كتب - حسن الستري ومروة خميس:
برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة ملك البلاد المفدى تم افتتاح مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية صباح أمس.
وقد اناب جلالة الملك المفدى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء في افتتاح المؤتمر
دعا وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة المجتمع الدولي للقيام بدوره في حماية الشعب الفلسطيني الشقيق، وإلزام إسرائيل بوقف غاراتها وممارساتها البشعة، مشيراً إلى أن ما يجري اليوم للشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة من اعتداء غاشم وقمع وأعمال وحشية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية، من إزهاق للأرواح وسفك لدماء الأبرياء ودمار للبنى التحتية والممتلكات، لهو انتهاك إسرائيلي صارخ لجميع الأعراف والقوانين الدولية.
وقال الوزير خلال افتتاح مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية أمس: إننا في مملكة البحرين ندين ونرفض تلك الأعمال الإجرامية، وإننا كإخوة لكم، لم ولن ندخر جهداً في مساندة مطالبكم المشروعة في المجتمع الدولي، ونهنئكم على تحقيق الكثير من الإنجازات وفي مقدمتها حصول فلسطين على وضع الدولة المراقب في الأمم المتحدة وعلى عضوية منظمة اليونسكو وغيرها من المحافل الدولية، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو الأمر الذي يعزز مكانتها كدولة، ويمثل تقدماً في مسيرة الشعب الفلسطيني للحصول على الاستقلال في ظل دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا حق طبيعي من حقوق شعب فلسطين الشقيق التي لا يمكن التنازل عنها، وتؤكدها القرارات والمعاهدات الدولية.
وأعرب الوزير عن إدانته الشديدة لسياسات إسرائيل الاستيطانية الهادفة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتغيير الوضع الديموغرافي فيها، واعتبرها جريمة أخلاقية وإنسانية يجب إيقافها لضمان الوصول إلى سلام عادل ودائم.
وأضاف وزير الخارجية: استمراراً لموقف مملكة البحرين، كما هو دائماً، في مقدمة الصفوف للوقوف معكم أيها الأشقاء، فإن سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، أصدر تعليماته إلى المؤسسة الخيرية الملكية، لتواصل عملها والقيام بواجباتها تجاه الإخوة والأهل في غزة في كافة المجالات.
وعقد مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية أمس برعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، الذي أناب نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة افتتاح المؤتمر، بحضور رئيس مجلس الشورى علي الصالح، ووزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ووزير خارجية دولة فلسطين رياض نجيب المالكي وعدد الوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى مملكة البحرين. وثمن وزير خارجية فلسطين رياض المالكي استضافة مملكة البحرين الشقيقة ملكاً وحكومة وشعباً على استضافتها الأخوية الكريمة لمؤتمر سفراء دولة فلسطين في الدول العربية.
وقال المالكي: تأتي هذه اللفتة الأخوية الصادقة امتداداً للسياسة العربية الأصيلة التي ينتهجها جلالة الملك، تجاه القضايا العربية عامة، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، فجلالته لا يترك أي مناسبة إلا ويذكر الجميع ويؤكد لهم بضرورة توجه البوصلة دائماً نحو فلسطين، والقضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، وما الدعم الكبير الذي تقدمه مملكة البحرين لشعبنا، ووقوفها الفاعل ضد هذا العدوان الهمجي الذي نتعرض له، خصوصاً أهلنا في قطاع غزة، واحتضانها الأخوي الدافئ للجالية الفلسطينية، والاهتمام بأوضاعها رسمياً وشعبياً، وكذلك المواقف الصادقة التي تتبناها معاليكم بشكل مستمر مع حقوق شعبنا في المحافل كافة، والوفود الكثيرة الرسمية والشعبية التي تبادر بزيارة فلسطين المحتلة، إلا ترجمة لتوجيهات وسياسات جلالته وحكومته، هذه السياسات والمواقف دائماً تتقدم الصفوف في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا المشروعة.
