كتب – جعفر الديري:
ما إن أعلن الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو، أنه يريد مغادرة فرنسا والتخلي عن جواز سفره الفرنسي للهروب من الضرائب التي اعتبرها باهظة؛ حتى سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووقع مرسوماً بمنح الجنسية الروسية لديبارديو، ليصبح نجماً روسياً بجدارة!، في مقابل ذلك، يتوفى الروائي والفنان السوداني محمد بهنس، في القاهرة متجمداً خلال موجة برد تعرضت لها مصر!، دون أن يحظى بسقف وأربعة حيطان يموت فيها!.
وبين هذين النقيضين، يعيش الفنان العربي مأزقاً كبيراً، بسبب تراجع القيمة الإنتاجية للفن العربي، كما يؤكد المخرج والفنان محمد الصفار، إن «الفنّ العربي في انحدار ولا نجد قاعاً نقف عنده -طبعاً هناك أعمال محترمة- ومن بعده نبدأ الصعود، فما أتلفه مال المقاولات الفنّية مزّقه الاشتباك السياسي، وإن مرق من وحل السخف لم يفلت من المطاردة الطائفية والعصبية وغيرها».
يأتي موت الفنان المصري الشهير سعيد صالح، ليثير أسئلة شديدة المرارة عن وضع الفنان العربي وخاتمته، بحسب المخرج الشاب محمد إبراهيم، «فإن وفاة فنان حقيقي وصادق مع فنه مثل سعيد صالح هي خسارة للفن العربي فعلاً، -اذ كان له وجوده العربي، فشارك في العديد من الأعمال حتى السينما العمانية كان له وجود فيها من خلال فلم البوم- دون أن يحتفى به، مشكلة تعشعش في عقلية العرب، فبينما يحتفي الغرب بالفنان حيا ميتا، لا ينال العربي أدنى اهتمام حتى بعد موته»!. وهنا يشير ابراهيم باصابع الاتهام للتوجه التجاري الذي يقود الفن العربي إلى الهاوية!.
بدوره يلقي المخرج أحمد يعقوب المقلة، بأمله على التاريخ المقبل أن ينصف أمثال المبدعين سعيد صالح، وأن تحتفي الأجيال المقبلة، بالراحلين من المبدعين الذين قدموا فنا راقيا، سيبقى رمزا للإبداع والعطاء، يخلدهم في ذاكرة الفن السينمائي والمسرحي والتلفزيوني.
وبينما يجد الإعلامي حسين الإسماعيل أن رحيل المبدعين بمثابة جرس إنذار يوقظنا!، يشير بمرارة إلى أن العرب دأبوا على تكريم المثقفين والمبدعين والعلماء والمتميزين بعد موتهم، وعدم الالتفات إلى نشاطهم وعطائهم إلا بعد رحيلهم.. «فنحن لا نعرف قيمة من حولنا إلا بعد رحيلهم، ولا نعرف قيمة من خدم بلاده إلا بعد موته فنبدأ بسرد مآثره.. فيا لها من مفارقة عجيبة»!.
ومع تردي هذه الحالة، يؤكد الفنان علي سلمان أن رحيل سعيد صالح بمثابة صرخة في وجوه المسؤولين الذين لم يهتموا به طيلة حياته كما ينبغي!، «هكذا هم العرب في كل المجالات لا نرى عمالقتنا إلا بعد أن نفقدهم، فهل ننتظر يوم رحيلهم لنتأسف عليهم؟!».