يأمل بايرن ميونيخ الألماني أن يحالفه الحظ في محاولته الثالثة خلال آخر أربعة مواسم لصعود منصة التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم عندما يلتقي بوروسيا دورتموند، اليوم السبت، في أول نهائي ألماني خالص للبطولة على مدار تاريخها.
وأكد وصول الفريقين سوياً إلى النهائي على التطور الهائل في قوة الدوري الألماني (بوندسليغا).
وخسر بايرن المباراة النهائية في عامي 2010 و2012، ولكن الفريق ولاعبيه الفرنسي فرانك ريبيري وباستيان شفاينشتيجر وفيليب لام لم يفقدوا الأمل، ويرون أن الفرصة سانحة هذه المرة لتحقيق النجاح في الخطوة الأخيرة نحو منصة التتويج بالبطولة الغالية.
ويخوض بايرن المباراة غداً بعد موسم حافل بتحطيم الأرقام القياسية في الدوري المحلي وفوز كاسح 7/صفر على برشلونة الإسباني في مجموع مباراتي الذهاب والإياب بالدور قبل النهائي لدوري الأبطال.
وتعود المباراة النهائية إلى استاد "ويمبلي" الشهير بالعاصمة البريطانية لندن بعد عامين فقط من إقامتها بنفس الاستاد، حيث تتزامن البطولة هذا العام مع مرور 150 عاماً على تأسيس الاتحاد الإنجليزي للعبة.
ويصطدم بايرن غداً بفريق بوروسيا دورتموند الذي أبهر الجميع بمسيرته الرائعة على الساحة الأوروبية هذا الموسم بعدما توج بلقب البوندسليغا في الموسمين الماضيين.
ولم يتعرض دورتموند لأي هزيمة على مدار الأدوار المختلفة في دوري الأبطال هذا الموسم حتى مني بالهزيمة الأولى في خطوته الأخيرة قبل مباراة الغد حيث خسر صفر/2 أمام ريال مدريد الإسباني في إياب الدور قبل النهائي.
ولكن هذه الهزيمة لم تؤثر في تأهل الفريق للنهائي، حيث سبق له التغلب على الريال 4/1 ذهاباً ليفوز بمجموع المباراتين 4/3 في مواجهة الفريق صاحب الرقم القياسي في الفوز بألقاب البطولة وبرصيد تسعة ألقاب.
ومثلما حدث قبل 16 عاماً، يسعى دورتموند للفوز بلقب دوري الأبطال بعد تتويجه بلقب البوندسليغا في موسمين سابقين متتاليين.
ولكن آمال الفريق، الفائز بلقب دوري الأبطال مرة واحدة سابقة في عام 1997، تلقت صدمة هائلة بإصابة ماريو جويتزه نجم خط وسط الفريق والذي تأكد غيابه عن المباراة أمس الأول الأربعاء، كما تحيط الشكوك بمشاركة زميله ماتس هوملز.
وكان فوز دورتموند باللقب عام 1997 وبايرن في 2001 هما التتويج الوحيد للفرق الألمانية بلقب دوري الأبطال بشكلها الحالي، ولكن بايرن سبق له التتويج بلقب البطولة ثلاث مرات متتالية بمسماها القديم وهو كأس أوروبا للأندية الأبطال وذلك في أعوام 1974 و1975 و1976.
وأصبح البوندسليغا هو آخر بطولة من بطولات الدوري المحلي الأوروبية الكبيرة في أوروبا يقدم فريقين سوياً في المباراة النهائية للبطولة، حيث سبقه الدوري الإسباني بوصول ريال مدريد وبلنسية إلى النهائي عام 2000 والدوري الإيطالي بوصول ميلان ويوفنتوس سوياً لنهائي 2003 والدوري الإنجليزي بوصول مانشستر يونايتد وتشيلسي سوياً.
وساعد برنامج إنشاء أكاديميات الناشئين والشباب في الأندية الألمانية، بعد صدمة السقوط المدوي للمنتخب الألماني في كأس الأمم الأوروبية عام 2000، في التطور الهائل للمواهب الألمانية وبزوغ العديد من النجوم الشبان.
كما كان وجود المدربين المبتكرين مثل يورجن كلوب المدير الفني لدورتموند، والاستادات الحديثة وتذاكر المباريات معتدلة الثمن من العوامل المهمة للغاية في تطور مستوى البوندسليغا.
وقال توماس مولر، نجم خط وسط بايرن والمنتخب الألماني "ألمانيا هي رقم 1 في هيكل كرة القدم".
ويقدم دورتموند وبايرن حالياً نفس الأداء السريع الذي يعتمد أيضاً على الضغط المكثف على المنافس، ولكنهما يختلفان في بعض الأمور في تعاملهما مع المباريات.
ويتسم أداء دورتموند بالعمل الجاد والاجتهاد داخل الملعب، وهو ما ساهم في تحويل النادي من نادٍ على وشك إعلان إفلاسه في 2005 إلى ناد ينافس على لقب البطولة الأبرز في القارة الأوروبية.
ووصف هانز يواخيم فاتزكه، مدير عام النادي هذا التحول بأنه عودة "من الصفر إلى ويمبلي".
وفي المقابل، يمتلك بايرن حالياً ثروة قياسية والعديد من الألقاب تجعله أنجح الأندية الألمانية، مستفيداً من فترة النجاح الهائلة التي حققها جيله الذهبي في السبعينيات من القرن الماضي والذي ضم بين صفوفه الأسطورتين فرانز بيكنباور وجيرد مولر.
