عواصم - (وكالات): أفادت معلومات مسربة من داخل التحالف الوطني العراقي -الذي يضم الأحزاب الشيعية- بأن «حزب الدعوة» أرسل رسالة خطية إلى المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في النجف أبلغه فيها أنه امتثل لأوامر المرجعية بسحب ترشح نوري المالكي لرئاسة الوزراء لولاية ثالثة. وتقول التسريبات إن حزب الدعوة أبلغ المرجعية كذلك بأنه يبحث عن مرشح بديل للمالكي، رئيس ائتلاف دولة القانون، وبأن بعض المصادر أكدت في وقت سابق بأن السيستاني أعطى مهلة أسبوع للمالكي لسحب ترشحه. وبحسب المصادر فإنه بعد انتخاب حيدر العبادي من حزب الدعوة نائباً أول لرئيس البرلمان، وممثلاً للسلطة التشريعية فإنه من غير الجائز للدعوة أخذ موقع في السلطة التنفيذية لأنه لا يمكن الجمع بين السلطتين.
والمخاض العسير لتشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات العامة في أبريل الماضي يعود إلى تعنت المالكي وتشبثه.
في موازاة ذلك، يعود الرئيس جلال طالباني اليوم إلى العراق بعد أكثر من عام ونصف عام من العلاج في ألمانيا في وقت تواجه وحدة بلاده أخطر تحدياتها في ظل هجوم المسلحين والأزمة السياسية المتفاقمة والنزعة الكردية نحو الانفصال.
وجاء في بيان رسمي نشر على موقع رئاسة الجمهورية أن «رئيس الجمهورية جلال طالباني سيصل إلى العراق اليوم بعدما من الله تعالى بالشفاء لفخامته وإتمام العلاج في ألمانيا من العارض الصحي الذي مر به».
وأضاف البيان أن طالباني الذي سيصل إلى مدينته السليمانية في إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي سيؤدي «بكل المسؤولية المعروفة عنه مهامه وعمله رئيساً لجمهورية العراق».
وغادر طالباني في 20 ديسمبر 2012 إلى ألمانيا لمتابعة علاج من جلطة دماغية، وقد نشرت صور له منذ ذلك الحين وهو يتحدث مع أفراد عائلته في المكان الذي كان يتلقى فيه العلاج.
ويعود طالباني إلى العراق قبل يوم واحد من إغلاق البرلمان باب الترشح لرئاسة الجمهورية، وفي وقت تخوض الأطراف السياسية مفاوضات شاقة بهدف التوصل إلى اتفاق حول هذا المنصب وحول منصب رئيس الوزراء والمضي في تشكيل حكومة جديدة.
وبحسب العرف السياسي السائد في العراق والذي لم ينص عليه الدستور فإن رئيس الجمهورية يكون كردياً، ورئيس الوزراء شيعي، ورئيس البرلمان سني.
ويظلل تمسك رئيس الوزراء نوري المالكي بمنصبه المشهد السياسي بعدما أكد أنه لن يتنازل «أبداً» عن السعي للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، رغم الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.
وفي هذا السياق، دعا السيد أحمد الضافي ممثل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء «إلى الإسراع في اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة وفق التوقيتات الدستورية».
وجدد «التذكير بما سبق بيانه من ضرورة أن تحظى الحكومة القادمة بقبول وطني واسع وتكون قادرة على حل أزمات البلد ومعالجة الأخطاء السابقة»، في إشارة إلى الأخطاء التي طبعت عمل الحكومة الحالية بقيادة المالكي.
ولايزال أمام البرلمان المنبثق عن انتخابات أبريل الماضي والذي انتخب رئيساً له في ثالث جلسة الثلاثاء الماضي، مهلة قصيرة بحسب الدستور لاختيار رئيس للجمهورية تنتهي في الأول من أغسطس المقبل.
وخاض المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 الأسبوع الماضي معركة كلامية مع السلطات الكردية في كردستان التي اتهمها بإيواء منظمات متشددة بينها «الدولة الإسلامية - داعش» و»القاعدة»، في ما ردت السلطات بدعوته إلى «الرحيل» وترك منصب رئيس الحكومة.
