بعمل ضد الدولة» ودعا هؤلاء إلى أن «يعودوا إلى رشدهم»، مضيفاً «لا نستثني منهم أحداً حتى لو أساء إلا أولئك الذين قتلوا وارتكبوا دماً لأن ولي الدم هو الذي يعفو».
وتابع «أدعوهم للاستفادة من هذه الفرصة، خاصة وأن العملية الأمنية بدأت تأخذ مجراها، وأنا أرحب بهم وبعودتهم وأرحب بالتحامهم مع أبنائهم من أبناء العشائر التي تحمل السلاح من أجل مستقبل أولادهم».
ولم يتضح على الفور عدد المسلحين الذين يشملهم العفو، إلا أن مراقبين ودبلوماسيين لطالما دعوا إلى الإقدام على مصالحة تدفع السنة العرب إلى الانقلاب على الجهاديين، رغم شكواهم المتواصلة من الأداء الحكومي ومن التهميش الذي يزعمون التعرض له.
وجاءت هذه المبادرة بعدما فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى أمس الأول في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات. وينص الدستور العراقي على أن «ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر»، دون أن يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى.
وبعيد فشل الجلسة جددت واشنطن دعوتها القادة العراقيين إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، بينما حذر مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف من أن «أي تأخير أو فشل في التقيد بالمواعيد النهائية التي حددها الدستور من شأنه أن يؤثر على وحدة البلاد وسلامتها».
وجاء فشل البرلمان في تأدية أولى واجباته في وقت دخل الهجوم الكاسح للفصائل المسلحة وبينهم مسلحون من العشائر وعناصر من «حزب البعث» السابق، إضافة إلى «داعش» والتنظيمات المتطرفة الأخرى أسبوعه الثالث مع استمرار سيطرة مسلحي التنظيمات على مناطق واسعة شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدناً رئيسة بينها تكريت والموصل شمال بغداد.
وأكد تنظيم «داعش» أقوى التنظيمات المتشددة التي تقاتل في العراق وسوريا والذي أعلن قيام «الخلافة الإسلامية» ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي «خليفة للمسلمين»، نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
وقد اعتبر المالكي أن إعلان «قيام الخلافة الإسلامية» يؤكد أن «جميع دول المنطقة أصبحت في الدائرة الحمراء».
وتحاول القوات العراقية مؤخراً استعادة مناطق من أيدي المسلحين، بينها تكريت، مركز محافظة صلاح الدين.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أن 5 طائرات جديدة من طراز «سوخوي 25» وصلت الى العراق، وان عددا من هذه الطائرات حلقت فوق بغداد، فيما قال متحدث باسم الوزارة إن الطائرات الروسية ستبدا عملياتها القتالية «في وقت لاحق». و في وقت لاحق ، اعتبرت مجموعة خبراء أن 3 طائرات حربية من طراز «سوخوي» التقطت لها صور أثناء هبوطها في العراق في شريط فيديو بثته وزارة الدفاع، وصلت على الأرجح من إيران وليس من روسيا كما أعلن سابقاً.
وقال مسؤولون في البنتاغون في هذا السياق إن الجنود الأمريكيين البالغ عددهم نحو 500 جندي والذين أرسلوا إلى بغداد لتعزيز أمن السفارة الأمريكية هناك مجهزون بمروحيات «أباتشي» وطائرات استطلاع صغيرة غير مسلحة.
وفي خضم هذا الهجوم الذي ترافق مع انسحاب القوات العراقية من مناطق عدة بينها مناطق محاذية لإقليم كردستان، أرسلت سلطات الإقليم قوات البشمركة الكردية إلى مناطق متنازع عليها مع بغداد أبرزها كركوك شمال بغداد وفرضت سيطرتها عليها، معلنة أن هذا السيطرة نهائية.