بينما كنت جالساً في أحد الأيام وإذ بصديق قديم لي يتصل ليستشيرني في موضوع خاص به .. وبعد السلام سألني السؤال التالي: «وجدت إنسانة أحببتها، وعندما فاتحت أهلي في موضوعها قالت لي والدتي نحن لا نتزوج من هذه العائلة، فما رأيك أنت في هذا الموضوع وبماذا تنصحني؟»
أجبته وبلا تردد: تزوج من تحب .. لأن الزواج في الأول والأخير أمر راجع لك ومن حقك أن تختار الإنسانة التي تحبها وإن كان أهلك يعارضونك في خيارك بدون وجه حق فلا حق لهم في ذلك.. انتهى
الحب ليس عيباً بحد ذاته، وقد ألف علماء المسلمين العديد من المؤلفات حول هذا الموضوع وعلى رأسها الكتاب الجميل «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» لابن القيم الجوزية رحمه الله، تكلم ابن القيم في كتابه هذا عن كل ما يتعلق بالحب من أمور، واستشهد بالعديد من القصص والشواهد من التاريخ حول المحبين وأحوالهم وما يجري معهم، وقد كان لتأليف الكتاب قصة نذكرها لتعم الفائدة: «سئل الشيخ الإمام العالم العلامة المتقن الحافظ الناقد شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح أبي بكر عرف بابن القيم الجوزية رضي الله عنه: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلى ببلية وعلم أنها إن استمرت به أفسدت دنياه وآخرته وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق فما يزداد إلا توقداً وشدة فما الحيلة في دفعها وما السلام إلى كشفها ورحم الله من أعان مبتلى والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؟ فألف الشيخ من هذين السطرين كتاباً احتوى أكثر من 200 صفحة للإجابة حول هذا السؤال وتطرق إلى عدة فصول في الكتاب. مع العلم أن الكتاب هذا قد تم تأليفه في القرن الثامن الهجري.
قلت لصديقي هذا بأن حجة والدتك ليست صحيحة، فإن كنت ترى في الفتاة الصفات التي تحبها وترى نفسك مقتنعاً بها وأن حبك لها ليست نزوة عابرة فالشرع والدين في صفك.
العشق كما ذكر ابن القيم في كتابه مرض عضال وقد تكلم المؤلف عنه بتفصيل كثير وخصص له العديد من الفصول بل إنه أسماه مرضاً وخصص فصلاً للحديث عن «مرض العشق وعشق الصور» من العلم بأنه في القرن 8 لم تكن هناك صور ولا كاميرات ولا أسواق ومجمعات تجارية ولا إعلانات تجارية في الشوارع والطرق السريعة كلها صور نساء كما هو الحال اليوم، حيث كان ابن القيم يتكلم عن مشاهدات العامة في السوق فقط، ولا أدري بصراحة ماذا كان سيكون قول الإمام لو وجد في عصر الإنترنت والستلايت والفيديو كليب وماذا كان سيقول في عشق الصور؟
من وجهة نظر المؤلف فإن الأصل في المرء ألا يحب، لأن المحب يضطرب قلبه ولا يوجد دواء له سوى الارتباط بمن يحب، لأن قلب العاشق يصبح مضطرباً عند ذكر محبوبه. بل إنني أتذكر أنه في إحدى المرات وعندما كنت أبحث في الإنترنت حول هذا الموضوع وجدت حلقة كاملة للدكتور محمد العوضي يتكلم عن هذا الموضوع وكان عنوان حلقته «من قال إن الحب حرام؟».
أقول لكل شاب وشابة في نهاية مقالي اليوم: من حقكم أن تتزوجوا بمن تحبون لأن الشرع قد كفل لكم هذا الحق، لأن الزواج ليس مجرد ممارسات يقوم بها الفرد وإنما من أكبر المعينات على نجاحه هو وجود المشاعر المتبادلة، وكم من بيت قد انهدم في مجتمعنا لغياب تلكم المشاعر، كلامي لكم ليس دعوة للتمرد وإنما هي فكرة أرغب بتأصيلها وتوصيلها لكم، أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت للجميع.