عواصم - (وكالات): واصلت قوات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي غاراتها الجوية على مناطق المسلحين في شمال وشرق وغرب البلاد، حيث أعلن قائد طيران قوات المالكي الفريق حامد عطية المالكي تنفيذ أكثر من 12 ألف طلعة جوية منذ بدء العمليات العسكرية في محافظة الأنبار قبل 6 أشهر، في الوقت الذي تشير فيه تقارير صحافية إلى أن 80% منها أصبحت خارج سيطرة الحكومة، بينما بدأت قوات المالكي بناء جدار دفاعي يحيط ببعض أجزاء محافظة ديالى المضطربة وذلك بسبب خطر تسلل المسلحين الذين استولوا على أجزاء كبيرة من شمال وغرب البلاد. في سياق متصل، أعلنت السلطات العراقية أمس أنها تتحقق من صحة التسجيل الذي ظهر فيه زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش» أبو بكر البغدادي للمرة الأولى. من جهته، قال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا إن «التسجيل قيد التحقيق والتحليل والمطابقة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية».
وأضاف «لدينا فريق من المحللين يعملون على التدقيق في طريقة سيره وعمره ومطابقة المسجد الذي ظهر فيه، فنياً من جميع النواحي»، معلناً أن لدى الأجهزة الأمنية معلومات عن البغدادي منذ تسلمه زعامة «الدولة الإسلامية» في 2010.
وكان البغدادي، الذي بايعه تنظيمه «خليفة للمسلمين» بعدما أعلن «قيام الخلافة الإسلامية»، وفي أول ظهور علني مصور له، دعا المسلمين في خطبة الجمعة في مسجد في مدينة الموصل شمال بغداد إلى طاعته، بحسب ما جاء في تسجيل نشرته أمس مواقع تعنى بأخبار الجهاديين.
ويسيطر مسلحون من فصائل وتنظيمات عراقية مختلفة بينهم مسلحين من العشائر وعناصر من «حزب البعث» السابق ومقاتلين من تنظيم «داعش» الجهادي على مناطق واسعة شمال وشرق سوريا، وتمكن قبل أكثر من 3 أسابيع من توسيع انتشاره إلى مناطق كبيرة في شمال وغرب وشرق العراق، بينها مدينة الموصل ومدينة تكريت شمال بغداد. ويرى محللون أن الظهور العلني المصور الأول في مسجد في مدينة الموصل لزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» عبارة عن استعراض قوة يهدف إلى إبراز الثقة التي يتحلى بها التنظيم المتشدد.
وقال الباحث في مركز «بروكنيغز» في الدوحة تشارلز ليستر «أحد أكثر الرجال المطلوبين في العالم استطاع ببساطة السفر إلى الموصل ليخطب لمدة نصف ساعة في أكثر المساجد ازدحاماً، في أكبر المدن الخاضعة لسيطرة جماعة جهادية». وأضاف أن «حقيقة أن البغدادي قد ظهر علناً في مثل هذا الموقع المركزي يعكس مدى الثقة التي تتمتع بها جماعته». وارتدى البغدادي صاحب اللحية الرمادية الطويلة وهو يخطب بالمصلين في صلاة الجمعة عباءة سوداء، ووضع على رأسه عمامة سوداء أيضاً.
وعرف النص الذي أرفق مع التسجيل المصور الرجل بـ «الخليفة إبراهيم»، وهو اللقب الذي أطلق على البغدادي بعدما قررت جماعته في 29 يونيو الماضي إعلان «الخلافة الإسلامية».
ويمثل أيضاً هذا الظهور العلني الأول لرجل تطارده عدة دول إقليمية ودولية تحولاً جوهرياً في القيادة تحت إشراف البغدادي الذي بدا وكأنه يسعى إلى التعريف بنفسه بعدما تساءل العديد من المناصرين للجهاديين حول كيفية مبايعة رجل لم يروه من قبل.
وفيما كان تنظيم «الدولة الإسلامية» يحقق نصراً معنوياً عبر ظهور زعيمه في أكبر مساجد الموصل، واصلت القوات العراقية عملياتها لاستعادة مناطق من أيدي المسلحين وخصوصاً تكريت دون أن تنجح في ذلك رغم مرور أكثر من أسبوع على إطلاقها عملية برية جوية واسعة في محيط معقل الرئيس السابق صدام حسين.
