كتبت ـ شيخة العسم:
لم يشفع لنورة جاسم نصيبها الوافر من الجمال من أن تتمرمر منذ الأيام الأولى لزواجها، هي تزوجت فتى أحلامها، وحقق لها ما أرادت.. ليلة زفاف تاريخية، وشهر عسل في روما وباريس.. ولكن ماذا بعد؟!
رفضت نورة طوابير طالبي يدها واحداً تلو الآخر، لم تقع عينها بينهم على شاب يرضي غرورها، أو يقدم لها مهراً يليق بأميرة مثلها، وأصرت على رأيها حتى تحظى بفتى الأحلام المدلل، شاب وسيم لا تنقصه النقود ويحبها وتحبه.
طال انتظار نورة ولم يطرق «عريس الغفلة» بابها، خشيت أن يفوتها قطار الزواج ويخلفها عانساً، وفجأة وقعت بحب أحدهم، شاب على درجة عالية من الخلق والوسامة، إلا أنه كسابقيه مستور الحال لاحظ له من جاه ولا نقود، رضيت به وأقنعت نفسها أن تتدبر وإياه تكاليف الحياة، ويتقاسمان معاً رغيف المحبة.
يعمل محمد ـ خطيب نورة ـ موظفاً بإحدى الوزارات، براتب لا يتعدى 560 ديناراً، مع إنقاص قيمة قرض سيارة اشتراها مؤخراً 160 ديناراً شهرياً يبقى من المعاش 400 دينار بالتمام.
فعل محمد المستحيل ليحظى بفتاة أحلامه نورة، تقدم لخطبتها مدفوعاً بالأمل والحب، طارت نورة من الفرحة ولم تسعها الدنيا، ورغم علمها بأحوال محمد المالية، أرادت على الأقل أن يكون حفل زفافها يوماً تاريخياً لا ينسى، يوم يتحدث فيه العامة أعوماً مديدة، قالت لنفسها «هي ليلة بالعمر لا تعاد ولا تكرر.. ويجب أن تكون كما تتمنى النفس وتشتهي».
نورة طلبت أيضاً مهراً عالياً 5 آلاف دينار، وشهر عسل في أوروبا حصراً و»بعدين يحلها حلال المشاكل»، محمد لم يقف عائقاً بوجه طموحات زوجة المستقبل، ولبى لها كل ما أرادت وزيادة، كان بحق نعم الزوج المطيع!
اقترض محمد 10 آلاف دينار لتغطية نفقات الزواج الأميري، وقسط المبلغ على سنوات لقاء 200 دينار شهرياً، وقدم له والداه 2000 دينار جمعاها لهذا اليوم الموعود، وبدأ محمد ترتيبات حفل الزفاف الفاخر.
حفلة الزفاف كلفت لوحدها 3 آلاف دينار، المهر 5 آلاف، شهر العسل في فرنسا وإيطاليا لمدة 15 يوماً كلفت نحو 5 آلاف، عدا باقي المصاريف وهنا اضطر محمد للاستلاف من أحد أصدقائه ووعده بأن يعيدها فور حصوله على دوره بجمعية اشترك فيها قبل سنة مع مجموعة من الأصدقاء.
فرحة نورة بالعرس الفخم والمهر العالي وشهر العسل ذي «الخمس نجوم» كانت فوق الوصف، كل شيء كان تماماً مثلما حلمت، وبعد شهر العسل أطلت المشاكل برأسها.
بعد أن يدفع محمد قسط البنك والسيارة يتبقى من راتبه الهزيل 200 دينار فقط، هي كل ما يملك لمواجهة تكاليف الحياة، وهو اليوم ليس كالأمس فهو زوج وغداً يصبح رب أسرة، فنورة حامل وبعد أشهر يصبح محمد أباً.
اليوم فقط تتحسر نورة على ما فات، فالعرس الملوكي كلفهم ما لا يطيقون، وأعسر حالهم لسنوات مقبلة، ولكن ما نفع الندم! وهي اليوم تبحث عن وظيفة لتساعد زوجها في تلبية بعض احتياجات الأسرة.. فما فات من سعادة انقضى بغمضة عين، وما ينتظرها من شقاء قد يدوم أعواماً!
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}