حوار - وليد صبري:
أكد عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» والمفوض العام للعلاقات العربية عباس زكي أن «مملكة البحرين تقدم دعماً لا محدوداً للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بوفودها المتقاطرة إلى فلسطين، وبمواقفها الرسمية المشرفة على الصعيدين العربي والدولي». وأضاف زكي في حوار لـ«الوطن» أن «العدوان الإسرائيلي الظالم على غزة، وما يحدث في الضفة، يندرج في إطار الإبادة الجماعية وجرائم الحرب»، مشيراً إلى أن «الإسرائيليين يعانون من الشلل والرعب والارتباك والخلافات داخل الحكومة، خاصة المتطرفين منهم». واستبعد تورط الفصائل الفلسطينية خاصة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في حادثة قتل المستوطنين الثلاثة بالضفة الغربية، ملمحاً إلى «إمكانية ضلوع متطرفين في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحادثة». وقال زكي إن «الحادثة هدفها ضرب الوحدة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني»، موضحاً أن «مهمة «فتح» و«حماس» تحرير الوطن وليس الصراع على الحصص». ولفت إلى أن «جريمة حرق وقتل فتى القدس محمد أبوخضير أكبر دليل على هجمية وعدوانية المستوطنين الإسرائيليين»، مؤكداً أن «هناك إجراءات دولية تتخذها السلطة للرد على تلك الجريمة». وأعرب زكي عن أمله في أن «يسمو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فوق الجراح ويتسامح مع حركة «حماس» المقاومة من أجل القضية الفلسطينية»، مشيداً «بالدور التاريخي لمصر في مساندة الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن «مصر ستنظر باحترام إلى البطولة الخارقة التي تجسدها «حماس» وقوى المقاومة في تهديد إسرائيل». وشدد زكي على أن «أية مبادرة لوقف الحرب يجب أن تكون منسجمة مع وحدة شعبنا وأرضنا واحتراماً لدماء شهدائنا وحرصاً على حقوقنا وحياة ومستقبل أجيالنا». وإلى نص الحوار:
كيف تقيمون دعم مملكة البحرين وجلالة الملك للقضية الفلسطينية؟
مملكة البحرين بوفودها المتقاطرة إلى فلسطين وبمواقفها الرسمية المشرفة على الصعيدين العربي والدولي، تؤكد ارتباطها الصميم مع قضية العرب الأولى، فلسطين، وسجلت بمواكبتها الحرب الإجرامية الجارية على غزة وتقديمها التبرعات النقدية والمادية، تأكيداً للإحساس الصادق، من قبل مليكها وشعبها الشقيق، بأهمية الدعم اللامحدود لشعبنا المنكوب بفعل الاحتلال البغيض، والحرب المفتوحة من الصهاينة، وتحالفهم مع أمريكا، التي لا هم لها إلا إسرائيل وأمنها، واستمرار جرائمها، ولو على حساب مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، بحكم هيمنة اللوبي الصهيوني على قرارات الإدارة الأمريكية.
إبادة جماعية
كيف تقيمون العدوان الإسرائيلي على غزة؟
عدوان ظالم يندرج في إطار الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، إلى جانب استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، فالحرب الإسرائيلية تستهدف المدنيين وتدمير البنية التحتية، والمنازل، والمؤسسات، وكل مرتكزات الحياة، بما في ذلك المستشفيات، ودور المعاقين، والمدارس، والجامعات، ودور العبادة.
إن إسرائيل تراها فرصة مناسبة لترسيخ الفهم الإسرائيلي للصراع مع الفلسطينيين، خاصة أن البعد العربي للقضية الفلسطينية لم يعد فاعلاً، وإن وجد، يكون في إطار الوساطة في أحسن الأحوال، وترى إسرائيل في ذلك فرصة لوقف نفوذ الفلسطينيين على الصعيد الدولي، بعد أن أصبحت دولتهم دولة مراقب في الأمم المتحدة، واستطاعوا كسب تعاطف قوى دولية، خاصة مقاطعة الأوروبيين للمستوطنات، ومحاولاتهم رأب الصدع وإنهاء الانقسام بالمصالحة، التي ثارت ثائرة إسرائيل عليها، وبالتالي كان القرار الإسرائيلي باجتياح الضفة الغربية، تحت مزاعم أن هناك 3 مستوطنين اختفوا أو اختطفوا وهي رواية إسرائيلية مفبركة، لتعطي المبرر لما تقوم به إسرائيل من تدمير ونهب واقتحام للمنازل وحملات اعتقال واسعة، طالت 750 كادراً من مختلف التنظيمات، ودخول 3 آلاف منزل تم تدمير محتوياتها من الأثاث، وتفجير أبواب الكثير منها، ومع الإرهاب الذي رافق الاجتياح باستشهاد 15 فلسطينياً بينهم الشهيد محمد أبوخضير ابن شعفاط بالقدس المحتلة الذي أحرقوه حياً بطريقة أبشع من محارق النازية، وهي جريمة رفضتها أوساط صهيونية، لأنها أعطت الدليل على همجية وعدوانية الإسرائيليين، ثم القصف المتواصل لغزة، براً وبحراً وجواً، ومن الطائرات الأمريكية الصنع، ومن المؤسف أن أمريكا تحول دون قرار من مجلس الأمن، وتتبرع بـ600 مليون لمجهود إسرائيل الحربي، منها 175 مليون دولار لتحسين القبة الحديدية، التي فشلت في منع صواريخ المقاومة، التي دكت تل أبيب، وبلغت مسافات لم تكن في الحسبان، إضافة إلى مفاجآت المقاومة «بالهاكرز» واحتراق الشبكات الإسرائيلية، وإطلاق طائرات دون طيار.
لقد وحدت الهجمات الصهيونية المتواصلة شعبنا الفلسطيني بفصائله وقواه خلف غزة العزة، ورغم هول الفاجعة وباعتبار غزة على مشارف كارثة إنسانية، إلا أن صمودها الأسطوري وسواعد المقاومة الواثقة تبشرنا بأننا على موعد مع النصر القريب بإذن الله، خاصة وأن الإسرائيليين يعانون الشلل والرعب والارتباك الواضح والخلافات داخل الحكومة خاصة المتطرفين منهم.

