بقلم - الشيخ زياد السعدون:بعض الأزواج والزوجات، ما أن تحدث مشكلة أو خلاف، حتى يحتفظوا بهذه المشكلة في ذاكرتهم، وكأنها محفوظة في أرشيف لها رقم وتاريخ، فإذا حدث خلاف أو مشكلة جديدة، ذكروا الطرف الآخر بما فعل أو قال، ولو بعد 20 سنة أو أكثر، وربما أن النساء أكثر من الرجال في أرشفة المشاكل الزوجية، وحين نجلس مع بعضهم لحل مشكلة حدثت قريباً فإنهم يفتحون ذلك الأرشيف، ويستخرجون منه مشاكل أكل الدهر عليها وشرب، فيتصاعد الخلاف ويحمى وطيس النقاش العنيف بينهما على تلك المشكلة القديمة، التي انتهت في وقتها وتصالحا بعدها، فتصبح المشاكل القديمة عائقاً أمام الحلول للمشاكل الجديدة، ونقول لهؤلاء ولأمثالهم: إن الإنسان لا يستطيع أن يمشي إلى الأمام إذا كان ينظر باستمرار إلى الخلف، فتذكر الخلافات والمواقف المؤلمة يؤثر على مسيرة الحياة الزوجية وحيويتها، فإن لم نكن نستطيع النسيان فلابد من التناسي، وإلا فلا تحلو الحياة، ومرارة الذكريات تعشش في الذاكرة وتبوح بها الألسن، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة، فقد وقف في حجة الوداع وأنهى كل متعلقات الجاهلية بكل آلامها ومآسيها، فوضع الربا ووضع الدماء، وحتى يقتدي الناس ويبدؤون حياة جديدة لا تنغصها المشاكل القديمة التي كانت أيام الجاهلية فبدأ بربا عمه العباس فوضعه، وبدم الحارث بن عبد المطلب فوضعه، فكان قدوة عملية للناس من أجل حياة أفضل وأجمل، وأما في حياته الزوجية فلم يؤثر عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر امرأة من نسائه بخطأ قط، بل لم يكن يخوض في تفاصيل الإشكالات التي تحدث بينه وبين زوجاته أمهات المؤمنين، كما قال الله تعالى «فعرف بعضه وأعرض عن بعض»، فلابد أن يعلم المؤرشفون أنهم بفعلهم هذا يصنعون مشاكل جديدة تتولد من المشاكل القديمة، وأنهم يزرعون الشوك في طريق سعادتهم، وإن كان لابد من الأرشيف فليكن أرشيف الحسنات والذكريات الجميلة التي تزيد المحبة بين الزوجين وتقويها.
970x90
970x90