بقلم - علي سبكار*:
لاشك أن غاية أي نشاط خلال العملية الانتخابية هو الوصول إلى الناخب وإقناعه بكفاءة وجدارة المرشح وقدرته على تمثيل مصلحة المواطنين والبلد والدفاع عنها بأفضل ما يمكن. الخيمة الانتخابية والولائم ونشر الصور الكبيرة في الطرقات وخاصة في مناطق الدائرة الانتخابية هي طرق تقليدية للحصول على ثقتهم وأصواتهم، لكن الحياة تتطور وتظهر طرقاً أخرى تبدو أكثر فاعلية وأقل كلفة، إنها مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المرتقب أن تلعب مواقع الإعلام الاجتماعي دوراً كبيراً في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة ، مع إدراك عدد متزايد من المرشحين أهمية هذه المواقع في الوصول إلى شرائح أوسع من الجمهور والتفاعل معها والسماع لمطالبها وعرض البرامج الانتخابية والتحشيد للفعاليات الحملة الانتخابية للمرشح.
وتختلف طرق الوصول لجمهور الناخبين عبر مواقع التواصل الاجتماعي،ولا يمكن تجاهل حقيقة أن مواقع الإعلام الاجتماعي فرضت نفسها وبقوة داخل المجتمعات العربية خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن أغلب تلك المواقع متاحة للجميع وبالمجان، وصممت أساساً لتكون سهلة الاستخدام وبدون تعقيدات، ولهذا ربما يفكر المرشح باستثمار جزء أكبر من وقته أو وقت فريق العمل لديه على تكوين مجتمعات افتراضية جديدة والاستفادة مما تقدمه هذه الوسائل من جمع بين النص المكتوب والمقطع المرئي، وتحويل المستخدِم لها من متلقٍّ للمعلومات كما في وسائل الأعلام التقليدية، إلى منتج للمعلومات ومشارك فيها.
في السابق كانت الحملات الانتخابية ترتكز في وصولها إلى الناخبين على وسائل الإعلام المختلفة، حيث كانت الحملة الانتخابية تقيم نجاحها وفقاً لوصولها لأكبر عدد من وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، فالوصول إلى هذه الوسائل يعني الوصول إلى الناخبين في عقر دارهم، وبات المترشحون يبحثون عن كافة سبل التعــاون مع وسائـــل الإعــلام لتحقيق أكبر معدلات من الجماهيرية، والفوز بالمقاعد النيابية أو البلدية في نهاية المطاف. وبعد دخول وسائل التواصل الاجتماعي مضمار التنافس مع وسائل الإعلام، وتميز شبكاتها بسرعة انتشارها، وانخفاض كلفتها، باتت مطلب العديدين ممن راهنــوا علــــى دخولهـــم المعترك الانتخابي، حيث لم يعد المنظور إليها يقتصر على كونها مجرد شبكات للتواصل الاجتماعي، بل تجاوز ذلك إلى منحى آخر اتخذه المتخصصون، وهو يقوم على كيفية الاستخدام الأمثل لهذه الشبكات في الحملات الانتخابية.
هذا ويتطـور دور مواقــــع التواصــل الاجتماعي في الحملات الانتخابية مع الزيادة المضطردة في عدد مستخدمي تلك المواقع من جهة، وتطور الأدوات والخصائص التي تقدمها تلك المواقع لمستثمريها من جهة أخرى، واعتمد الكثير من المرشحين لخوض الانتخابات -سواء على الصعيد الدولي أو العربي- على مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة فيسبوك، وذلك من أجل التسويق لحملاتهم الانتخابية، وللتواصل المباشر مع الجماهير.
ويمكن لمتابع مواقع الإعلام الاجتماعي في البحرين ملاحظة أن عدداً من المرشحين المحتملين أعلن عبر تويتر أو إنستغرام وفيسبوك نيته الترشح للانتخابات وملامح برنامجه الانتخابي، مطلقاً بذلك «بالونات اختبار» لجس نبض مدى شعبته ورد فعل منافسيه المتوقعين. وباتت مواقع الإعلام الاجتماعي مفيدة جداً في جس نبض الجمهور من خلال التعليقات التي يكتبونها في محاولة لقياس مـــدى الشعبيـــة بيـــن الأوساط الاجتماعية والسياسية. لكن في الوقت نفسه يتطلب استخدام المرشح لهذه المواقع دراية كبيرة في كيفية التعامل مع حملات التشهير التي ربما يشنها البعض أو المنافسين ضده، فمواقع الإعلام الاجتماعي وسائل يستخدمها من يشاء، لنشر الأخبار والآراء بشكل حر للتعبير عن وجهات نظره، وهي فضاءات مفتوحة لا يمكن التحكم بها إلا عبر الاستخدام الواعي الأخلاقي المسؤول.
*رئيس النادي العالمي للإعلام الاجتماعي