في التقييم الذي أجرته صحيفة «الوطن» حول أداء النواب بحسب المحافظات، تبين لنا أن محافظة المحرق من أكثر المحافظات المحيرة من حيث التقييم، إذ إن بقية المحافظات في البحرين، أعطت تقييمها واضحاً للغاية، فإما أن يكون التقييم ممتازاً أو ضعيفاً، لكن محافظة المحرق أعطت تقييماً مغايراً للغاية، فهي صوتت بما نسبته 49% من الأصوات بضعف أداء النواب، و44% منها كان التصويت للتقييم الممتاز، وكأن المحافظة انشطرت إلى شطرين في هذا التقييم.
من الطبيعي أنه سيعطي المواطن الذي يقطن المحرق والمستفيد من الإنجازات التي تحققت على الأرض من كافة المشاريع والقوانين التي أُنجزت في الفصل التشريعي الأخير كلمة «ممتاز» فيما يتعلق بأداء النواب، ومن لم يستفد ولم تفلح كل محاولاته من الاستفادة من خدمات وعطاءات النواب، سيكون صوته للتقييم الضعيف حول هذا الأداء، وهذا يبدو جلياً عبر السجالات التي حدثت وتحدث في المجالس وأماكن تجمعات الأهالي، ولربما يختلف التقييم من منطقة إلى أخرى في ذات المحافظة، وهذا ما جعل التقييم متناصفاً بين الأداءين «الممتاز والضعيف».
ففي منطقة كقلالي ربما يكون الارتياح من أداء النواب مختلفاً عن بقية المناطق الأخرى من المحرق، على اعتبارات ملموسة أو تحركات إيجابية أوصلت إشارات إلى أهالي المنطقة حول طبيعة أداء النواب، فعلى سبيل المثال ومن خلال تتبع ما جرى قبل عامين في المجلس، وجدنا أن مرافق النواب وافقت على إعطاء الأولوية من إسكان قلالي -أو ما يسمى بمشروع شمال شرق المحرق- لأهالي منطقة قلالي، نظراً لمطالبة أهالي منطقة قلالي بالحصول على وحدات سكنية في المشروع القريب من منطقة آبائهم وأجدادهم أسوة بالقرى والمدن التي أصبحت فيها مشاريع إسكانية وزعت على أهالي تلك القرى كمشاريع امتداد لتلك القرى، إضافة لعدم وجود أراضي فضاء بالمنطقة لإقامة مشروع إسكاني آخر، مما يجعل المشروع الحالي هو الأخير في منطقة قلالي. هذا الأمر يحيل كفة التصويت لصالح النواب الذين استطاعوا أن يجيروا بعض المشاريع الكبيرة التي تمس حياة المواطنين لصالحهم، وهذا ما يجعل صوت الناخب يميل نحو النائب بطريقة إيجابية.
من جهة أخرى، سيكون الناخب المحرقي الذي لم يستطع أن يتحصل على بعض متطلباته الحياتية، غير راضٍ عن أداء النواب، فعلى سبيل المثال، فقد شكا عدد من أهالي مدينة الحد، ازدواجية وزارة الإسكان في توزيع الوحدات السكنية، مشيرين إلى أن وحدات مشروع شرق الحد، شملت طلبات أهالي الحد حتى 2006، بينما حظي آخرون من خارجها بوحدات رغم أن طلباتهم تعود لـ 2008. وأعرب حينها أهالي الحد عن مخاوفهم من عدم أهلية البنية التحتية للمشروع خاصة من ناحية الطرق، مدللين على مخاوفهم بالازدحام المروري حالياً عند تقاطع جسر خليفة بن سلمان، في ظل توقعات بتفاقم مشكلة الازدحام عقب افتتاح المدينة خلال الأعوام المقبلة.
إن تقييم أهالي محافظة المحرق لنوابهم لا يحتمل ألواناً رمادية، فهم منحازون بطبيعتهم، فإما يعجبهم أداء النواب أو لا يعجبهم، وهذا ما بينه جدول التقييم لأداء النواب في المحرق، حيث النسب الأخرى توضح هذا الأمر، فكان الصوت المتجه إلى»لا أعلم» 1% فقط، وإلى»جيد»6% فقط، مما يعني أن صوت المواطن في هذه المحافظة يحمل طابعاً صارماً. اتسم مزاج المحرقي بالصرامة، فهو أكثر جرأة من غيره من حيث التقييم، ولربما لا عجب حينها، إذا رأى أن نائبه الذي كان في نظره «ممتازاً» بسبب أدائه، أن يطرده من المجلس حين ينخفض منسوب أدائه.
هنالك أصوات قوية صدحت مؤخراً في المحرق، تطالب بعدم تمديد فترة مجلس النواب، لأن أداءهم أصبح باهتاً في الآونة الأخيرة، ليس هذا وحسب، بل ولأن بعض نواب المحرق في الانتخابات النيابية السابقة اعتادوا على تقديم بعض الرشاوى تحت مسميات أخرى، كالمساعدات والهدايا من أجل انتخابهم للمجلس النيابي، دعا محافظ المحرق سلمان بن هندي، الجمعيات السياسية إلى الابتعاد عن فرض مرشحيها على المواطنين بالانتخابات النيابية والبلدية المرتقبة، وقال «لن نسمح بظاهرة شراء أصوات الناخبين». ودعا المحافظ والأهالي مع اقتراب الانتخابات النيابية والبلدية، إلى توعية المواطن لاختيار المرشح الأكفأ والجدير بالمعقد النيابي والبلدي، آملاً من الجمعيات السياسية الابتعاد عن سياسة فرض مرشحيها على أهالي المنطقة، وتقديم مصالحها على مصلحة الوطن. وقال في هذا الصدد «الأهم وصول المرشح الأكفأ والأحرص على خدمة الوطن والمواطن، بغض النظر عن انتمائه لإحدى الجمعيات أو كونه مستقلاً»، محملاً المواطنين مسؤولية إيصال المرشحين الأفضل، من خلال التركيز على أعمالهم وإنجازاتهم، والابتعاد عن ظاهرة شراء الأصوات الانتخابية، ووضع مصلحة الوطن قبل المصالح الشخصية حتى لا تتكرر تشكيلة المجلس بنفس الوجوه والأشخاص. وأكد أهمية أن يختار أهالي المحرق مرشحين لا يسيئون لتاريخها العظيم ووطنية أهلها، وأن يكون ممثلوها من المواطنين المميزين بعطائهم، وتجاوز التجارب الفاشلة والوجوه المكررة.
ربما تكون هذه الصورة النهائية التي يبدو عليها المشهد في محافظة المحرق، وهو بغض النظر عن ارتياح نصفهم لأداء النواب، وعدم ارتياح النصف الآخر لهم، لكنهم متفقون على أهمية التجديد في الدماء، والاستفادة من مراحل التجارب السابقة، وذلك عبر اختيار النائب المناسب للمكان المناسب.