أثبتت زيارات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء إلى المجالس الرمضانية في البحرين، مدى حرصه على تلمس نبض الشعب ومتابعة احتياجاته، وطمأنته الجميع أن المستقبل أفضل وأن البحرين تمضي في طريقها قدماً.
وجسدت هذه الزيارات بحسب تقرير بثته وكالة أنباء البحرين “بنا”، مدى ما يوليه سموه من حرص على التواصل مع المواطنين والالتقاء بهم والاستماع إليهم، واستمراراً لنهج أصيل في التواصل بين القيادة والشعب بروح الأسرة الواحدة.
وشكلت زيارات سموه الرمضانية إلى دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، عادة سنوية يحرص سموه عليها في الشهر المبارك، من أجل الالتقاء بالأشقاء وتعزيز المواقف تجاه كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك إقليمياً ودولياً.
وتأتي زيارات سمو رئيس الوزراء إلى المجالس الرمضانية استمراراً لعادات الآباء والأجداد، وتجسيداً لإيمانه بدور هذه المجالس في تعميق أسس التواصل والتراحم بين أفراد المجتمع وتقوية الروابط فيما بينهم، وتعزيز أواصر التكاتف والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن، فضلاً عن دورها الفاعل كقناة يتلمس من خلالها نبض المجتمع واتجاهاته، واحتياجات المواطنين وتطلعاتهم.
وحملت زياراته للمجالس الرمضانية عدة رسائل، في مقدمتها تأكيده ضرورة حفظ المجالس كسمة مميزة للمجتمع البحريني وموروثاً اجتماعياً أدى ولايزال دوراً فاعلاً في مختلف المراحل التاريخية للمملكة، باعتبارها ساحة مفتوحة للحوار المثمر حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفرصة لتعزيز التفاهم وتبادل الآراء للإسهام في خدمة الوطن.
وجاءت زيارات سموه لتعبر عن حس عال بالمسؤولية، وإدراك وفهم لطبيعة المجتمع البحريني المتماسك عبر تاريخه، والرافض لكل محاولات الفرقة والتفتيت.
وركزت أحاديث سموه على ضرورة التمسك بثوابت وطنية أجمع عليها شعب البحرين، وعدم إتاحة المجال لمحاولات شق الصف وإشاعة الفرقة، وترسيخ مبادئ وقيم الوحدة الوطنية ونشر ثقافة المحبة والتسامح والوئام، والتأكيد على أن شعب البحرين يظل دائماً شعباً واحداً يصون وطنه ويحفظ منجزاته ومكتسباته، ويعمل من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
وحرص سموه خلال زياراته على بث الطمأنينة في نفوس الجميع أن المستقبل سيكون أفضل، وأن البحرين تمضي في طريقها قدماً، دون الالتفات لمحاولات البعض عرقلة طموحها العالي نحو رفعة الوطن وازدهار المواطن، عبر المزيد من مشروعات التطوير والتنمية، تأخذ طريقها للتنفيذ في المرحلة المقبلة، وصولاً إلى أفضل المستويات الاقتصادية والاجتماعية، بما يكفل حياة كريمة للجميع في مختلف المجالات التعليمية والصحية والخدماتية والسكنية.
وجاءت زيارات سموه إلى مجالس رجال الأعمال والعوائل التجارية، لتؤكد على ما يوليه من اهتمام بالقطاع الاقتصادي، سيما تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنمية الوطن وازدهاره، وهي زيارات حرص سموه خلالها على تأكيد دعم الحكومة ومساندتها للأسرة التجارية، بتهيئة كل الظروف أمامها لأن تتوسع في استثماراتها في أجواء آمنة ومستقرة.
ولم يفت سمو الأمير خليفة بن سلمان، ما تشهده المملكة من تطورات على صعيد العلاقات الخارجية، وما اتخذته البحرين من مواقف لتأكيد سيادتها واستقلالها ورفضها للتدخل في شؤونها الداخلية.
