عواصم - (وكالات): كشفت وسائل إعلام عراقية عن مقتل 23 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني، بينهم 4 ضباط في تفجيرات ومعارك شمال سامراء غرب بغداد، فيما نقل موقع «البينة» الذي يديره أمين عام مجمع مصلحة النظام في إيران محسن رضائي على الإنترنت، عن مصدر في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي قوله إن «السفارة الإيرانية في بغداد أشرفت على عملية نقل 23 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني، بينهم 4 ضباط، قتلوا خلال تفجير بسيارة مفخخة شمال سامراء نهاية الأسبوع الماضي واشتباكات في منطقة الرضوانية الواقعة في حزام بغداد»، وفقا لقناة «العربية». وأوضح المصدر أن «طائرة إيرانية نقلت الجثث من مطار النجف بعد نقلهم إلى مرقد الإمام علي في المدينة القديمة للصلاة عليهم بحضور السفير الإيراني حسن دنائي فر، ومسؤولين عراقيين». في غضون ذلك، تتجه الأزمة السياسية في العراق الذي يعاني في مواجهة المسلحين نحو مزيد من التعقيد مع ارتفاع حدة السجال بين رئيس الوزراء نوري المالكي والسلطات الكردية التي رأت أنه أصيب «بالهستيريا» وطالبته «بترك الكرسي». ويدور هذا السجال قبل 3 أيام من الجلسة الثانية للبرلمان الجديد الذي فشل في جلسته الأولى في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، وسط فوضى دستورية وتراشق كلامي يستنسخ الخلافات التي طبعت عمل البرلمان السابق وإصابته بالشلل على مدى أربع سنوات.
وقال المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان أميد صباح «سمعنا المالكي يكيل الاتهامات الباطلة لمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، وعندما ندقق في أقواله نستنتج أن الرجل قد أصيب بالهستيريا فعلا وفقد توازنه».
واتهم المالكي أربيل بأنها أصبحت «مقراً لعمليات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، والقاعدة والبعث والإرهابيين»، مؤكداً أن بغداد لن تسكت على سيطرة الأكراد على مناطق متنازع عليها دخلتها القوات الكردية بعد أن غادرها الجيش. وشدد بيان رئاسة كردستان على أن «أربيل ليست مكاناً لداعش وأمثال داعش، وأن مكان الداعشيين عندك أنت حينما سلمت أرض العراق ومعدات 6 فرق عسكرية إلى داعش»، في إشارة إلى تراجع الجيش من مواقع عسكرية في لدى بدء هجوم «الدولة الإسلامية» قبل شهر وتركه معدات وأسلحة وآليات ثقيلة خلفه.
وتابع البيان «أنت الذي لملمت جنرالات البعث حولك ولم يصمدوا ساعة واحدة، ولا ندري كيف وبأي وجه تأتي وتتهم الآن وتتحدث من على شاشات التلفزيون»، داعياً إياه إلى «الاعتذار للشعب العراقي وترك الكرسي لأنك دمرت البلاد ومن يدمر البلاد لا يمكنه إنقاذها من الأزمات».
وسيطر الأكراد منذ بداية الهجوم على مناطق متنازع عليها مع بغداد بعد انسحاب القوات العراقية منها، وعلى رأسها مدينة كركوك الغنية بالنفط شمال بغداد، في خطوة أكد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أنها نهائية. ورغم أن بارزاني طلب من البرلمان المحلي الاستعداد لتنظيم استفتاء على الانفصال عن العراق، إلا أن الأكراد لايزالون يتطلعون إلى الحصول على منصب رئاسة الجمهورية في خضم المفاوضات الجارية حالياً للاتفاق على الرئاسات الثلاث. ويشوب العلاقة بين بغداد والإقليم الكردي الذي يملك قوات عسكرية وتأشيرات وعلم خاص به، توتر يتعلق أساساً بالمناطق المتنازع عليها وبعائدات النفط وصادراته، حيث تقوم الحكومة المحلية في الإقليم بتوقيع عقود مع شركات أجنبية من دون الرجوع إلى بغداد.
وكان بارزاني أحد أبرز الشخصيات التي سعت في السابق إلى سحب الثقة من نوري المالكي.
وغالباً ما تستقبل أربيل اجتماعات ومؤتمرات معارضة للحكومة في بغداد، وبين الشخصيات التي تستضيفها حالياً والتي يدلي بعضها بتصريحات يومية مناهضة للسلطة في بغداد الشيخ علي حاتم سليمان المعارض للمالكي وأحد أبرز زعماء العشائر السنية. ويشير الاشتباك بين بغداد والأكراد إلى عمق الأزمة السياسية التي يعيشها العراق والتي دفعت البرلمان نحو الإخفاق في اختيار رئيس له في جلسته الأولى بحسب ما ينص الدستور، على أن يجتمع مرة ثانية الأحد المقبل. وأعلن وزراء أكراد تعليق حضورهم اجتماعات حكومة تسيير الأعمال في العراق وردت السلطات في بغداد بمنع رحلات الشحن الجوي إلى مدينتين كرديتين في خلاف متصاعد بين الحكومة بقيادة الشيعة والزعماء الأكراد. ويظلل تمسك المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما فتح أزمة الحكم على مزيد من التعقيدات الأسبوع الماضي حين أعلن أنه لن يتنازل «أبداً» عن ترشحه لولاية ثالثة على رأس الحكومة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.
ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة مستنداً إلى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى. ويرى مراقبون أن المالكي يعمل على تمديد الأزمة وتأجيل التصويت في البرلمان حتى يتمكن من قلب موازين القوى لصالحه. ويقول دبلوماسي غربي «يحاول المالكي أن يطيل المسألة لأن هذه فرصته الوحيدة». ميدانياً، تواصل قوات المالكي دون أي نجاح سعيها لاستعادة مناطق من أيدي مسلحين ينتمون لتنظيمات وفصائل مختلفة بينهم مسلحين من العشائر وعناصر من «حزب البعث» السابق، ومقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش»، والتي تسيطر على مناطق شمال وشرق وغرب العراق بينها الموصل وتكريت شمال بغداد.
ونفذ طيران المالكي مزيداً من الغارات على المناطق التي يتواجد فيها المسلحون، وبينها الفلوجة غرب بغداد حيث قتل بحسب الطبيب في مستشفى المدينة أحمد شامي 8 أشخاص وأصيب 35 في غارة نفذتها طائرة حربية.
وفي واشنطن، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أن الجهاديين السنة في العراق يمثلون «خطراً داهماً» وواضحاً على الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، وذلك بعد أيام على تأكيداته أن واشنطن ليست على وشك القيام بأي تحرك عسكري لمساعدة الحكومة العراقية. وقال هيغل خلال زيارة إلى قاعدة بحرية في جورجيا جنوب شرق الولايات المتحدة «لن نخدعكم حيال هذا الأمر، ولا يجوز أن ينخدع أحد في الكونغرس بهذا الخصوص. الجهاديون يشكلون خطراً على بلادنا». وأضاف أن الجهاديين السنة وخصوصاً التابعين لتنظيم «الدولة الإسلامية» هم «قوة متطورة ومتحركة ومنظمة وممولة بشكل جيد وقادرة»، مضيفاً أن المجموعة المتطرفة «قد لا تبدو تهديداً داهماً للولايات المتحدة ولكنها فعلاً تهديد للولايات المتحدة». من جهة أخرى، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة إنها تعتقد أن المواد التي قال العراق إن مسلحين استولوا عليها من «درجة منخفضة» ولا تمثل خطراً أمنياً يذكر.