ما هي التحركات التي تستعدون لها كقيادة فلسطينية لمواجهة العدوان الجديد؟
الاستعدادات تكمن في المفاجآت التي أذهلت العدو وتركته في حالة ذهول وخلافات حادة داخل البيت الصهيوني، رغم ما يمتلكه من تكنولوجيا ودعم أمريكي.
وقد قطعت القيادة الفلسطينية شوطاً في الاستعداد والمواجهة، بتقديم طلب للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالحماية الدولية للأرض والشعب، كما قررت طلب عقد اجتماع قمة عربي عاجل، إضافة إلى طلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بعد فشله بإصدار قرار، كما قررت عقد مؤتمر دولي للسلام بعد فشل اللجنة الرباعية المحتكرة من أمريكا، والتوقيع على ميثاق روما، والالتحاق بمحكمة الجنايات الدولية، وشكلت لجان قانونية لرفع دعاوى في المحاكم العربية والدولية ضد الإرهاب.
هل تعتقدون أن «حماس» هي المسؤولة عن خطف وقتل المستوطنين الثلاثة بالضفة؟
المسؤول عن خطف وقتل المستوطنين حكومة التطرف الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، ربما بعملية غادرة لتحميلنا المسؤولية، وسبق لإسرائيل القيام بأعمال إجرامية مثل هذه سابقاً، لأن الرواية من البداية إلى النهاية، من جانب واحد، هو الجانب الإسرائيلي، وهناك تكتم شديد عليها من قبل الرقابة الأمنية، أما من يعتقد أن المسؤول عن العملية فلسطيني فلأن إسرائيل بالغت في جرائمها، وأخضعت الأسرى الفلسطينيين إلى أحكام جائرة، ومجافية للقوانين والأعراف الدولية، خاصة وأن إضراب الأسرى الإداريين بلغ 48 يوماً دون استجابة إسرائيلية، هذا إلى جانب الممارسات العدوانية التي تعتبر فوق طاقة البشر.
وحتى الآن لم يعترف أي فصيل فلسطيني بمسؤوليته عن تلك الحادثة، خاصة «حماس»، التي وضعت على لائحة الاتهام الإسرائيلية، وفي النهاية يبقى الأمر لغزاً.

هل عملية قتل المستوطنين ستؤثر على حكومة الوحدة الوطنية والمصالحة بين «فتح» و«حماس»؟
أبداً، الوحدة ضرورة حتمية والمصالحة ممر إجباري، خاصة أن سر تفوق العدو على أمتنا من المحيط إلى الخليج هو التشظي والقسمة، بفعل الفتنة والفوضى، التي نجحت في بعثرة الجهد العربي، خدمة للاستقرار والتطور الإسرائيلي، وقد جن جنون قيادات إسرائيل وطالبوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بفك الوحدة وإنهاء وحل حكومة التوافق.
لكن لا رجعة عن المصالحة والوحدة، وسنذهب إلى أكثر من ذلك، بترتيب البيت الفلسطيني، ووضع استراتيجية قادرة على مواجهه التحديات المقبلة، ففتح وحماس مهمتهما تحرير الوطن وليس الصراع على الحصص.
ولاشك في أن ما يحصل اليوم يهدف إلى ضرب المصالحة التاريخية بين الحركتين، وفك عرى الوحدة وإشاعة القسمة، ولكننا ندرك أن القسمة موت، والوحدة حياة، ونحن اخترنا الحياة، التي تسر الصديق وتغيظ الأعداء.

