تنتظر نسرين سلمان الحامل في شهرها التاسع في ركن غرفة في مدرسة تابعة للأمم المتحدة في شمال قطاع غزة أن يتسنى للأطباء في مستشفى الشفاء بغزة استقبالها لإجراء عملية قيصرية، في وقت يكتظ المستشفى بجرحى الحرب الإسرائيلية.
وصدمت نسرين التي تعاني من التهاب الكبد الوبائي برفض مستشفيات القطاع ترتيب ولادتها بسبب ازدحام المشافي بآلاف الجرحى بفعل الحرب الإسرائيلية.
وتقول «ذهبت إلى مستشفى الشفاء الطبي وطلبوا مني أن أصبر أسبوعاً آخر، حيث إن كافة أطباء التخدير مشغولون في غرف العمليات يعالجون جرحى الحرب».
وتضيف «لا يمكنني أن أتحمل أكثر. الحمل سيقتلني وأنا أعاني من التهاب الكبد الوبائي ومرض السكر والضغط».
وتتابع «أكدت لهم إحدى طبيبات النساء والولادة أن حالتي خطرة ولكنهم رفضوا أيضاً (...) إنهم يستقبلون حالات الولادة الطبيعية ولكن ولادتي غير عادية».
ويلتف أطفالها الأربعة حولها في الغرفة المكتظة بأكثر من 50 شخصاً لجئوا إلى المدرسة. لجأت نسرين (37 عاماً) مع أطفالها إلى هذه المدرسة هرباً من القصف الإسرائيلي في محيط منزلها في منطقة العطاطرة شمال قطاع غزة.
وتقول «ذهبت إلى مستشفى خاص ولكنهم طلبوا مني ألف شيكل (نحو 290 دولاراً أمريكيا) لإجراء العملية ولكن لا يوجد معي مثل هذا المبلغ».
وتتابع وهي تبكي بحرقة «أنا خائفة على الجنين. لم أعد أشعر بحركته.. الموت يلاحقنا في كل مكان، هربنا من بيوتنا تحت القصف ولا نريد أن نموت».
كانت أم رزق غبن (32 عاماً) التي تقيم في غرفة مجاورة في المدرسة التي لجأت إليها قبل عشرين يوماً أوفر حظاً، حيث وضعت طفلها قبل أسبوع في مستشفى مجاور.
وتقول هذه السيدة التي تحمل طفلها الرضيع محمد «أتيت إلى هذه المدرسة هرباً من القصف في منطقة العطاطرة وجاءني المخاض قبل أسبوع ونقلوني بالإسعاف إلى المستشفى».
تجلس أم رزق على فرشة بالية في ركن في الغرفة محاطة بشراشف معلقة لمنحها خصوصية مع أبنائها الثمانية وزوجها ينامون جنباً إلى جنب في هذه المساحة الضيقة.
وتقول وهي تدفع الذباب عن وجه طفلها، «أنا خائفة جداً على طفلي من الأمراض والأوبئة في هذه الغرفة مزدحمة جداً والحشرات تملأ المكان».
في الطابق الأرضي تقف رحاب (40 عاماً) التي وضعت جنينها هي الأخرى أيضاً بعد لجوئها إلى المدرسة «لا تسألوني عن الوضع، نحن هنا لا نعيش مثل أي من البشر في العالم».
وتنظر لطفلها ذا العشرة أيام وتقول «ما ذنب هذا الطفل أن يولد على وقع الصواريخ وأن يحيا أولى أيام حياته في غرفة يعيش فيها سبعون شخصاً على الأقل».