عواصم - (وكالات): يتواصل القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة في الأسبوع الرابع للعدوان المدمر الذي تشنه إسرائيل فيما أكدت القيادة الفلسطينية أن «حماس» مستعدة لتهدئة إنسانية لمدة 24 ساعة، الأمر الذي نفته الحركة في وقت لاحق.
واستشهد 125 فلسطينياً بينهم نساء وأطفال أمس في القطاع فيما لم تتمكن المجموعة الدولية حتى الآن من إقناع الطرفين بالموافقة على وقف لإطلاق النار فيما لا يرتسم في الأفق أي حل دبلوماسي حتى الآن.
وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه في رام الله بعد اجتماع القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إن «القيادة الفلسطينية وبعد اتصالات مكثفة ومشاورات مع الإخوة في قيادة حماس والجهاد، تعلن باسم الجميع الاستعداد لوقف فوري لإطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة». وأشار إلى «اقتراح من الأمم المتحدة بمد هذه الهدنة لمدة 72 ساعة»، مؤكداً «نحن نتعاطى بإيجابية كذلك مع هذا الاقتراح». وأضاف عبد ربه «ندعو كل الجهات العربية والدولية لمساندة هذا الموقف الإيجابي ونحمل إسرائيل كل المسؤولية عن تبعات رفض هذا المقترح بعد أن توافقت عليه جميع القوى والفصائل الفلسطينية». وأكد عبد ربه أن القيادة الفلسطينية «وبالتوافق مع الإخوة في حماس والجهاد» ستقوم بإرسال «وفد فلسطيني موحد يضم الجميع إلى القاهرة للبحث في كل ما يتصل بالمرحلة المقبلة». وشدد على أن ذلك «دليل إضافي على وحدة الموقف والصف الوطني الفلسطيني، وبحيث يكون هذا الوفد تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة برئيسها الرئيس محمود عباس».
وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من جديد مساعدة واشنطن في محاولة التوسط في وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
لكن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس نفت التوصل لاتفاق حول هدنة مع القيادة الفلسطينية وفصائل المقاومة، مؤكدة أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار ما لم يرفع الحصار. وأسفر العدوان الإسرائيلي منذ بدئه في 8 يوليو الجاري عن سقوط أكثر من 1191 شهيداً فلسطينياً معظمهم من المدنيين وإصابة أكثر من 7000. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 3 مدنيين و53 جندياً في أكبر خسائر عسكرية لتل أبيب منذ حرب لبنان في 2006.
وفي أول أيام عيد الفطر وبعد هدنة قصيرة، استؤنف القصف على غزة فيما دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مواطنيه إلى الاستعداد «لحملة طويلة».
وقال أحد سكان غزة «فجأة بدأت الصواريخ تسقط بغزارة» مضيفاً «غادرنا منازلنا وكان البعض يركضون في اتجاه والآخرون في اتجاه معاكس، لم يعد الناس يعرفون إلى أين يهربون». وتوالت الغارات الجوية والضربات على غزة مع القصف الأعنف الذي يسجل منذ أيام.
وذكرت تقارير أن القصف تركز على مناطق شمال غزة، نحو الحدود. واستهدفت عمليات القصف عدداً من المواقع بينها منزل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، ومحطتا الإذاعة والتلفزيون التابعتين لحماس. كما أدى القصف الإسرائيلي إلى توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وقال نائب رئيس سلطة الطاقة فتحي الشيخ خليل إن «القصف أتلف مولد البخار في المحطة وفي وقت لاحق أصاب خزانات الوقود مما أدى إلى اشتعالها».
وأضاف أن خطوط إمداد الكهرباء القادمة من إسرائيل أصيبت بأضرار جسيمة بفعل القصف موضحاً أن «5 من 10 خطوط إسرائيلية للكهرباء في قطاع غزة دمرت بفعل القصف الإسرائيلي وطواقم الصيانة غير قادرة على الوصول إليها لإصلاحها».
واندلعت حرائق ضخمة في محيط المحطة وسط قطاع غزة، بحسب تقارير أشارت إلى أن سيارات الدفاع المدني غير قادرة على الوصول إلى الموقع.
وأضافت التقارير أن عموداً من الدخان الأسود الكثيف يرتفع فوق مرفأ غزة. واستشهد أكثر من 115 فلسطينياً أمس في القصف الإسرائيلي على غزة.
وقالت مصادر طبية إن 17 فلسطينياً استشهدوا في القصف الإسرائيلي على جباليا شمال قطاع غزة وخان يونس جنوب القطاع. كما قتل الجيش الإسرائيلي 5 مقاتلين من حماس في قطاع غزة في تبادل لإطلاق النار.
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه قتل أكثر من 300 من مقاتلي حماس وضرب 3900 «موقع» منذ اندلاع النزاع الذي بدأ بغارات جوية تلتها عملية برية في 17 يوليو الجاري. ومازالت صفارات الإنذار تدوي في مدن الأراضي المحتلة مع إطلاق الصواريخ التي لا تتوقف.
وفي هجمات تبنتها حماس، قتل 10 جنود إسرائيليين في الساعات الـ24 الأخيرة: فقد قتل جندي سقط في معارك في غزة و4 في دبابة أطلقت عليها قذيفة هاون على الحدود و5 في معارك مع مقاتلين فلسطينيين حاولوا التسلل إلى الأراضي المحتلة عبر نفق في ناحال عوز قرب الحدود مع قطاع غزة، كما أعلن الجيش الإسرائيلي.
واستمرت العملية الإسرائيلية حتى الآن لنفس المدة التي استغرقها الهجوم السابق في 2008-2009.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إسرائيل وحماس إلى إنهاء النزاع في غزة، مشدداً على ضرورة «احترام» الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وقال «باسم الإنسانية يجب وقف العنف». كما دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى وقف إطلاق نار «فوري وبدون شروط». أما الغربيون فقد أكدوا رغبتهم في «تعزيز» الضغط لانتزاع اتفاق على وقف القتال بدون أن يتقدموا بأي اقتراح عملي. لكن في طهران اتهم المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي إسرائيل بارتكاب «إبادة» في قطاع غزة ودعا العالم الإسلامي إلى «تسليح» الفلسطينيين.
وقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» «بنحو 290» عدد الأطفال الذين استشهدوا في العدوان الإسرائيلي، أي «أكثر من 10 أطفال يومياً» في المنطقة المكتظة التي يبلغ طولها 40 كلم وعرضها 10 كلم ويخضع سكانها البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة نصفهم تقل أعمارهم عن 18 عاماً، لحصار إسرائيلي منذ 2006.