قال الكاتب العراقي محمد الدليمي، في مقال له بعنوان «البحرين والتسامح»، نشرته صحيفة الزمان: «إن الحل في البحرين لابد أن يكون نابعاً من عقول وضمائر أهلها، وليس مسنوداً أو مستورداً من دولة أو قوى خارجية لا تفكر إلا بمصالحها في التوسع والنفوذ بعيداً عن آمال وتطلعات الأهل في البحرين. وأكد الدليمي أن «كثيراً من البلدان في هذا العالم الفسيح تقطنها فتكون ساكناً فيها، إلا البحرين الأرض والتاريخ والروح هي من تسكن فيك.. شعب معطاء وحكام لم يعرف عنهم في المنطقة سوى أنهم يقطرون طيبة وسماحة وعناية ورعاية لأهل ديرتهم». وأضاف أن «من دون البحرين وطن الخير المسكون بكل خلجات التاريخ وتنوع الجغرافية كيف يمكن أن نقول إن لنا وطناً سماؤه معطرة بنسيم البحر وأرض تسكنها أرواح الأجداد». وفيما يلي نص المقال: «ما من امرئ سنحت له الفرصة بزيارة البحرين إلا وخرج بانطباع راسخ عن طيبة وسماحة هذا الشعب الكريم بل أكثر من هذا أن هذه البلاد الضاربة جذورها في أعماق التاريخ نسجت لنا من الموروثات ما أسهم في إغناء الفكر والثقافة عبر كل المراحل. على أديم دلمون وحول شواطئها تعايشت أجناس من شتى الأديان والمذاهب من دون أدنى إحساس بالتميز أو التهميش في المكان أو المكانة فقد تشارك الجميع في رسم الأسطورة البحرينية في القدرة على التعايش والاندماج والتميز في العطاء. فكثير من البلدان في هذا العالم الفسيح تقطنها فتكون ساكناً فيها إلا البحرين الأرض والتاريخ والروح هي من تسكن فيك.. شعب معطاء وحكام لم يعرف عنهم في المنطقة سوى أنهم يقطرون طيبة وسماحة وعناية ورعاية لأهل ديرتهم فقد قرأت في رسالة لأحد التجار من البصرة في أربعينيات القرن المنصرم أنه زار البحرين بسفينته التجارية البسيطة آنذاك وقصد صديقاً له في المحرق ليسلم عليه ويطلب أن يتوسط له لدى الحاكم لحل مشكلة له في الميناء وبعد أن رحب به وحدثه عن مطلبه قال هل تستطيع أن توفر لي فرصة لقاء الحاكم خلال ثلاثة أيام هي ما تبقى لي من وقت، فأجابه «إن شاء الله» أستطيع تدبير لك مقابلة الحاكم خلال ثلاث دقائق؟ وهنا اندهش التاجر العراقي قائلاً كيف يحدث هذا؟ هل تمزح معي يا صديقي وأنا تحت ضغط البحث عن حل لمشكلتي؟ فأجابه بلا الآن تقدم للسلام على الحاكم فهو الذي جالس أمامك!! تذكرت هذه الإطلالة وأنا أرى قسماً من أهل البحرين يرفض أن يذهب للحوار لإيجاد حلول لبعض المشكلات التي رسمت غمامة في سماء البحرين مملكة التسامح والطيبة عسى أن تمر سريعاً وتندمل الجراح من خلال قدرة أهل البحرين المتأصلة في نفوسهم على التواصل والتعاون في قضايا بسيطة فكيف لا يجلسون ويتفقون على قلب رجل واحد بأن لا خلاف على الثوابت والاختلاف في غير ذلك من سنن الحياة فمن يختلف على صون قداسة الوطن وعلو كرامته وعزة وحدته فمن دون البحرين وطن الخير المسكون بكل خلجات التاريخ وتنوع الجغرافية كيف يمكن أن نقول إن لنا وطناً سماؤه معطرة بنسيم البحر وأرض تسكنها أرواح الأجداد.
الدعوة للحوار تتكرر في كل مرة على لسان ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة هذا الشاب الذي يفيض حباً لأبناء شعبه والمتحدث الذي يأسر سامعيه صدقاً ونقاء يطلب الحوار ويقول إن الحل المنشود يجب أن يكون وطنياً وبمشاركة كافة الأطراف لحماية الوطن.. نعم لا بد أن يكون الحل نابعاً من عقول وضمائر أهل البحرين وليس مسنوداً أو مستورداً من دولة أو قوى خارجية لا تفكر إلا بمصالحها في التوسع والنفوذ بعيداً عن آمال وتطلعات أهلنا في البحرين، هذا القائد الشاب من مملكة التسامح يتولى قيادة رافعة الحوار لأنها الآلية الوحيدة لابتكار حلول ناجعة للأزمات فنراه يقول إن المملكة تستمر في نهجها الإصلاحي ويحض الكل على تحمل مسؤولياتهم في الحفاظ على المؤسسات الدستورية لتحقيق مزيد من التقدم والديمقراطية.. هذه فكرة جوهرية لسمو ولي العهد الأمين الذي أدرك كما أدرك الكثير من المخلصين أن لا تقدم من دون وجود مؤسسات دستورية تقود عملية التطوير والإصلاح ينشد الإصلاح لأنها سنة من سنن الكون فالمياه الراكدة لا تصلح للحياة ففي جريانها حياة ونقاء. من يريد أن يهدم مؤسسات السيادة لا يتوانى عن ضرب الوطن في مقتل فالمغرب شبيه جداً بالبحرين من حيث التنوع الثقافي والنظام السياسي وعندما صدقت نوايا القوى السياسية وتطلعوا إلى المغرب من الداخل توصلوا لحلول إصلاحية لا تقتل الناطور ولا تفني العنب.. الوطنية صفة كل أهل البحرين هذا اعتقادنا ولكن هناك فئة قد ضلت الطريق ستكتشف سريعاً مع تبدلات الإقليم وحركة رمال السياسة أنها راهنت على الحصان الخاسر في المنطقة ولسوف تعود إلى رشدها ولن تجد سوى البحرين وطناً يتسع لكل أحلامها عندما تغادرها أحلام اليقظة».