لا يعني حدوث إخفاقات في مجلس النواب البحريني، أن كافة النواب لم يقوموا بأي إنجاز يُذكر، فهذا مجانب للصواب والموضوعية. فعلى الرغم من حداثة التجربة البرلمانية في البحرين، إلا أن هنالك العديد من المشاريع والقوانين تم رصدها على أرض الواقع، حتى باتت حقيقة لا يمكن إنكارها أو عدم ملاحظتها، لكن خلط الأوراق عند بعضهم لدوافع شخصية، جعلت بعض الإخفاقات تطغى على كل الإنجازات، وهذا ما يمكن ملاحظته عبر نبض الشارع ومن خلال ردود أفعاله.
إن هذا الفهم، اختصره رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني حين أكد في أكثر من مناسبة أن المجلس النيابي سنَّ طوال فترة عمله وبالتعاون مع مجلس الشورى والحكومة، العديد من المشروعات والقوانين التي تخدم الوطن والمواطن أبرزها ما يتعلق بتحسين رواتب الموظفين ومكافآت المتقاعدين من خلال إقرار مشروعات الميزانية العامة للدولة التي ساهم المجلس كذلك في زيادة اعتمادات مشروعات الإسكان والبنية التحتية . كما أقر المجلس قوانين تتعلق بالأسرة والمسنين وأيضاً الطفل الذي يعد إنجازاً حققته مملكة البحرين حيث سجلت الريادة في إقرار أول قانون خاص وشامل بكل حقوق وواجبات الطفل. ومن أبرز القوانين التي أقرها المجلس قانون العمل الذي يتضمن الكثير من المزايا والحقوق العمالية المستحدثة والمكاسب للطبقة العاملة ويراعي التطورات الحديثة التي طرأت على سوق العمل بالبحرين. وقانون ضمان التأمين الاجتماعي ومنح الجنسية أبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني. وغيرها من الإنجازات التي تعرض سنوياً في التقرير السنوي الذي نتشرف برفعه لجلالة الملك.
من جهة أخرى، فإن رئيس مجلس النواب أكد ومن خلال مرور البحرين بأحداث مؤسفة ربما أثرت على أداء المجلس، إلا أنه ترك الكثير من البصمات الإيجابية في هذه المرحلة، مؤكداً أن العمل البرلماني تراكمي وتصاعدي، وخلال كل دور انعقاد تتحقق إنجازات للوطن والمواطنين، ويكتسب النواب خبرة ودراية، يعتبر هذا الفصل التشريعي من الفصول التشريعية المهمة، وقد حرص الزملاء النواب على تأدية دورهم وواجبهم التشريعي والرقابي بكل صدق وأمانة وتمثيل دوائرهم على المستوى المحلي وتمثيل بلادهم على المستوى الدولي أفضل تمثيل وتوضيح الحقيقة والمغالطات التي تم إشاعتها فترة الأحداث التي مرت بها البلاد. كما إن المجلس تناغم مع الأحداث المؤسفة التي مرت بالبلاد واتخذ مواقف وطنية واضحة ضد المخططات والأجندات التي كانت تضمر الشر للبلاد .
تبدو المنامة من أكثر المحافظات تحسساً وتلمساً للإنجازات المُنجزة التي تتعلق بكافة القطاعات الخدمية بشكل واضح، خصوصاً فيما يتعلق بالإسكان وتحسين الوضع المعيشي وكذلك التعليم والصحة، على الرغم من ضيق الفضاءات العامة التي يمكن إقامة المشاريع المذكورة عليها، فالمنامة هي عين المملكة وهي جوهرتها وواجهتها التي يجب أن تتمتع بأقصى درجات العطاء من خلال أعضاء المجلس النيابي لمحافظة العاصمة، ولهذا فإن نوابها حصلوا على أفضل تقييم بين كل المحافظات، لما لإسهاماتهم في هذا الدور التشريعي من دور بارز في تحقيق مطالب أهالي العاصمة، وهذا ما بدا جلياً من خلال في التقييم الذي أجرته صحيفة الوطن حول المجالات التي حقق فيها النواب إنجازات ملموسة.
