يتجه رجب طيب أردوغان إلى ترسيخ مكانته في التاريخ كأول رئيس منتخب شعبياً لتركيا الأحد، لكن تشديد قبضته على السلطة أحدث استقطاباً في البلاد وسبب قلقاً للحلفاء الغربيين وأثار مخاوف من الاستبداد.
ويرى المحافظون دينياً ممن يشكلون القاعدة الأساسية لأنصار أردوغان، أن صعوده المرجح للرئاسة هو تتويج لإنجازاته في مسعاه لإعادة تشكيل تركيا.
وخلال الأعوام العشرة التي قضاها رئيساً للوزراء، قلص أردوغان نفوذ النخبة العلمانية التي هيمنت منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية الحديثة على أنقاض الدولة العثمانية عام 1923.
ويراه المعارضون سلطاناً معاصراً تتسبب جذوره الإسلامية وعدم تقبله للمعارضة في إبعاد تركيا -عضو حلف شمال الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي- عن مبادئ أتاتورك العلمانية.
ويقول مساعدون إن بإمكان أردوغان أن يتولى فترتين رئاسيتين ويبقى في الحكم حتى عام 2023 الذي يوافق الذكرى المئة لتأسيس الجمهورية العلمانية، ولا تخفى هذه الرمزية على زعيم تعج خطبه بالإشارات للتاريخ العثماني.
وقال مارك بيريني وهو سفير سابق للاتحاد الأوروبي لدى تركيا وباحث زائر بمؤسسة كارنيجي البحثية الأوروبية «مع افتراض أن أردوغان سيفوز فإن ما سنراه هو بداية حقبة جديدة».
وحتى الآن كان يتم اختيار الرؤساء الأتراك من قبل البرلمان، لكن بموجب القانون الجديد فإن المرشحين الثلاثة سيتنافسون في انتخابات رئاسية عامة لنيل فترة ولاية مدتها 5 أعوام.
وتحظر القواعد الانتخابية نشر استطلاعات رأي قبل الانتخابات مباشرة، لكن استطلاعين أجريا الشهر الماضي أظهرا أن أردوغان يتمتع بتأييد بين 55 و56 في المئة أي بفارق 20 نقطة عن منافسه الرئيس أكمل الدين إحسان أوغلو، وهي نسبة تكفي لتأمين الأغلبية البسيطة التي يحتاجها للفوز من الجولة الأولى.
ويأتي في المركز الثالث بفارق كبير صلاح الدين دمرداش رئيس حزب الشعب الديمقراطي اليساري.
ولم يخفِ أردوغان طموحه بتغيير الدستور وإقامة سلطة رئاسية تنفيذية، وأوضح أنه حتى ذلك الحين سيمارس كل سلطات المنصب بموجب قوانين تركيا الحالية.
وتمنحه هذه القوانين السلطة لعقد اجتماعات الحكومة وتعيين رئيس الوزراء وأعضاء المؤسسات القضائية الكبرى، بما فيها المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاة.
وقال مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان «عندما يصبح رجل مثل أردوغان أول رئيس منتخب شعبياً حتى لو ظل الدستور على حاله، فإن هذا يعني تحول تركيا إلى نظام شبه رئاسي، بدءاً من الأحد المقبل سيكون هناك نظام جديد».
وبنى إحسان أوغلو -وهو دبلوماسي وأكاديمي كان يرأس منظمة التعاون الإسلامي لتسعة أعوام- حملته الرئاسية على أسلوب مختلف في تولي الرئاسة وهو يتفادى اللغة الحماسية التي يستخدمها أردوغان أمام التجمعات الحاشدة في أنحاء البلاد.
وقال إحسان أوغلو لرويترز خلال مقابلة «الناس فاض بها الكيل من هذا الخطاب المثير للانقسام وهذه الأخطاء، إنهم يريدون طريقة هادئة ووقورة للحكم».