وتقدم بالشكر الجزيل لكافة الدول العربية وبالخصوص مجلس التعاون الخليجي «التي توفر لشعبنا شبكة أمان وذخر استراتيجي، سواء بالمواقف السياسية أو بالدعم السخي الذي تقدمه، وتشاركنا همومنا وطموحاتنا ومواقفنا في كافة المراحل، وتعمل بشكل دائم لرفع المعاناة والظلم عن شعبنا، إننا إذ نفتخر ونعتز بالعلاقات الأخوية الصادقة مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تثبت دوماً أنها قلب العروبة النابض والحارس الأمين على مصالحنا القومية، فإننا نعاهدكم أن نبقى أوفياء لمواقف العز التي تقفونها إلى جانب فلسطين».
وتابع المالكي: يكتسب انعقاد مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية الشقيقة على أرض مملكة البحرين أهمية كبيرة، خصوصاً في هذه المرحلة من عمر قضيتنا، وفي هذه الظروف التي تعصف بعالمنا العربي، فمن جهة يتعرض شعبنا إلى عدوان إسرائيلي وحشي يصل إلى مستوى حرب إبادة حقيقة تهدف إلى خلع جذوره العربية من أرض وطنه، وتدمير مقومات صموده، فلم تكتفِ الحكومة الإسرائيلية بإفشال فرصة السلام الأخيرة والجهود الأمريكية والدولية التي قادها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإنجاح المفاوضات، ولم تقف عند حد التنكر لمرجعيات عملية السلام وللاتفاقيات الموقعة والتفاهمات بين الجانبين، وفي ظل استباحة جيش الاحتلال للضفة، واصلت الحكومة الإسرائيلية عمليات نهب الأراضي والاستيطان وتهويد أجزاء واسعة من الضفة، وفي مقدمتها تهويد القدس، ومحاولاتها تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وأطلقت يد عصابات المستوطنين الإرهابيين ليعيثوا دماراً وتنكيلاً بشعبنا وممتلكاته ومقدساته، وبلغت بهم العنصرية والفاشية إلى حد اختطاف الطفل محمد أبوخضير وتعذيبه وحرقه وهو حي. كما واصلت الحكومة الإسرائيلية حصارها الظالم على قطاع غزة وحولته إلى سجن كبير، يتعرض بشكل يومي إلى عمليات القصف بالطائرات والاغتيالات وتحرمه من أبجديات الحياة الإنسانية مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء، وها هي تحول القطاع الصامد إلى ميدان للرماية والتدريب لأجهزتها العسكرية وأسلحتها المختلفة كلما لزم الأمر، وهي تشن على أهلنا في القطاع حربها الثالثة وبأسلحة الدمار المتطورة التي تطال الحجر والشجر، الإنسان والجماد، في حرب إبادة مدمرة لمقومات الحياة الفلسطينية في القطاع. ويفرض على شعبنا النزوح مجدداً وبشكل جماعي من منازله والتجمع في المدارس وغيرها، ولكن أن يذهبون؟ في ظل المساحة الصغيرة لقطاع غزة، وهم أيضاً بدون ملاجئ، فيتواصل سقوط الشهداء والجرحى وتهدم المنازل بالمئات على مرأى ومسمع من العالم، وفي صبيحة هذا اليوم ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة ذكرتنا بمجازر صبرا وشتيلا الدموية، حيث تقوم بمدفعياتها وطائراتها بقصف عشوائي للمناطق الشرقية لمدينة غزة وفي حي الشجاعية كانت المجزرة، ما أدى إلى أكثر من خمسين شهيداً وجرح أكثر من 500 جريح في منظر مروع تشاهدون به جثث الشهداء في الشوارع وأمام المنازل».
