كتب- يوسف شويطر:في البحرين نعاني من إحدى الأزمات الأدبية الكبيرة، وهي عزوف شعراء العامية أو اللهجة البحرينية المحكية عن التواجد الأدبي وملف هذه القضية مثل فم الحوت الذي لا يقبل أن يغلق، نناقش القضية في الجمعية ونحن نحتسي أنواع الشاي ونتجادل ونضع الاقتراحات لكن دون جدوى نخرج وأيدينا خالية من أكياس الحلول، شعراء يقولون بأن السبب هو عدم وجود إداريين أكفاء وشعراء يقولون بأن الدعم هو السبب المتسبب وشعراء يقولون بأن الشعراء المنعزلين هم السبب لا غير وشعراء يقولون بأن الحكومة لا توفر البيئة المناسبة لخلق مناخ أدبي.لدي حل يعبر عن رأي صاحبه، وهو أن نخلق جيلاً شعرياً بالموجودين من الشعراء ونترك المبتعدين وشأنهم، شعراء وأدباء الخليج دائماً يسألوننا أين أنتم يا شعراء البحرين؟ مثل الفقير عندما يسأل لماذا ليس لديك نقود؟ يجب أن نعمل مثل الساحة الشعرية الإسبانية في القرن العشرين لما ظهر جيل يسمى (جيل 27) وكان يضم مجموعة من الشعراء الإسبان الذين تركوا بصمة إلى يومنا هذا مثل لوركا ورافائيل البرتي وبيدرو ساليناس وغيرهم.مسألة إنما الأعمال بالنيات تدخلت في نفوس الشعراء وهنا قد تكمن المشكلة، هناك من يكتب للشهرة وللمال وللنساء وللتباهي ولهذا السبب ينطفئ قنديلهم ولا يبقى إلا المخلصون لمهنة الكتابة والتخيل.عصر الانحطاطهل من الممكن بأن يكون الشعر البحريني النبطي يعاني الآن من عصر الانحطاط؟ سواء من ناحية المفردة أو الحضور في الساحة أو تواجد الجزالة في النص مع أن كل شيء متواجد لكن الوجع الأكبر الذي تعاني منه الساحة هو عزوف الشعراء عنها ولا نعلم لماذا.من عام 2005 إلى 2009 تقريباً انتفض مارد الحضور الشعري في الساحة النبطية، رأينا شعراء شبابا أثبتوا تواجدهم ومازال صيتهم يتردد في الآذان، ومنهم الذي ابتعد بكل خفي حنين، في تلك الفترة رأينا كثافة الأمسيات في البحرين والمسابقات وكذلك المنافسة على المستوى العربي والخليجي، والدليل هو برنامج درب الليوان الذي يحتوي على أكثر من 5 جوائز من طراز المركز الأول كانت من نصيب شعراء مملكة البحرين.عصر الانحطاط كما هو معروف امتد من سقوط بغداد إلى حملة نابليون على مصر، وخلال هذه الفترة شهد الشعر العربي ضعفاً في اللغة والصياغة وفي حضور الشعراء أيضاً إلا ما ندر مثل ابن نباتة وصفي الدين الحلي والشاب الظريف، إلى أن أتت لحظة رفع الشاعر المصري محمود البارودي لراية البعث والإحياء للشعر العربي والذي يعتبر سبباً مقنعاً لخلق جيل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وانتعش الشعر العربي مرة أخرى، في البحرين نريد بارودياً آخر، هل لدينا؟المهرجان الشعري السنويفي المملكة الأردنية الهاشمية تتميز حركتهم الأدبية بعدة عوامل ومنها تنظيمهم المستمر لمهرجان الخالدية الشعري الذي يستدعي نخبة من أهم شعراء النبط على مستوى الوطن العربي مما يعطي الحافز لبعض الشعراء أن تبرز أسماؤهم من خلال هذا المهرجان، وهذه جهود تشكر عليها الأيادي المنظمة لهذا الحدث.بما أن البحرين مملكة متقدمة فكرياً وعلمياً منذ سبعينات القرن الماضي إن لم يكن قبل ذلك، تحتاج إلى إقامة المهرجانات الشعرية الخاصة بها، من المعروف بأن مهرجان أهل القصيد لن ينظم بعد آخر نسخة والتي شاركت فيها الشاعرة منيرة السبيعي والشاعر عبدالله الخالدي وقد مثلوا البحرين شعرياً خير تمثيل.أنا أقترح بدعم خاص من وزارة الثقافة أن تقيم مهرجاناً للشعر الفصيح بعنوان مهرجان طرفة بن العبد للشعر الفصيح بسبب شهرة طرفة على مستوى الشعر بأكمله ولأنه يعد هامة شعرية لا يتوارى عن ذهن أي شاعر وفي نفس الوقت يعد رمزاً للأدب البحريني، وفي المقابل يعد مهرجاناً شعرياً نبطياً باسم مهرجان الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة (الوائلي) للشعر النبطي بكون الشيخ محمد من أعمدة القصيدة البحرينية العامية ويكون البرنامجان على المدار السنوي بحيث يتواجد فيه الشاعر البحريني فقط و يتم دعوة شاعر خليجي واحد بشرط أن يكون له قاعدة جماهيرية ضخمة وصيت ذائع في الساحة الشعرية لكي يستفيد الشاعر البحريني ويبرز ذاته في الوقت ذاته.