تشير الأرقام الخاصة بالمشاريع الإسكانية بالعاصمة المنامة على سبيل المثال، إلى أن المشاريع قيد التنفيذ هي 136 شقة، و278 بيتاً، أما المشاريع المستقبلية فهي 188 شقة، و225 بيتاً. وهناك الكثير من الأفكار والمشاريع التي تبناها أعضاء مجلس النواب سوف تدرس في المستقبل.
إن القطاع الصحي كذلك، لا يمكن أن يكون خارج اهتمام مجلس النواب، ولهذا دشنت وزارة الصحة العديد من المشاريع والخطط التطويرية في البحرين والمنامة تحديداً، من أجل المحافظة على تحسين الوضع الصحي للمواطنين والمرضى، ولعل من أبرز هذه الإنجازات هو إنشاء مركز أمراض الدم الوراثية، إضافة للمزيد من الخدمات الصحية الأخرى.
أما بالنسبة لإنجازات التعليم فقد تم تشكيل فريق للتعلم الإلكتروني في كل مدرسة برئاسة المدير أو المدير المساعد وعضوية مجموعة من الإداريين والمعلمين وفريق آخر من الطلبة، ويعمل الفريقان مع اختصاصي في تكنولوجيا التعليم مقيم في المدرسة لتفعيل التعليم الإلكتروني بالمدرسة، وكذلك تم تدريب مجموعة من الإداريين والمعلمين على الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب وعلى المنظومة التعليمية وإعداد الدروس باستخدام السبورات الإلكترونية، إلى جانب تطوير الصفوف الإلكترونية التي تم بناؤها في مدارس المراحل الأولى والثانية والثالثة (93 صفاً إلكترونياً) لتصبح مراكز لتقنية المعلومات والاتصال(ICT CENTRE)، ومراكز تدريب للمعلمين والطلبة والإداريين على استخدام التكنولوجيا في التعليم.
وفي ذات السياق حول تطوير وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، فقد تم التوافق بشكل مبدئي من قبل النواب على تحسين الوضع المعيشي للمتقاعدين الذين خدموا الوطن لسنين طويلة دون الحصول على أية زيادات مالية على معاشاتهم باستثناء المكرمة الملكية التي تم إقرارها عام 2011، وقد تحددت هذه الزيادة بحيث يحصل المتقاعدون ممن يتقاضون معاشات تقاعدية حتى 700 دينار على زيادة مقدارها 75 ديناراً تضاف إلى الدعم السابق الذين حصلوا عليه في 2011 فيما سيحصل أصحاب المعاشات التقاعدية لأكثر من 700 دينار ولغاية 1500 دينار على مبلغ وقدره 50 ديناراً. كما إنه تم التوافق على أهمية تطبيق المعايير التي تم تحديدها من قبل مجلس النواب فيما يخص علاوة الغلاء لتشمل ثلاثة شرائح، الأولى: رب الأسرة الذي لا يزيد دخله عن 300 دينار يمنح علاوة غلاء مقدارها 100 دينار شهرياً، والثانية: رب الأسرة الذي لا يزيد دخله عن 700 دينار يمنح 70 ديناراً شهرياً، والثالثة: رب الأسرة الذي لا يزيد دخله عن 1000 دينار يمنح 50 ديناراً شهرياً.
هذه هي الإنجازات التي لمسها أهل العاصمة المنامة، والتي كان للحكومة ومؤسساتها دور بارز في إنجاح هذه المشاريع المتحققة على الأرض، بالتعاون مع أعضاء الغرفة التشريعية المنتخبة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه للمستقبل، هل سيستمر رضا أهالي العاصمة عن أداء النواب الحالي عبر كل هذه الإنجازات الملموسة؟ أم أن الإنجازات بدأت تتعطل في الآونة الأخيرة، أو باتت تتحرك ببطء في عجلة وكمية المشاريع المرغوب تحققها في العاصمة المنامة؟ نتائج الانتخابات القادمة ستجيب على كل هذه الأسئلة.