عواصم - (وكالات): تعود العملية السياسية في العراق إلى الواجهة -أقله شكلياً- مع انعقاد الجلسة الثانية للبرلمان اليوم، رغم عدم توقع حدوث اختراق لجهة انتخاب رئيس لمجلس النواب في ظل استمرار غياب التفاهمات التي تعيق تشكيل حكومة جديدة، في ما حذرت الأمم المتحدة من شيوع الفوضى إذا لم يحرز النواب المنقسمون تقدماً بشأن تشكيل الحكومة. وفي خضم الخلافات التي تعصف بالكتل السياسية، وفشل الالتزام بالتوقيتات الدستورية، يواصل مسلحون من فصائل وتنظيمات عراقية مختلفة مناهضة لحكم رئيس الوزراء نوري المالكي بينهم مسلحون من العشائر وعناصر من «حزب البعث» السابق، ومقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية-داعش» هجومهم الكاسح المستمر منذ أكثر من شهر، في ما قام تنظيم داعش أمس بتهجير قريتين شيعيتين شرق العراق.ويظلل تمسك رئيس الحكومة نوري المالكي بمنصبه المشهد السياسي، بعدما أكد أنه لن يتنازل «أبداً» عن السعي للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، في ما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة مستنداً إلى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى. كما يدور سجال حاد بين المالكي والسلطات الكردية بعدما اتهم رئيس الوزراء الأكراد بإيواء تنظيمات متطرفة، قبل أن يعلق الوزراء الأكراد في حكومة المالكي مشاركتهم في جلسات الحكومة.وعشية الجلسة البرلمانية الثانية، دعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف البرلمان العراقي إلى انتخاب رئيس له في هذه الجلسة.وقال بحسبما نقل عنه بيان «أدعو جميع البرلمانيين لحضور الجلسة القادمة لمجلس النواب»، مضيفاً أنه «بينما تسعى الكتل السياسية نحو الاتفاق على الشخصيات الرئيسة، فإن الخطوة الأولى هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلال جلسته المقررة اليوم». واعتبر أن «الإخفاق في المضي قدماً في انتخاب رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للدولة وحكومة جديدة يعرض البلد لمخاطر الانزلاق في حالة من الفوضى».وجاء ذلك بعدما حذرت السفارة الأمريكية من أن «مزيداً من التأخير أو التصعيد من قبل أي طرف تحت أي ذريعة لا يمكن تبريره»، وأن تأجيل تشكيل حكومة جديدة سيصب في صالح المسلحين خاصة تنظيم «داعش».وطالب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني -في وقت سابق- البرلمان بعدم تجاوز المهل الدستورية المحددة لاختيار الرؤساء الثلاثة أكثر.غير أن العديد من نواب البرلمان أبدوا شكوكهم في إمكانية التوصل إلى اتفاق حول رئاسة البرلمان أو أي من الرئاسات الأخرى اليوم. وقالت نائب كردية رفضت الكشف عن اسمها «كل الكتل الكردستانية والتي يبلغ عدد نوابها 62 نائباً ستشارك»، لكنها أضافت «يمكن أن يكون اجتماع اليوم نفس الاجتماع السابق، وأشك في توصل الأطراف الرئيسة إلى اتفاق حول تسمية الرئاسات الثلاث».وتابعت «باعتقادي يمكن أن يرشح رئيس مؤقت للبرلمان وتبقى الجلسة مفتوحة لحين الاتفاق على مرشحي الرئاسات الثلاث». من جهته، قال النائب ظافر العاني «سيعتمد حضورنا على تسمية مرشحنا لرئاسة البرلمان وعملية اختيار مرشح توافقي معقدة، فإذا أنجزناها سنحضر وسنبلغ الكتل الأخرى بذلك». واستدرك «إذا لم يتم الاتفاق ربما سنحتاج إلى وقت أكثر حتى نكون جاهزين، لكن الذهاب من دون تسمية مرشحنا أمر غير ممكن». وبحسب العرف السياسي المتبع في العراق، فإن رئيس الوزراء يكون شيعياً، ورئيس البرلمان سني، ورئيس الجمهورية كردي.في الوقت ذاته، واصل مسلحو الفصائل هجومهم الكاسح الذي مكنهم منذ بدايته قبل أكثر من شهر من السيطرة على عدة مناطق من شرق وغرب وشمال العراق.وهاجم مسلحو «داعش» قريتين شيعيتين في محافظة ديالى شرق العراق وقاموا بتهجير سكان القريتين بعد معارك ضارية مع القوات الأمنية، وفقاً لشهود عيان.وأفاد أكثر من شاهد عيان أن المسلحين هاجموا أولاً قرية التوكل شمال مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد واشتبكوا مع القوات الأمنية والمسلحين الشيعة الذين انسحبوا بعد قتال دامٍ. وإثر انتهاك المعارك ودخول المسلحين، غادر سكان القرية التي تتكون من نحو مئتي منزل تاركين وراءهم مزارعهم وماشيتهم باتجاه حي المعلمين في ناحية المقدادية القريبة. وبعد وقت قصير شن عناصر «داعش» هجوماً مماثلاً على قرية الزركوش التي تضم نحو 40 منزلاً وتقع شمال ناحية السعدية شرق بعقوبة، وخاضوا معارك مع القوات الأمنية وقاموا بتهجير سكانها باتجاه قرية شهربان القريبة. وجاء ذلك بعدما شنت القوات العراقية عملية تستهدف استرجاع السيطرة على مناطق قريبة من المقدادية، في ما تمكنت غرب البلاد من صد هجوم كبير استهدف مدينة حديثة في محافظة الأنبار.وقالت الشرطة ومسعفون إن 7 مدنيين منهم أطفال قتلوا بنيران طائرات هليكوبتر عسكرية. وقالت مصادر في مشرحة ومستشفى في بلدة بعقوبة إنهما استقبلا جثث 15 من مقاتلي الميليشيات الشيعية نقلوا إليهما بعد القتال الذي اندلع أمس. وقال التلفزيون الحكومي أيضاً إن 24 «إرهابياً» قتلوا.وقال مسؤول الصحة الحكومي أحمد الشامي إنه في بلدة الفلوجة الغربية استقبل مستشفى 3 جثث و18 جريحاً بعد أن تعرضت البلدة لقصف من طائرات هليكوبتر تابعة للجيش. من جهة أخرى، ارتفع إلى 30 عدد قتلى هجوم انتحاري بقنبلة أمس الأول في نقطة تفتيش يسيطر عليها الأكراد على الحافة الجنوبية لمحافظة كركوك حيث فر آلاف النازحين من مدينة تكريت ومناطق أخرى اجتاحها المسلحون الشهر الماضي.
970x90
970x90