لو استثنينا العاصمة، لرأينا أن تقييم المواطنين للنواب فيما يخص تواصلهم معهم في دوائرهم ضعيفة جداً، وأن عدم رضا الناخبين لمرشحيهم فيما يتعلق بتواصلهم يعد أمراً غير مقبول عندهم خلال الفصل التشريعي الثالث، ولربما كان الفصلان التشريعيان الماضيان عند المواطنين، أفضل بكثير من هذا الفصل من حيث لغة التواصل معهم.
فـــي التقييم الذي أجرته صحيفة الوطـــن حول تواصل النواب مع الناخبين، يبدو أن المحافظة الجنوبية نالت نصيب الأسد في هذا الجانب-عدم تواصل النائب مع الناخبين في الدائرة- فكان التقييم السيئ لهذا التواصل انعكس بصورة صريحة على الأرقام والإحصائيات التي أثبتت أن 77% من الناخبين في المحافظة الجنوبية قَيَّمُوا ذلك «بالضعيف»، أما 2% منهم فقط، وصفوا تواصل النواب معهم»بالممتاز»!
هذه الأرقام والإحصائيات ما كانت لتكون هكذا لو لا أن تقييم أداء النواب في ذات المحافظة الجنوبية كان بذات المستوى أيضاً، وهذا الرابط بين الإحصائيين يعطينا كيف انعكس ضعف التواصل مع الناخبين فيها على ضعف الأداء، خصوصاً إذا ما عرفنا أن 82% من أصوات المحافظة الجنوبية قيَّمتْ أداء النواب بالضعيف، بينما كانت الـ4% فقط من الأصوات في عِداد الممتاز.
يبدو أن عملية التواصل قديماً فيمـــا بيـــن الناخـــب والمنتخـــب للمجلــــس النيابي قائمة على الوسائل التقليديـة، كالخطابات التحريرية أو الشفهية أو عبر أمكان محددة كالديوانيات وأماكن التجمعات الشعبية أو عبر الهاتف، لكن، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تطورت كثيراً في الأعوام الأربعة الأخيرة، ظل بعض النواب غير مكترثين بالوسائل الحديثة للاتصال، مما أفقدهم التواصل الحقيقــي بينهـــم وبيـــن جمهورهـــم، فكلما ضعف وعي النائب بهذه الأدوات المتطورة، ضعف مستوى تواصله مع الناخبين، وهذا على ما يبدو قد ظهر جلياً في تقييم أبناء المحافظة الجنوبية تحديداً حول تواصل مرشحيهم معهم.
لما لهذا الأمر من أهمية بالغة، فقد «كشفـــت الندوة التي نظمها معهـــد البحرين للتنمية السياسية بعنوان «شبكات التواصل الاجتماعي وأثرها على المشاركة الانتخابية»، ضرورة أن يمتلك من يترشحون لمجلس النواب أو المجالس البلدية القدرة على استغلال شبكات التواصل ووسائل الإعلام التقليدي خلال حملاتهم الانتخابية، لحصد أكبر فائدة وأوسع قاعدة انتخابية تساعدهم على تحقيق الفوز والعطاء».
ومن جهته، أكد رئيس نادي الإعلام الاجتماعي العالمي في البحرين علي سبكـــار على تأثير ودور وسائل الإعـــلام الاجتماعي في فوز الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية، التي أتاحت له الوصول إلى أكبر الشرائح. وأوضح أن مواقع التواصل المختلفة توفـــر فرصة ذهبية للإعلان والترويـــج في المجالات السياسية والانتخابية وغيرها، مشدداً على أن هذه المواقع أتاحت في البحرين فرصة للتواصل في المجالات السياسية، ولعبت دوراً في الحراك الجماهيري للمشاركة والتفاعل مع الأحداث حيث تتمتع بالسرعة في نقل الأخبار والأحداث, وتحريك الرأي العام, والسبق في نقل بعض الأخبار، منوهاً إلى وجود فرق بين مواقع الإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل والتي من بينها تطبيق الواتساب. وقال إنه يمكن للناخب أن يجعل لنفسه موقعاً إليكترونياً أو مدونة على الإنترنت يعرض من خلالها برنامجه الانتخابي، تمكنه من التواصل مع الشريحة المستهدفة من الناخبين، كما إن بعض التطبيقات على تويتــر، أو «جوجـــل نــــت وورك» تيسر له الأمور للتواصل مع فئة عمرية معينة، أو منطقة محددة “وهى دائرته الانتخابية”، لتحقيق غايته في الوصول إلى مجلس النواب. وأوضح أن مواقع التواصل والمواقع الإلكترونية توفر كلفة الدعاية الانتخابية التي وصلت في الانتخابات السابقة إلى ما بين 40 و60 ألف دينار في المتوسط لكل مرشح، في حال استخدامها بأفضل السبل. ونصح سبكار الجميع سيما المترشحين إلى فتح موقع أو صفحة «بيزنيس بيج» لأنها لا تضم أصدقاء بل معجبين يتفاعلون مع المحتوى وليس الأشخاص، ما يوفر فرصة حماية أكبر للموقع. وأوضح أنه يوجد حالياً 1600 موقع اجتماعي في العالم أهمها فيس بوك وتويتر وجوجول بلس وانستغرام, وفليكر, منوهاً إلى أن أكبر ثلاثة مواقع تحظى بالشعبية في البحرين هي فيس بوك وتويتر, ولينكد ان, بينما يأتي موقع انستغرام في المرتبة الخامسة.
