عواصم - (وكالات): توعدت إسرائيل أمس بتكثيف هجومها على قطاع غزة بعدما دعت سكان شمال القطاع إلى إخلاء منازلهم، وذلك في اليوم السادس من العدوان الذي أسفر عن استشهاد 168 فلسطينياً وإصابة 1121 في عملية عسكرية عرفت باسم «الجرف الصامد»، في ما طالبت القيادة الفلسطينية الأمم المتحدة بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، في رسالة سلمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لممثل الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية روبرت سيري لينقلها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وألقى الطيران الإسرائيلي منشورات فوق شمال قطاع غزة حض فيها المدنيين على مغادرة منازلهم «فوراً»، في ما تواصلت الدعوات إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الدبلوماسي، بينما ردت فصائل المقاومة الفلسطينية خاصة كتائب القسام الذراع السياسي لـ»حماس» بإطلاق صواريخ على حيفا وتل أبيب.
وقال الجيش الإسرائيلي إن «هذه المنشورات تطلب من السكان الابتعاد، من أجل سلامتهم، عن ناشطي حماس ومواقعهم».
وحذر المتحدث باسم الجيش الجنرال موتي الموز من أن على الفلسطينيين أن يأخذوا «هذا التهديد على محمل الجد»، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق بـ»إجراء نفسي».
وحضت حركة حماس التي تسيطر على القطاع السكان على عدم الامتثال لأوامر الجيش الإسرائيلي وملازمة منازلهم.
وقالت أجهزة الصحة الفلسطينية إن 168 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين استشهدوا وأصيب 1121 منذ بدء العدوان الإسرائيلي الثلاثاء الماضي. وفر آلاف من سكان غزة من شمال القطاع في سيارات أو سيراً أو حتى مستخدمين عربات الأحصنة حاملين معهم ما استطاعوا من لوازم. ورغم أن كثيرين منهم لم يقرؤوا المنشورات فقد قرروا المغادرة بعد ليلة عنيفة. وعلق أحد السكان «كان القصف كثيفاً ولم نستطع النوم، الأمر رهيب».
ولجأ نحو 4 آلاف من السكان إلى 8 مدارس محلية تديرها وكالة الأونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. واندلعت دوامة العنف الجديدة بعد فقدان 3 إسرائيليين هم طلاب مدرسة تلمودية في الضفة الغربية والعثور على جثثهم بعد ذلك. واتهمت إسرائيل حركة حماس بخطفهم. وأعقب ذلك خطف فتى فلسطيني وإحراقه حياً من قبل متطرفين يهود. ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء بأن تضرب إسرائيل «حماس بقوة أكبر»، متهماً الحركة باستخدام «السكان كدروع بشرية». وقال نتنياهو «سنواصل التحرك بدم بارد وحزم ومسؤولية لتحقيق هدفنا المتمثل في إعادة الهدوء لوقت طويل»، رافضاً تحديد سقف زمني للعمليات العسكرية.
وقامت قوة كومندوز من البحرية الإسرائيلية للمرة الأولى بعملية توغل برية بهدف تدمير موقع لإطلاق الصواريخ.
وأعلن الجيش أنه «تم تنفيذ العملية بنجاح»، موضحاً أن 4 جنود أصيبوا بجروح طفيفة في تبادل لإطلاق النار، الأمر الذي أكدته كتائب القسام الجناح العسكري لحماس.
وتوعد المسؤولون الإسرائيليون مراراً في الأيام الأخيرة بعملية برية واسعة الناطق.
ومنذ منتصف ليل أمس الأول شنت المقاتلات الإسرائيلية أكثر من 20 غارة ما يرفع إلى 1330 عدد «الأهداف» التي هوجمت منذ بدء العملية قبل 6 أيام. وأسفرت الغارات عن 3 شهداء بينهم فتى في الرابعة عشرة وامرأة في الرابعة والأربعين وفق أجهزة الإسعاف الفلسطينية. وأفادت دراسة لمكتب الأمم المتحدة المكلف بالشؤون الإنسانية بأن 70% من الضحايا مدنيون وبينهم 35 طفلاً و26 امرأة. من جهتها أحصت إسرائيل سقوط 50 صاروخاً بالأراضي المحتلة، في ما دمرت 10 أخرى من جانب نظام القبة الحديدية. وفي المحصلة، سقط نحو 700 صاروخ في الأراضي المحتلة ودمر أكثر من 150 منذ الثلاثاء الماضي. وقد اعترض نظام القبة الحديدية صاروخين أطلقا من قطاع غزة على منطقة تل أبيب، بحسبما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وأعلنت كتائب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصفها مدينة نتانيا شمال الأراضي المحتلة لأول مرة بالصواريخ.
وفي رام الله، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وضع دولة فلسطين رسمياً «تحت نظام الحماية الدولية للأمم المتحدة». ودعا البابا فرنسيس في نداء من أجل السلام في غزة، في صلاة الأحد، إلى «خطوات ملموسة لبناء السلام».
دبلوماسياً، اتصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنتنياهو لتكرار عرض بلاده التوسط من أجل الاتفاق على هدنة. وأكد نتنياهو أن حماس تتحمل وحدها وبالكامل مسؤولية سقوط الضحايا المدنيين في قطاع غزة، لافتاً إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة الصواريخ التي تطلقها الحركة.
في الوقت ذاته، يبحث وزراء خارجية بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا في فيينا وقفاً لإطلاق النار في غزة على هامش اجتماع محوره البرنامج النووي الإيراني.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأنه «في غزة كما في إسرائيل، فإن الأولوية المطلقة هي وقف إطلاق النار».
ويتوجه وزيرا خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتايمناير وإيطاليا فيديريكا موغيريني الأسبوع المقبل إلى الشرق الأوسط، على أن تلتقي الوزيرة الإيطالية نتنياهو وعباس كون بلادها تترأس حالياً الاتحاد الأوروبي.
وكان مجلس الأمن الدولي دعا مجدداً إسرائيل وحماس إلى إنهاء العمليات العسكرية و»حماية المدنيين».
من جهة أخرى، أكد مسؤولان في حركة حماس في لبنان أن جماعتهما لا صلة لها على الإطلاق ببيان صدر باسم جناحها العسكري، ويزعم المسؤولية عن هجوم صاروخي من الأراضي اللبنانية على الأراضي المحتلة أمس الأول. وفي وقت لاحق، سقط صاروخ أطلق من الأراضي السورية على الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان في أرض خلاء دون أن يسفر عن وقوع إصابات.
من جهته أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبومرزوق أنه إذا تم التوصل إلى تهدئة مع إسرائيل فهذه التهدئة «استراحة محارب».