وتابع: أما لسان حال الحكومة الإسرائيلية يقول إنها خصصت لكل منطقة من أرضنا المحتلة أسلوباً خاصاً وشكلاً من العدوان، بهدف تكريس الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، وفصل القطاع والضفة عن بعضهما البعض، وضرب مشروع المصالحة الفلسطينية، ومحاولة تكريس الانقسام من أجل مواصلة توظيفه لإضعاف الموقف السياسي والتفاوضي الفلسطيني، وكسر صمود صعبنا في أرض وطنه، ينطبق هذا الوصف على الحالة الفلسطينية منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وهو يتكرر بشكل يومي بأشكال مختلفة، وفي ظل غياب الحل السياسي وتوفير الحماية لعشبنا أمام هذا العدوان المتواصل، طلب الرئيس محمود عباس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اتخاذ الإجراءات الأممية اللازمة قانوناً لتوفير الحماية الدولية لشعبنا، الأمر الذي دعمته الدول العربية كافة في الاجتماع الوزاري الذي عقد في الجامعة العربية مؤخراً، كما التزمت فيه أيضاً ببذل جهودها الدبلوماسية مع الدول المختلفة لتحقيق هذه الغاية، والعمل على عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لبحث سبل توفير هذه الحماية، انطلاقاً مما توفره اتفاقيات جنيف لشعبنا الرازح تحت الاحتلال، وبناءً على التزامات تلك الدول الموقعة عليها، وإن مجزرة الشجاعية البشعة تؤكد مجدداً على أهمية توفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يتعرض لحملة إبادة جماعية».
وأردف «يدرك الرئيس عباس أن وقف العدوان لابد وأن يبدأ قبل كل شيء بوقف إطلاق النار، لذا بادر سيادته وتواصل مع قيادات الدول الشقيقة والصديقة والمؤثرة، وحثهم على تقديم مبادرات لوقف إطلاق النار بهدف وقف العدوان، وكان الحديث الأساس في هذا المجال مع الرئيس المصري، تقديراً للدور المصري الهام، حيث تجاوبت مصر الشقيقة مشكورة لهذا الطلب الفلسطيني الملح، وتقدمت بمبادرة قالت إنها نسقت بخصوصها مع كافة الأطراف المعنية، وحظيت بموافقة الدول العربية ودعمها في الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وكما تتابعون يقوم السيد الرئيس بجولة متواصلة للعواصم المختلفة ويواصل اتصالاته الدولية مع العالم، حيث عقد سلسلة اتصالات مع المسؤولين المصريين وقيادات حماس والجهاد الإسلامي وتوجه إلى تركيا وهو في طريقه الآن إلى العاصمة القطرية، باذلاً كل جهد مستطاع لوقف العدوان من خلال وقف إطلاق النار أولاً وحماية شعبنا ووقف إراقة دمائه والمجازر التي ترتكب بحقه، ونحن متفائلون في نجاح جهود الرئيس محمود عباس هذا اليوم في إقناع الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار والالتزام بالمبادرة المصرية التي لا يوجد مبادرة غيرها على الطاولة.
وبين المالكي أن القيادة الفلسطينية تسعى لتحقيق وقف إطلاق النار وتثبيته واستدامته، والبحث في الاحتياجات الفلسطينية وما سينتج عن ذلك في اليوم الذي يليه، بما يعزز من دور حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ونجاحاتها، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع غزة ورفع الحصار عنه وفتح المعابر وإعادة إعماره، كما إننا نقف بكل مسؤولية أمام الواقع المأساوي الذي فرض على قطاع غزة، ونتحمل مسؤولياتنا تجاه الظروف الإنسانية الصعبة التي حلت بشعبنا نتيجة العدوان، لذا ندعو الدول الشقيقة والصديقة لتقديم كل ما تستطيع من مساعدات طبية وغذائية ومالية للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع، وفي الوقت الذي نشكر به جميع الدول التي تقدمت بشكل فوري وعاجل بهذه المساعدات، فإننا ندعو إلى تفعيل مخرجات مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد العام 2009 من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، علماً بأن المسؤولية قد تضاعفت بعد الدمار الذي خلفه العدوان الأخير، حيث هدم مئات المنازل بشكل كامل، وآلاف المنازل بشكل جزئي، وكذلك تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات والمقرات الحكومية، مما يستدعي إعادة التركيز على تلك المقررات، والبحث في إمكانية الإعداد لمؤتمر شبيه في القريب العاجل للبحث في إمكانية إعادة الإعمار.