ليس هذا فحسب، بل يبدو حتى وسائل التواصل الاجتماعي القديمة غير واردة في برنامج وتحركات النواب في المحافظة الجنوبية، بل يشتكي عدد ليس بالقليل من عدم قدرتهم الالتقاء بنوابهم أو حتى عبر مخاطبتهم عبر الهاتف المحمول، لأنهم لا يردون على مكالمات الجمهور أو أنهم يتجاهلونها، وهذا إما لأنهم لم يقوموا بتحقيق أيّ من الوعود والغنجازات التي وعدوا بها ناخبيهم، أو أنهم وصلوا لقبة البرلمان الذي كان هدفهم الرئيس، وبهذا ينتفى سبب التواصل مع الناخبين.
هواتف مغلقة ومعها مجالس اجتماعية مغلقة أيضاً، هذا هو رصيد بعض النواب في الجنوبية، فاستحقوا علامة ضعيفة حين قيمتهم جماهيرهم، أما الإنجازات فهي ضعيفة أيضاً.
ما يعزز صحة تلك الأرقام، هو قيام بعض الإعلاميين والصحافيين «خصوصاً»، بالتواصل مع بعض النواب لمعرفة حقيقة ما يدَّعيه الناخبون، وللتأكّد من صحة عدم تواصل النواب مع الناس، وجدوا أن النواب غير مبالين بالتواصل معهم، وبهذا فإنهم يقولون»إذا كان التواصل مع السلطة الرابعة من طرف النواب معدوماً، فكيف بناخبيهم؟». ولهذا فإن الجمهور على استعداد لتزويد الإعلاميين بكل الأرقام والعناوين التي يملكها النواب، ليقوموا باختبارهم قبل الحكم عليهم.
كتب أحدهم قبل نحو ثلاثة أعوام «إن التواصل النيابي والبلدي لدى المجتمعات يسهل مهام السلطة التنفيذية، ولكن ماذا لو كان هناك تنافر بين جهتين منتخبتين من قبل المواطن، حيث من المفترض أن يكون النواب البرلمانيون أحد متتبعي ومشاركي ما يتم إنجازه على الأرض بدوائرهم أو للمحافظة التي ينتموا إليها وأن يكونوا في مقدمة المهنئين. إن غياب نواب الجنوبية جميعاً عن حضور افتتاح حديقة الرفاع بالمحافظة الجنوبية ليس صدفة، وإنما يشير هذا الغياب إلى عدم تناغم هذا المجلس مع نواب المحافظة، كما إن تعففهم عن الخوض في أسباب فشل المجلس بإعداد مشاريع استثمارية أو إنشائية أو مشروعات إنشاء وتطوير الشواطئ والمتنزهات والحدائق، أو المشروعات التي تعنى بتجميع الحظائر المنتشرة في المنازل يثير علامة التساؤل». هذا الهاجس كان موجوداً قبل أعوام، أما اليوم فإنه تضخم بصورة، يذكــر بعض أهالي المحافظة الجنوبيـــة أنهم لا يرون نوابهم حتى في الشوارع أو حتى في المجالس ولربما حتى عند الإشارات الضوئية بالمحافظة، ولهذا جاء التقييم فيما يخص التواصل الاجتماعــي بين النواب والناخبين في الجنوبية ضعيفاً جداً، وليس ممتازاً بأدنى درجات الامتيـــاز، خصوصاً مع قرب انتهـــاء دور الانعقاد الحالي، ويأس أهالي المحافظة الجنوبية من نواب لم يروهم سوى في المناسبات الخاصة أو قبل وصولهم إلى مجلس النواب.