وجاء ذلك في وقت يتعرض العراق منذ أكثر من شهر لهجوم كاسح يشنه مسلحون ينتمون لتنظيمات وفصائل مختلفة بينهم مسلحون من العشائر وعناصر من حزب البعث السابق، ومقاتلين من «داعش»، تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق شاسعة من شمال وشرق وغرب البلاد، مؤكدين نيتهم الزحف نحو بغداد ومدينتي النجف وكربلاء الشيعيتين.
وتصدت القوات العراقية لهجوم استهدف قاعدة «سبايكر» العسكرية القريبة من مدينة تكريت الخاضعة لسيطرة «الدولة الإسلامية»، رغم أن المسلحين الذين هاجموا القاعدة تمكنوا من تدمير طائرة عسكرية وإحراق مخازن للوقود، وفقاً لمصادر عسكرية.
وقتل أمس 6 أشخاص بينهم 3 عناصر من الشرطة في قصف بقذائف الهاون استهدف نقطة تفتيش للشرطة في بلد شمال بغداد.
ومنذ بداية هذا الهجوم سيطر الأكراد على مناطق متنازع عليها مع بغداد بعد انسحاب القوات العراقية منها، وعلى رأسها مدينة كركوك الغنية بالنفط شمال بغداد، في خطوة أكد بارزاني أنها نهائية وهو ما رفضته بغداد على لسان المالكي.
ودفعت هذه المكاسب بارزاني إلى الطلب من البرلمان المحلي الاستعداد لتنظيم استفتاء على الانفصال عن العراق.
وجلال طالباني الملقب «مام جلال» أي «العم جلال» باللغة الكردية، هو أول رئيس كردي في تاريخ العراق الحديث، وسياسي محنك ينظر إليه على أنه أبرز الوسطاء بين الخصوم السياسيين في البلاد.
وانتخب طالباني زعيم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» رئيساً لمرحلة انتقالية في أبريل 2005، وأعيد انتخابه في أبريل 2010 لولاية ثانية لأربع سنوات بعدما توافقت الكتل الكردية الفائزة بالانتخابات آنذاك على ترشيحه.
ويفتقد العراق منذ إصابة طالباني بجلطة دماغية في 18 ديسمبر 2012 ومغادرته إلى ألمانيا بعد يومين من ذلك، إلى مهاراته في تقريب وجهات النظر بين نخبة السياسيين وجمعهم على طاولة واحدة.
وقال مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد توبي دودج إن طالباني «كان الوسيط بين إيران والسياسيين الأكراد وبغداد».
وأضاف أن «عودة طالباني قد تعني أن الإيرانيين يشجعون حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على الوقوف في وجه خطط بارزاني للانفصال».
واستقبل المالكي أمس أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني في بغداد، وذكر بياناً صادراً عن رئاسة الوزراء العراقية أن الجانبين بحثا «آخر التطورات الأمنية والسياسية في العراق والمنطقة».
وأكد المالكي وشمخاني «على ضرورة التنسيق والتعاون بين البلدين لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة».
في هذا الوقت، قررت السلطات العراقية استدعاء سفير العراق من العاصمة الأردنية للتشاور، بحسبما أعلنت وزارة الخارجية في بيان مقتضب جاء فيه «العراق يقرر استدعاء سفيره من العاصمة الأردنية عمان للتشاور».
وجاء هذا القرار بعدما استضافت عمان مؤتمراً دعت في ختامه الأربعاء الماضي نحو 300 شخصية عراقية معارضة للحكومة في بغداد المجتمع الدولي إلى وقف دعمه للمالكي، مؤكدين أن ما يشهده العراق اليوم هو «ثورة شعبية» طالبوا بتأييد عربي لها.
من ناحية أخرى، قالت الأمم المتحدة إن 5576 مدنياً عراقياً قتلوا و11665 أصيبوا منذ يناير الماضي في أعمال العنف هذا العام في أكثر تقرير تفصيلاً حتى الآن لتأثير أشهر الاضطرابات التي بلغت ذروتها في هجوم لمسلحين على شمال البلاد.