من تأمل الدنيا و سبر حالها.. وجدها لا تسلم من منغصات و مكدرات، وهذه سنة الله تعالى في خلقه فلم يسلم منها أحد، قال الشاعر:
جبلت على كدر و أنت تريدها.. صفواً من الأقذاء و الأكدار
ومكلّف الأيام ضدّ طباعها... متطلّب في الماء جذوة نار !!
و لذلك الحصيف من هيأ نفسه لذلك فلم يشغل باله أو يعمل خاطره في طلب صفو الأيام فإن ذلك محال.. و مع هذا لا يعني ذلك أن يركن الإنسان و ينتظر الهم حتى إذا بلغه ناله جهده من تفكير وألم، وإنما يتعامل مع الهم تعامل النبي، فلنا في رسول الله أسوة حسنة ..
فقد كان رسول الله إذا نزل به الكرب يقول: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض، ورب العرش الكريم».. و قد وردت عنه من الأدعية الجامعة في ذلك الكثير يحسن بالمسلم تعلمها والمحافظة عليها..
ومما يعين كذلك على دفع الهموم وطرد الغموم: إعمال المؤمن وقته في عبادة ربه، فيكون القلب في ربيع من السرور لا يتأثر بما يعتريه من الشرور، فنِعمت الراحة ونِعم المستراح، لا سيما قيام الليل وقراءة القرآن بتدبر؛ فإن لها عملاً في طرد الهموم من القلب أعجزت الطب و أهله. ومن عجيب الأدوية في طرد الهموم إغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، فالجزاء من جنس العمل.
ومما يعين أيضاً: استخبار حال الدنيا، فمن تفكر فيها علم أنها إلى زوال، وإذا زالت ذهبت معها الهموم، فهي لا تدوم..
واعلم أن الله تعالى كما جعل الهموم سنة كونية، كذلك جعل الفرج سنة ماضية فإن مع العسر يسرا، قال تعالى: (سيجعل الله بعد عسر يسرا)..
قال ابن مسعود: «لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه».
واستحضر أن ما أنت فيه من الهم إنما هو تكفير للسيئات و رفعة في الدرجات، قال: «ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، و لا سقم، ولا حزن حتى الهم يهمه، إلا كفر به من سيئاته».
أعاذنا الله وإياكم من الهم والحزن
محمد يوسف - باحث شرعي