وحرص سموه على التأكيد أن البحرين تمد يدها لكل من يشاطرها توجهاتها ببناء تعاون استراتيجي يخدم المصالح المشتركة، في إطار من التفاهم والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشدداً على أن “من يسعى إلى التفرقة بين أبناء الشعب مكانه ليس في البحرين، ولا أحد يرحب بمن يسعى إلى شق الصف أو من يعمل على دعم جماعات تغذي العنف والإرهاب”.
وكانت تحديات المنطقة وما يحيط بها من تهديدات محوراً لأحاديث سموه، ومنطلقاً لتأكيد أهمية “الاتحاد الخليجي” للحفاظ على أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستقرارها، وضرورة تكثيف اللقاءات الخليجية لتوحيد المواقف وجعل القرار الخليجي يحمل القوة المؤثرة على المستويات كافة، ما يعكس قراءة واعية من سموه لمستقبل المنطقة، وضرورة أخذ العبرة من الأوضاع الراهنة ومظاهر عدم الاستقرار في العديد من الدول.
من جانب آخر أكدت زيارات سموه إلى دولة الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة وما تخللهما من لقاءات، نهج سمو رئيس الوزراء الساعي إلى تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون، وأظهرت هاتين الزيارتين الحقيقة الساطعة أن دول المجلس في أمس الحاجة إلى الوحدة، وتتويج التعاون الخليجي بسياج يحفظ المكتسبات المحققة، ومواجهة أية معوقات تعترض هذه الدول، وتحقيق المكانة اللائقة بها في العالم سياسياً واقتصادياً.
وشكلت الزيارتان في توقيتهما رسالة محبة من سمو الأمير خليفة بن سلمان إلى الأشقاء في البلدين، وكانتا تجديداً للمحبة والأخوة في سعيها لمواصلة الخير.
ولعل أبرز ما ميز الزيارتين أنهما جاءتا في توقيت مهم في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات متسارعة تستوجب تكثيف اللقاءات والمشاورات من أجل الوصول إلى رؤى مشتركة تعزز آمال تحقيق الوحدة التي تتطلع إليها شعوب المنطقة.
وخلال زيارة سموه إلى دولة الكويت يوم 2 يوليو 2014، أكد ضرورة الارتقاء بآفاق التعاون الخليجي المشترك في ظل الظروف المحيطة بالمنطقة وتحدياتها الأمنية والتنموية، وقال سموه “إننا نواجه في هذه المنطقة دولاً وشعوباً، تحديات كبيرة وأخطاراً جسيمة بسبب المستجدات والتطورات المتلاحقة في هذا الجزء من العالم، وهذا يؤكد الحاجة الملحة إلى اللقاءات والتشاورات المستمرة على مستوى قادة دول المنطقة وحكوماتها، لأن ذلك كفيل بجعل القرار موحداً في التعاطي مع مختلف القضايا، ومنسجماً مع القناعات الذاتية لقادة ودول المنطقة، ويفشل ما كان يخطط لنا أن تكون كل دولة منشغلة بأمرها الداخلي عن الأخرى”.
وخلال زيارة سمو رئيس الوزراء إلى المملكة العربية السعودية، كانت قضية الاتحاد الخليجي أيضاً بارزة بقوة في محادثاته مع القيادة السعودية، وأظهرت الزيارة وما رافقها من حفاوة استقبال من قبل القيادة السعودية، مدى عمق ومتانة علاقات الأخوة التاريخية الوطيدة الرابطة بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين، وما يميز هذه العلاقات من مودة واحترام متبادل وتنسيق مشترك تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وغني عن التذكير أن المملكة العربية السعودية تحظى باهتمام وتقدير خاص من البحرين قيادة وحكومة وشعباً، على مواقفها الداعمة المساندة للبحرين في كافة الظروف، فالعلاقة بين البلدين تعد نموذجاً لعلاقات الأخوة القائمة على المحبة والتفاهم وأواصر القربي والنسب والمصاهرة، وما يجمع بين قيادتي وشعبي البلدين من روابط أكبر من أن تختزلها الكلمات، فهي مسيرة تاريخ مديد وحاضر مشرق من التعاون ومستقبل أكثر تفاؤلاً، كما إن الدعم السعودي المتواصل للبحرين ينسجم وطبيعة العلاقات الوثيقة بين البلدين.
