الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، والصلاة والسلام على أفضل العرب لهجة، وأصدقهم حجة، وعلى آله الأمجاد، وصحبه الذين فتحوا البلاد، ونشروا لغة التنزيل في الأغوار والأنجاد، وحببوها إلى الأعجمين حتى استقامت ألسنتهم على النطق بالضاد .. وبعد:
فإن شأن القلم لجلل، كيف لا والله سبحانه وتعالى علم بالقلم، وأقسم به، قال البستي:
كفى قلم الكتاب مجداً ورفعة .. مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم
وما ذاك إلا لعظيم أثره، وعمق خطره، ولذلك كانت العرب تقول: «مساق الناس بسين وقاف»، تريد بذلك: السيف، والقلم.
فكما أن السيف أسقط دويلات، فكذلك الكلمة المكتوبة أسقطت حكومات، وما العصر الحديث عن المشاهد له ببعيد .. ولهذا الأثر والتأثير للقلم كان لا بد للكتاب في الصحف والمجلات بل وسائر وسائل الاتصالات مراعاة أمور كثيرة فيما يسطرون ويكتبون ..
منها : بل - وأعظمها - مراقبة الله تعالى فيما يكتب، وليعلم أن ما ينطق بيده فإنه محاسب عليه «ما يلفظ من قول إلا عليه رقيب عتيد « ، ولا يحمله حب الظهور، وصرف وجوه الناس إليه أن يكتب ما لا يرضي الله تعالى؛ فإن من التمس رضا الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس».
ومنها : تحري الصدق والدقة فيما ينقل ويكتب من أخبار وأقوال، قال e : «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع»، فمن نقل ما لم يستوثق منه فهو كاذب بنقله.
ومنها : البعد عن تجريح الناس ولمزهم ، فما ذاك بشيم الكرام .
ومنها : نشر فاضل الأخلاق والعلوم بين الناس، والبعد عن سخف الأفكار وساقطها.
وأخيرًا ليعلم الكاتب أن ما يكتبه وينشره فهو مرآة قلبه وعقله، ولذلك قيل: «عقول الرجال تحت أقلامها».
والحمد لله رب العالمين