كتب - إيهاب أحمد:
دعا القارئ الشيخ د.حسن مرعب أهل البحرين للوقوف يداً واحدة في وجه الفتنة، لافتاً إلى أن استمرار الخلاف لن يوصل إلى حل لأي مشكلة وسيؤدي لتراجع البلاد.
وطالب مرعب المواطنين -خلال لقاء «الوطن» على هامش زيارته البحرين للمشاركة في إحياء ليالي رمضان- الاعتبار من التجربة اللبنانية التي مزقتها الحروب الأهلية، مشدداً على كل مواطن أن يعرف حقه ويقوم بواجباته.
وفيما يأتي الحوار...
* هل هذه زيارتك الأولى للبحرين؟
- هذه هي الزيارة الثانية وكانت الأولى رمضان الماضي إذ تلقيت دعوة من خلال القاضي الشيخ نواف المرباطي وجمعية الشيخ يوسف الصديقي العلمية بالتعاون مع الجمعية الإسلامية، وشمل برنامج العام الماضي إضافة إلى صلاة التراويح والقيام دورة في فن المقامات حضرها العديد من أئمة المساجد. وتجددت الدعوة هذا العام وزرنا معظم مساجد البحرين وتنوع البرنامج ما بين صلاة التراويح وصلاة القيام.
* كيف ترى اهتمام البحرينيين بالقرآن الكريم؟
- وجدت في البحرين محبة للقرآن الكريم وأهل القرآن، وهو شيء يدل على الإيمان الذي في قلوب أهل البحرين فحب القرآن والتعلق بكتاب الله سبحانه وتعالى من الإيمان وهناك اهتمام من المصلين بصلاة القيام الذي ربما يفوق الاهتمام بصلاة التراويح. لمست من المصلين استمتاع بالصلاة خلف القراء المجيدين للقرآن فهم يتنقلون بين المساجد وينتقون القراء.
* كيف يمكن الاستفادة من علم المقامات في تلاوة القرآن؟
- إجادة علم المقامات له تأثير كبير على المستمع كما القارئ فالقارئ عندما يجيد استخدام المقامات في قراءته من حين يمر على وعد ووعيد والقصص فإنه يستطيع أن يصور معاني الآيات لمن يستمع إليه. فإذا قرأ آية تتحدث عن الجنة يأتي بوصفها وكأنك دخلت الجنة وإذا قرأ آيات العذاب بأداء معيين يوجد معنى مؤثراً في المستمع.
* هناك من لا يتفق مع استخدام المقامات في تلاوة القرآن ما رأيك؟
- من اعترض على استخدام المقامات في أداء القرآن الكريم لم يعرف ماذا يعني أن يتعلم القارئ المقامات وكيف يطوع المقام للقرآن وهم أخذوا فكرة سلبية عن بعض القراء الذين طوعوا القرآن للمقام فهناك فارق كبير بين قارئ يطوع القرآن للمقام كي يأتي بالمقام كاملاً، وقارئ آخر يعطي الآية حقها ولابد أن يكون الاهتمام بالمقام بعد الإتيان بأحكام التجويد ومخارج الحروف وبعد الأداء القرآني.
ولابد من الإشارة إلى أن المقام الذي نتكلم عنه مقام سماعي وليس غنائياً وليس مصحوباً بآلة موسيقية وانصح جميع أئمة المساجد بتعلم المقامات وهو أمر فيه خير كبير ودعوة لله لأنك عندما تقرأ بهذه الطريقة تؤثر في المستمع وتتأثر لاسيما إذا راعيت أحكام الوقف والابتداء التي تفسر القرآن.
* هل أنت مع من يقلد كبار القراء أم مع الابتكار؟
- نعاني من قلة الابتكار لذلك بدأت مدرسة التجويد (القراءة المتأنية) إلى أفول فالمدرسة المصرية أنجبت قراء عظاماً أمثال الشيخ محمود خليل الحصري ومحمد صديق المنشاوي ومصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد ومحمد رفعت وشيوخ كثر إلا أنها بدأت بالأفول لأن معظم من يقرأ الآن من أهل مصر إنما يقلد هؤلاء القراء، والآن بدأت تنشأ لدينا مدرسة جديدة هي مدرسة أهل الخليج التي تهتم بالقرآن المرتل (القراءة السريعة) وهناك أصوات مميزة لا بأس بها.
وبعض القراء عليهم ملاحظات وبالإجمال بدأ القراء يعتنون بضبط التجويد ومخارج الحروف فالآن الأمور بدأت تأخذ منحى أكثر في التمكن من أداء القرآن وهناك قراء خليجيون نتوقع لهم مستقبلاً باهراً وبعضهم بلغ صيتهم العالم الإسلامي.
* يقال إن بعض هؤلاء المشهورين تعود شهرتهم كونهم أئمة بالحرمين؟
- هناك قراء لم تأت شهرتهم من ارتباطهم بالحرمين الشريفين فقط كالشيخ علي الحذيفي أو الشيخ محمد أيوب، وختمتهما التي نسمعها لم تنقل من الحرمين وإنما سجلت في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وخضعت لتدقيق من علماء العالم الإسلامي المختصين في هذا المجال.