وذكر أن القيادة الفلسطينية تتمسك بكل قوة بالمصالحة الفلسطينية، وتبذل كافة الجهود لإنجاح حكومة الوفاق الوطني كطريق لا رجعة عنه، وضرورة وطنية ملحة «للوصول إلى حريتنا واستقلالنا، كما نتمسك أيضاً بضرورة تحقيق المزيد من الفعالية لعمقنا العربي كاستراتيجية دائمة في سياستنا ومواقفنا، بما يشكله من حماية ودعم وإسناد وشبكة أمان لصمود شعبنا وحقوقه، وعليه نؤكد على الأهمية الكبيرة للتنسيق العربي المشترك، وعلى قرار القيادة الفلسطينية الاستراتيجي بضرورة تنسيق كافة الخطوات والقرارات والتوجهات الفلسطينية مع أشقائنا العرب، أشقائنا في المسيرة والمصير».
وشدد على ضرورة استكمال مسيرة الاعتراف الأممي بها كدولة كاملة العضوية في الأسرة الدولية بعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، واستكمال انضمامها لكافة المنظمات والاتفاقيات والمؤسسات والعهود والبروتوكولات الدولية، حتى تكتمل الشخصية القانونية والسياسية لدولة فلسطين نحو تجسيد سيادتها على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.
وأضاف: لا بد لمؤتمرنا هذا من بذل الجهود اللازمة للإجابة على مجموعة من التساؤلات الهامة: ما هي المبادئ التوجيهية الأساسية التي تحكم عملنا الدبلوماسي مع الأشقاء العرب؟ ما هو تقيمينا لمستوى الدعم العربي للقضية الفلسطينية سواء على مستوى المواقف السياسية أو الدعم المالي؟ في ضوء المتغيرات الحاصلة في عالمنا العربي هل مازالت القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، ما هي المفاهيم والبرامج والآليات المطلوبة للدبلوماسية الفلسطينية حالياً من أجل تنمية وتطوير العلاقات الثنائية الفلسطينية – العربية؟ ما هي السياسات الواجبة الاتباع نحو المزيد من الفعالية للعمل العربي المشترك إقليمياً ودولياً؟ كيف نطور من عناصر القوة العربية على المستوى الدولي؟ كيف نبني خارطة مصالحنا العربية الفلسطينية في منظومة المصالح الدولية؟ كيف نعزز ونطور من دور وأداء الجامعة العربية، بيت العرب الأول؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة هي أولى المهام الملقاة على عاتق هذا المؤتمر، حتى يرتقي لمستوى التحديات المطروحة. من جانبه قال السفير الفلسطيني لدى البحرين طه عبدالقادر «في هذا الشهر الكريم نعقد هذا اللقاء الهام لسفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية في مملكة البحرين الشقيقة.. تحت شعار «التحديات الدبلوماسية الفلسطينية أمام المستجدات الجارية في عالمنا العربي»، أطلقنا عليه «مؤتمر المنامة تحتضن غزة الصمود والتحدي.. غزة في قلب المنامة» برعاية سامية من لدن جلالة الملك، خصوصاً أن مملكة البحرين مليكاً وقيادة وحكومة وشعباً تقف مع فلسطين وشعبنها في نضاله الدائم لاسترداد حقوقه للعيش في وطنه بحرية وسلام وأمن وطمأنينة كسائر الشعوب».
واستشهد بكلام سابق لجلالة الملك أن القضية الفلسطينية تبقى هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية ويجب أن لا تنسينا مشاكلنا العربية الداخلية هذه القضية المركزية. وثمن موقف العاهل وتوجيهاته السامية للمؤسسة الخيرية الملكية برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، لتقديم مساعدات إنسانية إغاثية عاجلة للشعب الفلسطيني في غزة، ومبادرة العاهل بالتبرع، وتشكيل اللجنة البحرينية الوطنية لمناصرة الشعب الفلسطيني في غزة من مختلف الجمعيات الخيرية والمهنية والوزارات الحكومية، في طريق الدعم البحريني للشعب الفلسطيني وتوحيد الجهود البحرينية لتقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لأهلنا في غزة.