هل شعرت بالملل؟ هل تمنيت لو انتهت مباراة هولندا ضد الأرجنتين سريعاً لتنتهي من عذاب الإغلاق الدفاعي؟
بالتأكيد شعرنا جميعاً اعتباراً من الدقيقة 40 بأن مباراة نصف النهائي بين هولندا والأرجنتين التي انتهت بفوز الأخير بضربات الترجيح تتجه نحو الملل التكتيكي، ولكن الحقيقة أن المدربين المسؤولين عن الملل الخططي يستحقان التحية، وإن كانت التحية الأكبر للهولندي لويس فان غال رغم خسارة فريقه.. لماذا؟ هذا ما سنعرضه في السطور التالية..
أولاً التكتيك
اعتمد المدربان من البداية على القضاء التام والتكتيف الدفاعي في وجه ميسي من ناحية الأرجنتين وآرين روبين من ناحية هولندا.
ونجح كلا المدربين في خلق حالة إغلاق دفاعي كامل في وجه كل من اللاعبين المهرة، وإن كان الإغلاق على ميسي كان أكثر إحكاماً.
سابيلا المدير الفني لمنتخب الأرجنتين بدأ بنية محاولة خطف هدف سريع يؤمن المباراة، ولكنه لم يكن مندفعاً، وبالتالي لم ينل هدفه في ظل لعب هولندا مع لويس فان غال المدير الفني على نظرية التدرج في الهجوم وفي الجهد.
هولندا لعبت بطريقة 5-3-2 وكان هدفها الأساسي إغلاق الطريق وقطعه من العمق أمام الهجوم الأرجنتيني بينما لعبت الأرجنتين بطريقة 4-4-2 وعلى أرض الواقع كانت 4-2-2-2 ، وتعتمد على وجود 3 لاعبين في كل جبهة كل أمام الآخر وطبعاً من الواضح أن ذلك مصمم خصيصاً لإغلاق الطريق على آرين روبن تماماً كي لا يخترق من على الأطراف بأي شكل من الأشكال وإن كان قد اخترق في بعض الأوقات.
عموماً الطريقتان أغلقا منافذ اللعب تماماً على كل من الفريقين وأصبح كل منهما معدوم الحيلة للاختراق في ظل إجادة عناصر كل من الفريقين تطبيق نظريات المدربين نصا وحرفيا.
ثانياً: «التيون أب»
هناك بعض اللاعبين يمتلكون القدرة على التحكم في جهدهم خلال المباراة، ولكن المنتخب الهولندي يملك خاصية هي الأروع خططياً، فهو فريق يمتلك أزرار تعلية وتخفيض والريموت في يد المدرب لويس فان غال، الفريق الهولندي يسير وفق خطة بدنية يعلو في الأداء بمرور المباراة ويتحكم في إيقاع اللعب وإيقاع الهجوم بشكل رائع يحسب للفريق ويؤدي إلى إهلاك المنافس الذي يلعب على طريقة الخط المستقيم.
هولندا كانت تلعب على شكل الموجات التي تعلو وتعلو حتى وصلت لقمة الأداء في نهاية الشوط الإضافي بعدما كان المنتخب الأرجنتيني قد استهلك بدنياً بالكامل، ولكن خط الدفاع الأرجنتيني يستحق الإشادة باستمراره في الصلابة التي منعت هولندا من خطف هدف يصعد بها للنهائي.
انتهت المباراة والوقت الأصلي والإضافي وكلا المدربين يلعبان ويخططان ويزيدان من جرعة الملل التكتيكي ولكن في مصلحة فريقه وبميكيافيلية كاملة حيث الغاية تبرر الوسيلة، وفي ضربات الترجيح هولندا لم تتخل عن نحسها والأرجنتين لم تترك حظها الملازم لها كثيراً منذ بداية البطولة، فاز التانغو ورحلت الطواحين، وعانت الجماهير المتابعة من حالة ملل تكتيكي مستفز في أغلب الأوقات خاصة اعتباراً من الدقيقة 60، ولكن التاريخ لا يتذكر الملل بقدر ما يتذكر الترتيب.
مبروك لسابيلا الذي نجح في قيادة فريقه والحظ إلى نهائي مونديال البرازيل، وحظ أوفر للمنتخب الهولندي الذي لا نعتقد أنه سيحزن كثيراً باعبتاره دائم الخسارة بضربات الجزاء والاستثناء الوحيد كان عندما عبر كوستاريكا.