واشنطن - (وكالات): عبرت الولايات المتحدة بشكل واضح عن استيائها من رد فعل السلطات الألمانية في قضية التجسس التي دفعت برلين إلى الطلب من رئيس الاستخبارات الأمريكية في برلين مغادرة ألمانيا، ما يساهم في توتر العلاقات بين واشنطن وبرلين المعقدة أصلاً منذ كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن عن تنصت الوكالة على الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في وقت أبدت ميركل تشككها حيال وقف التجسس الأمريكي في بلادها. وفي مقابلة مع القناة الثانية بالتلفزيون الألماني «زد دى إف» قالت ميركل «أعتقد أنه ليس بهذه البساطة إقناع الأمريكيين بالبدء بشكل عام الآن في تغيير عمل الاستخبارات بصورة شاملة».
وأضافت «ولذلك علينا أن نوضح أين تكمن الرؤى المختلفة»، وفي ردها على سؤال حول ما إذا كانت تتوقع حدوث تغيرات في العلاقات مع الولايات المتحدة بسبب قضايا التجسس، قالت ميركل «لا أستطيع التنبؤ لكن بطبيعة الحال أتمنى أن يتغير شيء».
في الوقت ذاته، تحدث الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست عن الموقف الأمريكي بإسهاب بعدما رفض طوال الأسبوع التعليق على قضية الاستخبارات الحساسة.
وقال ارنست إن «حلفاء يملكون أجهزة استخبارات متطورة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا، يدركون بدرجة ما من التفصيل، ما تتطلبه علاقات ونشاطات هذه الاستخبارات بدقة». وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض أن «الطريقة الأكثر فاعلية لتسوية الخلافات هي المرور عبر القنوات الخاصة القائمة وليس عن طريق وسائل الإعلام».
ورداً على سؤال عما إذا كان ذلك انتقاداً للسلطات الألمانية، قال ارنست «أترك لكم مسؤولية التفسير».
لكن في الجلسات الخاصة، عبر مسؤولون في الإدارة الأمريكية عن استيائهم من القرار الألماني بالرد علناً على اكتشاف جاسوسين يعملان لحساب الأمريكيين على ما يبدو داخل الاستخبارات الألمانية.
ورفض جوش ارنست تأكيد أو نفي أن يكون رئيس فرع وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» الأمريكية غادر فعلاً الأراضي الألمانية بعدما طلبت السلطات الألمانية منه ذلك الخميس الماضي. لكنه قال إن واشنطن تدرك خطورة القضية وتحترم «بالتأكيد طلبات الحكومة الألمانية المتعلقة باعتماد ووجود دبلوماسيين أمريكيين في ألمانيا». إلا أنه قال إن القضية التي جاءت بعد كشف معلومات عن عمليات تجسس على نطاق واسع تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكية في ألمانيا العام الماضي، يفترض ألا تمنع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من مواصلة التعاون في ملفات مهمة للولايات المتحدة بدءاً من فرض عقوبات دولية جديدة على روسيا رداً على ضمها شبه جزيرة القرم. وقال جوش ارنست «إن السبب الذي يجعل العلاقات في مجال الأمن القومي وتقاسم المعلومات الاستخباراتية قوية بين ألمانيا والولايات المتحدة لا يعود لأن المستشارة ميركل تقدم خدمة لأي كان في هذا البلد، إنها تفعل ذلك وتحرص على هذه العلاقة مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأن ذلك في مصلحة البلد الذي انتخبها لتمثله». وتابع أن الرئيس أوباما يجد أن ميركل شريكة فعالة لأنها تعرف المصالح القومية لبلدها لكنها تستطيع العمل بتعاون مع الدول الأخرى.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض إن «الرئيس يحترمها جداً ليس لشخصها فقط بل لحرفيتها عندما تقوم بعملها».
وبعد الكشف الأسبوع الماضي عن عميل لدى الاستخبارات الألمانية يعمل أيضاً لحساب الاستخبارات الأمريكية، أعلن المدعي العام الألماني التحقيق في قضية تجسس ثانية. وتحدثت وسائل إعلام ألمانية عن جندي يتجسس لصالح واشنطن. وساهمت تلك الأحداث في توتر العلاقات بين واشنطن وبرلين المعقدة أصلاً منذ كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية ادوارد سنودن عن تنصت الوكالة على الهاتف الشخصي لميركل. وأعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أنه سيتوجه إلى فيينا للمشاركة في الاجتماع حول النووي الإيراني وسيبحث مع نظيره الأمريكي جون كيري في قضية التجسس التي توتر العلاقات بين الدولتين.
وقال شتاينماير خلال مؤتمر صحافي «نريد إعادة تنشيط شراكتنا وصداقتنا على قواعد صادقة، ونحن جاهزون. هذه ستكون الرسالة التي سأوصلها إلى نظيري الأمريكي جون كيري حين أقابله نهاية الأسبوع الحالي في فيينا».
وأضاف أن «هذا التعاون لا يجب أن يعتمد على الثقة فقط بل على الاحترام المتبادل أيضاً»، موضحاً أنه «برغم أحداث الأسابيع الأخيرة، وهي مقلقة وقد أوصلتنا إلى اتخاذ قرار البارحة، إلا أن شراكتنا مع الولايات المتحدة لا جدال فيها برأيي».