هزيمة تاريخية ستتصدر الكتب الأرشيفية للمونديال كأشهر مباراة شهدها كأس العالم في تاريخه، الفريق البرازيلي يتجرع خسارة لن ينساها أحد في البرازيل، هزيمة بعشرة هزائم بعدما تناوب اللاعبون الألمان على تسجيل سباعية بل وحطم كلوزه رقم الظاهرة رونالدو.. وآه على أيامك أيها الظاهرة، فهل يعقل أن تكون البطن البرازيلية أنجبتك هي من أنجبت فريد أيضاً.
ماذا حدث في المباراة..؟
حقيقة لا يتحمل اللاعبون مسؤولية هذه الهزيمة الساحقة، فهناك مسؤول واحد وأول وأخير وهو الكارثة التي تحدثنا عنها منذ بداية البطولة، لويس فيليبي سكولاري.
لو أن أياً من المتفرجين والمتابعين لكرة القدم درب البرازيل اليوم لوضع خطة أفضل ولما خسرت البرازيل بهذه النتيجة الثقيلة، سكولاري لم يتبع أساسيات التكتيك والتدريب أو ما يسمى بالألف والباء والتاء. بداية كانت في دراسة المنتخب الألماني والذي عرف الصغير قبل الكبير أن قوته الضاربة تمكن في خط وسطه، إلا سكولاري فهو الوحيد الذي لم يدرك هذا الأمر.
سكولاري في مباراة تشيلي لعب بتحفظ في خط الوسط وفي مباراة كولومبيا أيضاً وفي مباراة المكسيك وأيضاً ما كرواتيا، ولكنه أمس جن جنونه ودخل بخطة هجومية كارثية ومجنونة أمام من..؟ أمام أقوى فريق هجومي في المونديال قرر سكولاري الدخول مهاجماً بعكس المنطق. الأطراف الألمانية هي النقطة الوحيدة التي يمكن أن يضرب منها الفريق، لذلك توجب ببساطة على سكولاري الاعتماد على الظهيرين بشرط أن يثبت لاعبي الارتكاز وهو أمر من بدائيات كرة القدم، تقدم الظهيرين يعني ثبات لاعبي الارتكاز، مع وضع لاعب مساند في خط الوسط يجيد النزعة الهجومية والدفاعية للقيام بعملية الربط بين الهجوم والدفاع.
ما فعله سكولاري العبقري هو أنه سمح للظهيرين بالتقدم، إضافة إلى تقدم أحد لاعبي الارتكاز وهنا يقع أول خطأ في أبجديات كرة القدم، ومع تقدم أحد لاعبي الارتكاز لم يحتج سكولاري إلى اللاعب الرابط بين الدفاع والهجوم ولعب بصانع ألعاب متقدم وهو أوسكار وهنا أيضاً تقع المصيبة الثانية، أما الكارثة الثالثة وهي اللعب بخط دفاع متأخر، فعندما تهاجم بهذا العدد وتأمر بتقدم لاعب الارتكاز والظهيرين يشترط أن تلعب بخط دفاع متقدم وتطبيق مصيدة التسلل، لكن ذلك لم يحدث ما سهل من مهمة الألمان بشن الهجمات المرتدة بتمرير الكرة سريعاً إلى كلوزه الذي لم يقع في مصيدة التسلل ولم يتعرض لأي ضغط، فكانت مهمة الألمان سهلة جداً جداً في قسم ظهر الدفاع البرازيلي.
البرازيل حتى وإن لعبت بتقدم الظهيرين وثبات لاعبي الارتكاز، كانت ستخسر لكن بكل تأكيد بنتيجة أقل بكثير، لأن سكولاري لم يحسب أي حساب لخط وسط ألمانيا الناري وأحد أفضل خطوط الوسط في تاريخ كرة القدم، وما توجب على سكولاري هو إضافة لاعب وسط ثالث من بداية المباراة مثل راميريز أو هيرنانيز، حيث أن الأخير يمتلك نزعة هجومية جيدة ومهارات عالية ورؤية ممتازة لأرض الملعب وقدرة هائلة بالاحتفاظ بالكرة، وبهذه الخطة كان ممكن أن يتقدم الظهيرين بكل أريحية ولربما حتى فازت البرازيل. قد يقول البعض إن الجيل البرازيلي الحالي هو الأسوأ، لذلك كان من المتوقع أن تخسر البرازيل، لكن مهما كان ضعف اللاعبين لا يمكن أن يخسروا بسباعية وعلى أرضهم وفي نصف نهائي كأس العالم إن لم يكن هناك خطأ كارثي أكبر.
أخطاء سكولاري بدأت منذ زمن، مع كرواتيا، وبعدها المكسيك، ومن ثم الكاميرون في الشوط الأول، وبعدها تضاعفت الأخطاء أمام تشيلي خاصة في الشوط الثاني، وكولومبيا، عندما اتبع خطة انجلترا في الثمانينات بالكرات الطويلة، الخلل البرازيلي في خط الوسط ظهر منذ بداية المسابقة ولكن لحسن حظهم أن طريقهم لم يكن صعباً.
بل وأن أخطاء سكولاري بدأ قبل ذلك، عندما رفض استدعاء لوكاس مورا، وباتو، وكوتينيو، وميراندا وفيليبي لويز، وفضل لاعباً مثل فريد والذي أنا على ثقة أن رونالدو بوزنه وبعمر الـ37 عاماً كان سيقدم مونديالاً أفضل، أخطأ عندما استغنى عن لاعبي الخبرة مثل كاكا وحتى روبينيو رونالدينيو وأهمل عامل الخبرة الدولية والتي هي أحد أسس الفريق الذي يريد الفوز بكأس العالم، أخطأ بعدم تحضير الفريق نفسياً وشاهدناهم يبكون مع كل لحظة وموقف.