ويرى كثيرون أن الجيل الحالي هو الأبرز في تاريخ النادي البافاري، وأنه يتفوق على جيل بيكنباور ومولر، خاصة مع الأرقام القياسية التي حققها الفريق في البوندسليغا هذا الموسم.
وكشف استطلاع للرأي ظهرت نتيجته، أمس الأول الأربعاء، أن غالبية المشجعين الألمان يساندون دورتموند رغم أنهم يرون بايرن هو المرشح الأقوى للفوز في مباراة الغد.
وأجبرت المشاكل والقيد المالية دورتموند وكلوب على الاعتماد على اللاعبين الشبان الصاعدين من قطاع الشباب بالنادي، وكان هذا سبباً في نجاح الفريق في النهاية حيث قدم اللاعبون الشبان "قصة خيالية" أبهروا بها العالم.
وسبق لدورتموند أن تغلب على بايرن 5/2 في نهائي كأس ألمانيا الموسم الماضي في غياب جويتزه أيضاً عن صفوف بايرن، بينما أطاح بايرن بدورتموند من دور الثمانية للبطولة نفسها هذا الموسم عندما تغلب عليه 1/صفر.
وانتهت مباراتا الفريق في البوندسليغا هذا الموسم بالتعادل 1/1 بينما كان الفوز من نصيب دورتموند في كل من المباريات الأربع بين الفريقين بالبوندسليغا في الموسمين الماضيين.
وفي ظل هذه النتائج والمسيرة الناجحة لدورتموند في دوري الأبطال هذا الموسم، يكون أمل الفريق لا يزال قائماً في مواجهة بايرن.
وقال فاتزكه "أرى أن هناك فريقاً واحداً فقط حالياً يمكنه التغلب على بايرن وهو فريقنا. بالطبع، يعتمد الأمر كله على الواقع ويجب أن نظهر بأفضل مستوياتنا في المباراة، ولكننا نمتلك فرصة الفوز".
وخسر بايرن نهائي البطولة عام 2010 أمام إنتر ميلان الإيطالي، ثم سقط في الموسم الماضي على ملعبه في المباراة النهائية أمام تشيلسي الإنجليزي بضربات الترجيح.
ولن يكون هذا هو الدافع الوحيد لبايرن على الفوز أخيراً بالمباراة النهائية، وإنما يسعى الفريق أيضاً للثأر أوروبياً من دورتموند الذي تغلب على بايرن 1/صفر في مجموع مباراتيهما بدور الثمانية للبطولة عام 1998، علماً بأنها كانت المواجهة الوحيدة السابقة بينهما في البطولات الأوروبية.
ولكن يوب هاينكس المدير الفني لبايرن يبدو متفائلاً قبل مباراة الغد.
وسبق لهاينكس الفوز بلقب دوري الأبطال في عام 1998 عندما كان مدرباً لريال مدريد، كما قاد بايرن هذا الموسم إلى إنهاء فعاليات البوندسليغا في الصدارة بفارق هائل بلغ 25 نقطة أمام دورتموند صاحب المركز الثاني.
وقال هاينكس "بعد خيبة الأمل الهائلة التي تعرضنا لها على ملعبنا، كانت استعادة الفريق لاتزانه وتقديم موسم رائع كهذا دليلاً على أن لاعبينا لهم طابع خاص".
وعلى عكس ما كان عليه الحال في المرتين السابقتين في عامي 2010 و2012، لا يعاني بايرن هذه المرة من إصابات أو شكوك حول مشاركة أي من لاعبيه.
ومن المنتظر أن يعتمد حسم اللقاء على مدى قدرة دورتموند على احتواء ريبيري وديفيد آلابا نجمي الجبهة اليسرى لبايرن وزميليهما مولر والهولندي آريين روبن في الناحية اليمنى.
وفي المقابل، يعتمد الحسم أيضاً على مدى قدرة بايرن على إيقاف الطريق أمام التمريرات السريعة من لاعبي دورتموند في وسط الملعب النشيط بقيادة اللاعب إلكاي جيوندوجان الذي يحل مكان جويتزه في التشكيلة الأساسية للفريق، وكذلك إلى مدى قدرة بايرن على التصدي لماركو ريوس والثلاثي البولندي روبرت ليفاندوفسكي ولوكاس بيزتشيك وجاكوب بلازتشيكوفسكي.
ويأمل بايرن في رفع كأس البطولة غداً ليتوج موسمه الرائع ويتمم الخطوة الثانية في حلم تحقيق الثلاثية التاريخية للنادي، حيث أحرز لقب البوندسليغا ويسعى للفوز بلقبي دوري الأبطال وكأس ألمانيا لتكون المرة الأولى في تاريخه التي يحصد فيها الألقاب الثلاثة في موسم واحد.
وإذا حقق الفريق هذا الحلم، سيقدم هاينكس بهذا تحدياً كبيراً إلى الإسباني جوسيب غوارديولا، المدير الفني السابق لبرشلونة والذي سيخلفه في تدريب الفريق بعد نهاية الموسم الحالي.
وفي المقابل، يأمل دورتموند في الفوز باللقب ليكون التعويض المناسب له عن خروجه صفر اليدين من البوندسليغا وكأس ألمانيا في هذا الموسم الذي ركز فيه معظم جهوده على اللقب الأوروبي.