وقال عطا في مؤتمر صحافي في بغداد إن طيران الجيش وجه «ضربات نوعية» استهدفت مناطق متفرقة بينها تلعفر في محافظة نينوى شمالاً، والقائم قرب الحدود العراقية السورية غرباً، ومناطق أخرى في محافظة ديالى إلى الشمال الشرقي من بغداد.
وتحدث المسؤول العراقي عن مقتل أكثر من 20 مسلحاً لدى محاولتهم تفخيخ مبنى مجلس محافظة صلاح الدين في مدينة تكريت.
في سياق متصل، بدأت قوات المالكي بناء جدار دفاعي يحيط ببعض أجزاء محافظة ديالى المضطربة وذلك بسبب خطر تسلل المسلحين الذين استولوا على أجزاء كبيرة من شمال وغرب العراق.
ويقول قادة عسكريون إن الحاجز سيكون بارتفاع مترين وسوفي ساعد في صد المهاجمين.
وأقيم الجدار في المناطق المتاخمة لمنطقة العظيم التي شهدت من وقت لآخر اشتباكات متقطعة بين المسلحين وقوات المالكي. ويأتي الجمود الأمني في وقت يعيش العراق على وقع جمود سياسي مواز، في ظل الخلافات المتواصلة التي تعصف بالبلاد والتي تتمحور حول الشخصيات التي من المفترض أن تتولى الرئاسات الثلاث.
ومن المفترض أن يعقد البرلمان المنتخب جلسته الثانية غداً الثلاثاء بعدما فشل في جلسته الأولى في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور.
ويظلل تمسك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما فتح أزمة الحكم على مزيد من التعقيدات حين أعلن أنه لن يتنازل «أبداً» عن ترشحه لولاية ثالثة، رغم الانتقادات الداخلية والخارجية له، في خطوة تؤشر إلى أن عملية تشكيل حكومة جديدة لن تشهد خاتمتها قريباً.
وجاء موقف المالكي هذا رغم دعوة المرجعية الشيعية للإسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع، وهو ما لا يتمتع به المالكي حالياً، وسحب خصمه السياسي رئيس البرلمان أسامة النجيفي ترشحه لولاية ثانية على رأس مجلس النواب إفساحاً في المجال أمام توافق سياسي حول الرئاسات الثلاث.
من ناحية أخرى، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن بلاده تدعم ترشح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية إضافية في العراق لكنها لا تمانع وصول أي شخصية أخرى يختارها البرلمان العراقي.
وصرح المسؤول «في حال طرح المالكي رئيساً للوزراء، فسندعمه بقوة. وإذا اختار البرلمان شخصاً آخر فإيران ستدعمه كذلك. إنه شأن داخلي عراقي»، موضحاً أن لائحة المالكي التي تصدرت نتائج انتخابات أبريل الماضي التشريعية لديها «حقوق» بحسب المنطق البرلماني في البلاد. وبشأن تقسيم العراق، رفض عبداللهيان أي تقسيم للبلاد مصرحاً «لن نسمح أبداً بتحقق حلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتفكيك المنطقة برمتها».
ويؤيد نتنياهو استقلال كردستان فيما ترفضه إيران التي تعيش فيها أقلية كردية كبيرة.
وأوضح المسؤول أن القادة الإيرانيين حذروا مسؤولي كردستان العراق من تفكك البلاد الذي « لا يصب في مصلحة أحد».
وفيما تؤيد إيران الحكومة العراقية وأعربت عن استعدادها في مواجهة الهجمة الجهادية لتوفير الاستشارات والمساعدة العسكرية في حال طلبت بغداد ذلك، انتقد عبداللهيان الولايات المتحدة التي لم «تفعل أي شيء ملموس لمكافحة الإرهاب».
وأضاف «في أفضل الأحوال يبدو سلوك الولايات المتحدة في الأسابيع الثلاثة الفائتة حيال العراق مشبوهاً. لا نرى أي حاجة للتعاون أو النقاش مع الولايات المتحدة بخصوص العراق».