ما الإجراءات الدولية التي تتخذها السلطة للرد على حرق وقتل الفتى الفلسطيني محمد أبوخضير؟
الذهاب إلى محكمة الجنايات والمحاكم الخاصة ومخاطبة منظمات حقوق الإنسان، وأعتقد أن الضحايا الأطفال في غزة، وتدمير المنازل على عائلات بأكملها، مثل عائلة حمد وغانم كوارع وأبوبكر، وغيرها، تمثل أعدل الرسالات الفلسطينية إلى السماء، وهي حلقة في سلسة الجرائم الصهيونية منذ بداية النكبة السوداء عام 1948.
دعم خليجي
كيف تقيمون دعم دول مجلس التعاون الخليجي للفلسطينيين خاصة في غزة؟
نحن نشكر أي دعم خليجي وبخاصة ما تقدمه دولة الإمارات العربية وكافة دول الخليج ونتطلع إلى مزيد من تخفيف أعباء شعبنا تحت الاحتلال، وإنقاذ مؤسسات غزة، التي طالها الخراب، ونأمل أن يتضاعف الدعم للقدس.
القاهرة و«حماس»
كيف تقيمون الموقف المصري من العدوان على غزة، في ظل العلاقات المتوترة بين القاهرة و»حماس»، واتهامها في قضية اقتحام السجون إبان ثورة يناير 2011؟ وماذا عن إجراءات فتح معبر رفح؟
مصر تاريخياً سند للفلسطينيين، وكونها الدولة الكبرى تبقى الأمل المرتجى لإنهاء احتلال فلسطين، ولاشك في أن القضية الفلسطينية تأثرت بمعاهدة السلام، لكننا نعلق الأمل على عهد جديد تحت قيادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونتطلع بأمل إلى عودة الناصرية، تجاه الجرائم التي تمارسها إسرائيل، وفي اعتقادي أن قيادة مصر تدرك أن «حماس» ليست وحدها العنوان لغزة هاشم، وهناك قوى فلسطينية محبة لمصر، إضافة إلى أن غزة بعد المصالحة عنوانها «الشرعية» برئيسها أبومازن، وأعتقد أن مصر ستنظر باحترام إلى البطولة الخارقة التي تجسدها «حماس» وقوى المقاومة، في تهديد المحتل، وأسطورة التفوق الذي بات ضعيفاً، أمام جبروت المقاومة.
وفي هذا الصدد نأمل أن يسمو الرئيس السيسي على الجراح وأن يتسامح مع «حماس» المقاومة من أجل فلسطين، كما فعل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر رحمه الله.
وهنا أرى أن أية مبادرة صائبة أو مؤهلة للنجاح أو مقبولة لوقف الحرب المدمرة، يجب أن تكون مدخلاً لتسوية شاملة للصراع، وبمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل، لإنهاء احتلالها كي لا يتجدد الصراع والتدمير، وأي تهدئة تقتصر على ما يخص غزة وحدها هي بمثابة قنابل موقوتة، وإعطاء الفرصة لمزيد من الاستعداد لجولات قادمة من القتال، وعليه يجب أن تكون المبادرات منسجمة مع وحدة شعبنا وأرضنا واحتراماً لدماء شهدائنا وحرصاً على حقوقنا وحياة ومستقبل أجيالنا، لا أن تكون تكريساً للشرخ والقسمة، التي تسعى لها إسرائيل بإنهاء المصالحة والإسقاط السياسي للسلطة في الضفة، والقدرات العسكرية للمقاومة في غزة.

ما هي شروط السلطة الفلسطينية لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل؟
أبرز الشروط هي إطلاق سراح كافة الأسرى، وتبييض السجون، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية والالتزام بحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، على الأراضي التي احتلت عام 1967، وحق اللاجئين في العودة وفق القرار الدولي 194، والجلاء الكامل للجيش والمستوطنين.

ما آخر التطورات بشأن قضية الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال؟
لقد طغت التطورات على إضراب الأسرى الإداريين وهي محاولة من العدو لإسدال الستار على أسرى الحرية، لكنها محاولات عبثية، فالأسرى هم الشريحة الأكثر تضحية هم الشهداء الأحياء، وهم أوسمة فخر على صدر الفلسطينيين والعرب، ولن ترهبنا إسرائيل باستمرار عدوانها وصرف الأنظار عن أسودنا خلف القضبان، وفي زنازين العدو.
تهويد القدس والأقصى
ما الإجراءات التي تتخذها السلطة لوقف تهويد القدس وتدنيس الأقصى ومواجهة خطر تقسيمه وهدمه عبر أعمال الحفر الإسرائيلية؟
القدس قضيــــة كبرى تحتاج علمــــاء المسلمين والمسيحيين، وهي مركز الاهتمام الأول، وتقوم السلطة باتصالات مكثفة وتبذل كل جهد من أجل تمكين المقدسيين من البقاء رغم الكلفة العالية التي يتطلبها بقاؤهم، وتعمل على فضح ممارسات الاحتلال، وعمليات تغيير المعالم والتهويد والتنقيب عن الآثار، التي ثبت ألا صلة تاريخية لإسرائيل بالقدس.
وعليه فلابد من دعوة مفتوحة لكل المؤمنين بأخذ مواقع الشرف في النضال، من أجل القدس ويجب تحريرها، وعلى العرب والمسلمين ألا يكونوا أقل من صهيوني واحد اسمه «موسكوفيتش» الذي يجمع أموال البارات الأمريكية لبناء المستوطنات ودعم سياسة التهويد في القدس، فقدس الأقداس تحتاج إلى الأوفياء.