تشهد القارة الأوروبية موجة هروب للأموال والودائع ورجال الأعمال استفادت منها بصورة لافتة منطقة الخليج التي صمدت أمام الأزمة الاقتصادية وبدت الأقل تضرراً منها، حيث تهيمن المخاوف على المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال في أوروبا، وخاصة في قبرص، من خسارة أجزاء كبيرة من أموالهم بسبب الضرائب والاقتطاعات المحتملة التي فرضتها الأزمة.
وكانت قبرص قد مثلت مفاجأة للعالم بتوصلها إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ سيتم تمويل جزء منها من أموال المودعين في المصارف القبرصية، ليتم لأول مرة في أوروبا خصم اقتطاعات حكومية أو فرض ضرائب على الودائع المالية في البنوك، وهو ما أثار مخاوف واسعة في قبرص وفي القارة الأوروبية من انتقال العدوى إلى أكثر من دولة.
استفادة دول الخليج
واستفادت دول الخليج العربية، وخاصة إمارة دبي بشكل خاص، من موجة هروب الأموال التي تشهدها القارة الأوروبية، حيث تؤكد مصادر متعددة وجود تدفق مالي من أوروبا وقبرص إلى الخليج، فيما يقول محللون إن ما يؤكد هذا التدفق هو الانتعاش الذي بدأ تسجيله في أسواق الأسهم والعقارات الإماراتية والخليجية.
وقال رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف في تصريح خاص لـ"العربية نت" إن هناك حركة أموال ملحوظة نحو منطقة الخليج مصدرها ليس فقط قبرص، وإنما من دول أوروبية عديدة.
وأكد يوسف أن هذا التدفق المالي الأوروبي إلى الخليج أعطى دفعة قوية إلى أسواق المنطقة، مشيراً إلى أن "هناك كميات كبيرة من الأموال تنتقل منذ فترة من القارة الأوروبية إلى منطقة الخليج".
وأكد يوسف أن أسواق العقار وأسواق الأسهم هي أكبر المستفيدين من حركة الأموال التي تتدفق على منطقة الخليج، حيث بدأ هذان القطاعان يشهدان انتعاشاً ملموساً، وبدأت التداولات ترتفع فيهما نتيجة قدوم هذه الأموال.
ويرى يوسف أن مجرد انتقال هذه المبالغ المالية من أوروبا إلى الخليج يمثل عاملاً إيجابياً لاقتصادات المنطقة، عموماً، وتستفيد منه كافة أسواق الخليج.
ويتفق مع يوسف المحلل المالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران الذي أكد لـ"العربية نت" أن الارتفاع في أحجام التداول بأسواق الأسهم الإماراتية والكويتية على وجه الخصوص مرده إلى تدفق الأموال الأوروبية الهاربة من قبرص والهاربة من عمليات إعادة تنظيم الضرائب الجارية حالياً في أوروبا والولايات المتحدة.
وبحسب العمران، فإن إمارة دبي هي أكثر المستفيدين من هذه الأموال، تليها الكويت، وهذا ملموس من ارتفاع أحجام التداول في الأسهم والعقارات في هذين البلدين.
ويقول العمران إن قطاعي الأسهم والعقارات هما الأكثر استفادة من الأموال التي تدفقت من أوروبا إلى منطقة الخليج وتسببت بطفرة واضحة وملموسة، خاصة في إمارة دبي.
ترتيب القوانين
ويشرح العمران ما يجري في العالم بقوله إن هناك موجة لإعادة ترتيب القوانين الضريبية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، تسببت بها الأزمة المالية وأزمة الديون السيادية، وتشمل إعادة ترتيب الشركات ومراقبة الملفات الضريبية لها، وملاحقة المتهربين من الضرائب، وتقييد الملاذات الضريبية، وهذه الموجة تثير القلق في أوساط المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، وهو ما يدفع بكثير من هذه الأموال إلى المنطقة العربية.
يشار إلى أن حجم السيولة في أسواق الأسهم الإماراتية شهد ارتفاعاً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة، كما أن تداولات العقارات في دبي شهدت ارتفاعاً كبيراً أدى إلى ارتفاع الأسعار، كما يجمع عليه غالبية المحللين في الإمارات.