يا بنيَّ: أرشدك الله ووفقك لصالح الأعمال. إني منك بمنزلة الوالد من أبيه، يسرني أن أراك زكيَّ القلب، مهذب الأخلاق، محافظاً على الآداب، بعيداً عن الفحش في القول، لطيفَ المعاشرة، محبوباً من إخوانك، تواسي الفقراء، وتشفق على الضعفاء، تغفر الزلات، وتعفو عن السيئات، ولا تفرط في صلاتك، ولا تهمل في عبادة ربك.
يا بنيَّ: إني أحب لك الخير، فساعدني على إيصال الخير إليك بالطاعة والامتثال لما أرشدُك إليه من مكارم الأخلاق. فالخلق الحسن زينة الإنسان في نفسه وبين إخوانه وأهل عشيرته، فكن حسن الخلق، يحترمك الناس ويحبوك.
يا بنيَّ: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً وفقه لمعاشرة أهل الدين والصلاح، ونزهه عن صحبة أهل الأهواء، قال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) المجادلة:22، وقال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) صحيحا أبي داوود والترمذي
يا بُنَيَّ: إن للصحبة والمعاشرة أخلاقاً وأحوالاً تنبغي مراعاتها، فاحفظها مني، جعلك المولى من أصحابها.
يا بنيَّ: العاقل يختص من الناس أصحاباً وأخلاء في الله وبالله، فليس كل أحد يجالس، فاختر لنفسك صاحب الإيمان والخلق الحسن، وانأ عن كل أحمق أو حريص على دار العفن، ولا تلتمس أهل الفسق والبدعة، يا فوز من صاحب عالي الهمة. قال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) [الكهف:28].
ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: «عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم؛ فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وعليك بالصدق وإن قتلك... ولا تصحب الفجار لتتعلم من فجورهم، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خشى الله».( )