وأظهرت جلسة المباحثات التي أجراها سمو رئيس الوزراء وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع السعودي، مدى ما يربط بين قيادتي البلدين من محبة ورغبة أكيدة في تطوير علاقات التعاون والارتقاء بها إلى آفاق أرحب تلبي تطلعات البلدين، حيث تطرقت الجلسة إلى العديد من القضايا السياسية والاقتصادية التي تهم البلدين، إلى جانب المستجدات على الساحة الإقليمية والدولية.
وعكست زيارة سموه إلى المملكة العربية السعودية عدة أمور، بينها أن البحرين والمملكة العربية السعودية تسيران بخطى واثقة نحو المستقبل وتتطلعان إلى أفق أوسع من التعاون يرتفع فوق كل عقبة، وأن هناك من يريد إعاقة مسيرة التقدم في دول المنطقة، وأنه بالعمل والإرادة نستطيع أن نفعل الكثير من أجل بلدان وشعوب المنطقة. وكشفت أن هناك جهوداً مبدعة تستجيب مع متطلبات المرحلة في عالم سريع التغير، لذلك فإن المشاورات بين البلدين تمثل ضرورة ملحة في هذا التوقيت، وأن مسؤوليات المستقبل تتعاظم، وهي مسؤوليات بالغة الأهمية، وأنه يجب أن يتحقق لشعوب المنطقة الأمن والاستقرار من خلال التشاور وتعزيز المواقف تجاه هذه الأخطار.
وأظهرت الزيارة أن هناك توافقاً بشأن أهمية تطوير منظومة مجلس التعاون الخليجي، وضرورة العمل جدياً على تنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، باعتباره صمام الأمان وسياجاً من شأنه أن يحمي دول مجلس التعاون من تهديدات وتحديات تواجهها دول المنطقة.
وأكدت أن هناك إيماناً لدى القيادة في البلدين الشقيقين بأهمية تكثيف اللقاءات والمشاورات بين القادة وكبار المسؤولين في دول مجلس التعاون، من أجل تدارس الأوضاع واتخاذ خطوات تلبي تطلعات شعوب دول المجلس في الحياة أكثر أمناً وازدهاراً، وأن البعد الاقتصادي لم يكن غائباً عن اهتمام القيادة في البلدين، حيث تم التركيز خلال المباحثات على سبل تسهيل الحركة التجارية براً عبر جسر الملك فهد الذي يعد شرياناً حيوياً للتجارة بين البلدين.
وجاء تأكيد سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على “أن أمن البحرين وأمن المملكة العربية السعودية كل لا يتجزأ”، ليجسد حقيقة الدور المشرف للشقيقة الكبرى ودعمها المستمر لكل ما يحفظ أمن البحرين واستقرارها وسيادتها، ويعزز من جهودها التنموية في المجالات كافة، وهي مواقف رسخت من محبة المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً في نفوس ووجدان أهل البحرين. ويبقى القول إن سمو الأمير خليفة بن سلمان، رسخ من خلال زياراته للمجالس الرمضانية نهجاً فريداً في التواصل الاجتماعي والسعي الحثيث من أجل ملامسة احتياجات المواطنين عن قرب، كما إن زيارات سموه للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت من شأنها أن تسهم في توطيد أصر التعاون بين دول مجلس التعاون والبناء على ما يجمعها من وشائج القربى والمصير المشترك.