عواصم - (وكالات): أكد يونانيون عائدون من ليبيا أن البلاد تنزلق بسرعة نحو حرب أهلية هي «أسوأ بكثير» من أعمال العنف التي أدت إلى إسقاط نظام معمر القذافي في 2011. وقد عاد يونانيون إلى بلادهم ضمن مجموعة من 186 شخصاً تم إجلاؤهم من طرابلس بينهم السفير الصيني وعدد من الدبلوماسيين على متن فرقاطة يونانية وصلت إلى مرفأ بيرايوس صباح أمس.
وتشهد ليبيا حالة عدم استقرار واضطرابات منذ مقتل القذافي وانهيار نظامه في 2011 حيث تسيطر الميليشيات التي أسهمت في إسقاط النظام السابق على أجزاء من البلاد، في حين يتنامى نفوذ الجماعات الإسلامية. وقال أسامة منصور الذي يعمل مع منظمة غير حكومية في طرابلس «ضحى كثيرون بحياتهم من أجل حياة أفضل في ليبيا، ولكننا اليوم نعيش حرباً أهلية ونقتل بعضنا بعضاً».
وأدى القتال بين الميليشيات المتناحرة في طرابلس إلى إغلاق المطار الدولي في حين تقاتل مجموعات إسلامية الوحدات الخاصة في الجيش في مدينة بنغازي شرقاً. وقال علي الغرياني، وهو ليبي متزوج من يونانية، «الوضع أسوأ من 2011. حينها كنا تحت نيران قصف الحلف الأطلسي ولكن اليوم يقصفنا الليبيون، هذا يجعلنا حقيقة نشعر بالعار».
من ناحية أخرى، عقد البرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات 25 يونيو الماضي، أمس أول جلسة له في طبرق على خلفية مواجهات دامية في البلاد التي يريد آلاف الأشخاص مغادرتها. وأعلن نواب أن الاجتماع الأول كان غير رسمي وأن الجلسة الافتتاحية الرسمية ستعقد بعد غد الإثنين. وسيبدأ البرلمان مباشرة عمله في حين تغرق البلاد في الفوضى أكثر فأكثر كل يوم، وتشهد أكبر مدينتين في البلاد، طرابلس وبنغازي معارك ضارية. وأسفرت أعمال العنف في البلاد خلال أسبوعين عن سقوط أكثر من 200 قتيل ونحو 1000 جريح وفق وزارة الصحة. وتنعكس الانقسامات بين الإسلاميين والوطنيين والتي تعطل الساحة السياسية منذ أشهر، على الأرض، من خلال معارك بين مليشيات متناحرة. وهذا هو واقع الحال خصوصاً في طرابلس حيث استؤنفت المعارك حول المطار بعد هدوء نسبي. وسمع دوي الانفجارات والطلقات حتى وسط العاصمة. ودفعت أعمال العنف الأخيرة بالعديد من العواصم الغربية إلى إجلاء مواطنيها ودبلوماسييها.
وبريطانيا وبولندا هما آخر من أعلن إغلاق سفارتيهما مؤقتاً بينما أعلنت رومانيا أن سفارتها ستظل مفتوحة لكنها دعت مواطنيها إلى مغادرة البلاد بلا تأخير. وأعلن السفير البريطاني في ليبيا أنه قرر «بأسف» مغادرة السفارة في طرابلس بسبب المواجهات المستمرة في العاصمة وانعدام الأمن. وتواجه تونس تدفق آلاف الأجانب ومعظمهم مصريون، حاولوا الدخول عنوة إلى أراضيها ما أدى إلى تعليق العمل بالمعبر الحدودي الرئيس مع ليبيا. من ناحيته، أكد السفير المصري في تونس أيمن مشرفة أن بلاده ستقيم جسراً جوياً من تونس لإخراج آلاف المصريين العالقين في ليبيا على الحدود التونسية. في شأن متصل، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي «لمواجهة حقيقية» من أجل وضع حد لتدهور الأوضاع الأمنية قال إن الجانب المصري هو الذي يقوم وحده بتأمين الحدود الممتدة مع ليبيا. والأمل الوحيد الذي ما زال قائماً لوقف أعمال العنف، أصبح يكمن في البرلمان الجديد.
ويتهم الوطنيون الإسلاميين بزرع الفوضى في البلاد ومنع البرلمان من تولي مهامه بعد أن خسروا الانتخابات. ميدانياً ما زال رجال الإطفاء يعملون لليوم السابع على التوالي على إخماد حريق نشب في خزان محروقات يحتوي على 90 مليون لتر من الوقود، وقد اضطروا مراراً إلى التوقف عن العمل بسبب إطلاق النار. وقد سقطت قذائف أثناء المعارك الدائرة حول المطار، الأحد الماضي فتسببت في ذلك الحريق وأفادت مصادر من الحماية المدنية بأن إخماد الحريق سيتم «قريباً جداً». وقد ذكرت المؤسسة الوطنية للنفط أن حريقاً نشب في مستودع وقود رئيس في طرابلس بعدما أصابت صواريخ أطلقتها إحدى الميليشيات الليبية أحد الصهاريج واشتعلت به النيران. والمطار الذي تضررت فيه عدة طائرات، مغلق منذ 13 يوليو الماضي وتدور حوله معارك بين مليشيات من الثوار السابقين الذين قاتلوا سوياً خلال 8 اشهر نظام معمر القذافي في 2011.