أصدرت مجموعة من المستثمرين النافذين في ذروة "طفرة الدين" وتحديدا في بداية عام 2007، تحذيرا خاصا صارخا موجها إلى الجهات التنظيمية التي تشرف على حي المال والأعمال في لندن مفاده، "سمعة سوق لندن المرموقة للأوراق المالية مهددة"، بحسب صحيفة القبس.
وقال تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز، إن مؤشرات بورصة لندن للأسهم القيادية والممتازة كانت مشبعة بإصدارات حديثة من الشركات التي يهيمن عليها مجموعة جديدة من أباطرة الأعمال من اقتصادات الأسواق الناشئة التي تتسم بقلة شفافية حساباتها وغموض الحوكمة فيها.
وأضاف التقرير "مع تزايد الجدل بشأن الشركة الأوروبية الآسيوية للموارد الطبيعية، يتساءل المستثمرون كيف سمح حي المال في لندن لتلك الشركة وغيرها مثل شركة بومي الأندونيسية للتعدين، بدخولها السهل الى سوق الأسهم فيه؟".
يمكن تتبع سياسة الإدراج المتراخية التي يتبعها حي المال في لندن والتي تخطط الجهات التنظيمية حاليا لتشديدها الى تاريخ قديم يعود الى عام 2002.
إذ كانت نيويورك طرحت لوائح تنظيمية صارمة ومتشددة في أعقاب فضائح شركات المحاسبة من قبيل انهيار شركة الطاقة انرون.
التشريعات الجديدة في نيويورك أفزعت شركات الأسواق الناشئة، وقليلة هي الشركات التي كانت على استعداد لتحمل مخاطر الاجراءات الجنائية في حال لم تسر الأمور على ما يرام.
انتهزت لندن الفرصة لتؤكد أفضلية سوقها مما دفع سوق الأسهم لإطلاق حملة قوية لاجتذاب مصادر جديدة للثروات.
طرحها كان بسيطا، من شأن الإدراج أن يجلب مزيدا من السيولة يمكنها من مواصلة التوسع وفي الوقت ذاته تقدم للشركات الاحترام اللازم لاستقطاب المستثمرين الغربيين.
والأهم ربما هو أن العاصمة البريطانية قدمت لهؤلاء الأباطرة الحماية عبر تقليص مخاطر إمكانية الحجز على الأصول القيمة، التي تم الاستحواذ على معظمها بأسعار منخفضة أثناء برامج الخصخصة في البلدان الشيوعية السابقة، في حال تغيرت الحكومات.
تمويل مشاريع التعدين الأجنبية لطالما كان مبرر وجود مركز المال والأعمال في لندن، من استثمار روتشيلد في الفضة بإسبانيا في القرن التاسع عشر إلى الاستثمار المسعور في أسهم الذهب الجنوب أفريقية في أوائل القرن العشرين.
يسارع أحدث الوافدين الجدد الى تعيين أعضاء في مؤسسات حي المال والأعمال في مجالس إدارات شركاتهم، بمن فيهم حملة لقب فارس، إضافة إلى اللوردات وكبار المسؤولين التنفيذيين في بعض أشهر الشركات البريطانية.
وكما يصف أحد مصرفيي البنوك الاستثمارية البارزين الوضع قائلا "سوق لندن للأوراق المالية بحاجة إلى الإدراجات والبنوك تريد الحصول على الرسوم بينما يتوق "الأوليغارش" إلى الاحترام وإلى جمع المال وإلى مديرين غير تنفيذيين في نهاية مسيرتهم المهنية يسعون وراء مراكز في مجالس الإدارات لتجعلهم يبدون في وضع جيد".
ويضيف "كانت هناك مجموعة كبيرة من المصالح الشخصية التي تجمعت لتدخل هذه الشركات الى سوق لندن للأسهم وادراجها على مؤشراتها".
الا أن تدافع الثروات الجديدة أحدث تغييرا جوهريا في تركيبة المؤشرات. ففي العقد الماضي زاد وزن قطاع الموارد الطبيعية في مؤشر فايننشال تايمز 100 من 4.5% الى 8.6%، مما أكسبه اسم FTSKI
هذا التغيير أثار قلق المستثمرين الذين يتخذون من بريطانيا مقرا لهم، ذلك أنهم أصبحوا منكشفين بشدة على تقلبات الصناعة، بسبب أن الملايين يستثمرون مدخرات التقاعد في صناديق تتبع أداء هذه المؤشرات.
ويرى المستثمرون أن اللوم الأكبر في ما يخص الاخفاق في شركات مثل "اي ان آر سي" يعود إلى نظام الادراج المتراخي والمفكك في بريطانيا.