* ما انطباعك عن مسابقة البحرين الكبرى للقرآن الكريم؟
- أمر يبعث للسرور وقد حضرت تصفيات المسابقة وكرمت من قبل الجائزة ووزارة العدل والشؤون الإسلامية، وهو أمر مفرح ويستوجب أن نتقدم بالشكر لجلالة الملك والقائمين على المسابقة فهو أمر مشرف للبحرين. ولاحظت أن هناك إقبالاً كبيراً على الالتحاق بمراكز التحفيظ ونريد أن يضاف لذلك أن يكون الطالب حافظاً وفاهماً لمعاني القرآن ومطبقاً للقرآن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يمشي على الأرض، وللأسف هناك إقبال على الحفظ لكن ليس هناك تطبيق له في حياتنا.
* كيف كانت بدايتك في حقل الدعوة؟
- كانت بدايتي عندما بلغت السابعة فكنت أجلس في حلقة القرآن الكريم، وأذنت أول مرة بالمسجد عندما بلغت العاشرة ووقفت خطيباً وأنا في عمر الثالثة عشر. ونشأت في بيئة متزنة فوالدي رحمه الله كان حافظاً لكتاب الله وكان خطيباً بالمسجد الذي أصلي فيه ما ترك في بصمات واضحة ودفعني للاقتداء به. والتحقت بحلقات التحفيظ فكنت منتظماً في الحلقة اليومية من بين صلاة المغرب والعشاء فكان الإمام يجلس والناس تتحلق حوله ويقرأ كل فرد بحسب دوره حتى نختم كل 4 أشهر تقريباً إضافة إلى ختمة الإمام في الصلاة كل ستة أشهر ما يجعلك تعيش مع القرآن بشكل يومي.
* الانطباع السائد عن البيئة اللبنانية يختلف عما تحكيه؟
- البيئة التي نشأت فيها كانت مختلفة وعموماً فإن البيئة في منطقة طرابلس تختلف عن نمط الحياة في بيروت وبقية المناطق. كما إن بيئة لبنان ليس كما يروج لها في الإعلام فما يرى في الإعلام مختلفاً كلياً عن الواقع فالإعلام عندنا منفصل كلياً عن الواقع وليس هناك إعلام في لبنان يعبر عن الواقع والبيئة والمجتمع فلبنان بلد متعدد الطوائف يوجد مسيحيون ودروز وشيعة وعلويون فهناك 18 طائفة ولا يسلط الضوء على المجتمع بشكله الحقيقي.
وإلى الآن ليس لدينا قناة وسطية تعبر عنا فالتلفزيون اللبناني الرسمي أصبح ضعيفاً نتيجة القنوات الخاصة المحسوبة على التنظيمات السياسية والتي تبث رسائل موجهة ما يظهر الملتزمين أحياناً في صور المتزمت والانغلاق.
* كيف يمكن تنشئة الأجيال الجديدة على حفظ كتاب الله؟
- لابد أن تربط أبنك بالمسجد ربطه بالمسجد هو الذي يدله على الله، فالمسجد كان لي كل شيء في حياتي فكنت أتشوق للذهاب للمسجد بعد عودتي من المدرسة وأمكث فيه طوال الوقت. وعلى ولي الأمر أن يربي ابنه على أن يكون المسجد كل شيء في حياته وأن يوجد بالمسجد من يرعاه وينشئه التنشئة الصحيحة فهي مهمة مشتركة بين ولي الأمر والجهات القائمة على المساجد.
* ما شعورك والمصلون يلحقون بك من مسجد لآخر للصلاة خلفك؟
- هذا من فضل الله وأسعى أن أوصل كتاب الله بقدر المستطاع وأرجو أن أكون مقبولاً عند الله ودائماً أدعو الله عز وجل وأردد «اللهم اجعلني خيراً مما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون» وأدعو الله أن يرزقني الإخلاص وأن يؤجرني على كل من سمع تلاوتي وخشع بسببها.
* هل من كلمة في ختام زيارتك للبحرين؟
- أنصح أهل البحرين أن يتوحدوا ويحافظوا على مملكتهم وأن يكونوا يداً واحدة في وجه الفتنه فالفتن تحيط بنا من كل حدب وصوب وليعلموا أن الخلاف لا يمكن أن يوصل إلى حل ولا يمكن أن ينتصر فريق على آخر ولتكن العبرة من لبنان، فلبنان حصلت فيه حروب أهلية منذ السبعينات تقاتلنا وتناحرنا كطوائف من حرب بين مسلمين ومسحيين إلى حرب بين سنة ومسيحيين وأخرى بين شيعة وسنة ولم نصل لحل ولم تحقق أي طائفة انتصاراً على الطائفة الأخرى، لذلك فالخلاف لا يمكن أن يوصل في يوم من الأيام إلى تعمير البلاد تعمر بل يزيدها فساداً وتراجعاً وانحداراً. وعلى كل أن يعرف حقه ويقوم بواجباته ولا يستطيع أحد أن يأخذ مكان الآخر فلا السني يأخذ مكان الشيعي ولا الشيعي يأخذ مكان السني. ويجب أن يلتقي الجميع على كلمة سواء وأن يجمعهم وطن واحد. ونصيحتي الصادقة أن يبتعدوا جميعاً عن الفتن لأنه كلما كان هناك أكثر من طائفة في البلد فهذا مدعاة للفتنة وكلما توحدنا وتجاوزنا أي مشكلة كلما كان بلدنا بعيداً عن الفتن التي تجري حولنا.