كتبت - مروة العسيري:
أكد رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني أنه لا مبرر على الإطلاق للجوء للفوضى والعنف، وتجاوز القانون والنظام، فهو أمر مرفوض، ويتحمل مسؤوليته من يدعو له ويحرض عليه، وأن «انسحاب أي مكون أو فصيل سياسي واجتماعي من البرلمان خطأ استراتيجي»، مشيراً إلى أن المعارضة لابد أن تعمل ضمن المؤسسات الدستورية وليس بالتصعيد في الشارع.
وقال خليفة الظهراني، في حوار مع «الوطن»، إن الشراكة الحقيقية مع المجتمع تتطلب روحاً إيجابية وممارسة وفق الأطر والأساليب الديمقراطية وليس بالاستقواء بعنف الشارع».
ونفى الظهراني أن يكون حوار التوافق الوطني همش عمل المجلس التشريعي. وقال إن «أي توافقات يخرج بها الحوار، سيتم إقرارها عبر المؤسسة التشريعية».
وأشار إلى أن مجلس النواب أقر عدة مشاريع قوانين واقتراحات برغبة تؤكد أهمية حفظ الأمن والاستقرار، وحماية المكتسبات والمنجزات الوطنية، ودعم الوحدة الوطنية والحفاظ على النسيج الاجتماعي. وفيما يلي نص الحوار.
ما مدى خسارة أي مكون اجتماعي بانسحابه من البرلمان؟
انسحاب أي مكون أو فصيل سياسي واجتماعي من البرلمان خطأ استراتيجي، وكنت من أول المطالبين بعدم انسحاب أي كتلة من مجلس النواب، وانتظرت شهرين عندما تقدمت كتلة «الوفاق» باستقالتها من المجلس، حتى يعدلوا عن قرارهم ويعملوا كمعارضة منهجية ضمن المؤسسات الدستورية وليس بالتصعيد في الشارع. وهناك بعض الأقلام والسياسيين المعارضين وصفوا قرار الكتلة بترك العمل البرلماني بالخطأ. ذلك أن الشراكة الحقيقية مع المجتمع تتطلب روحاً إيجابية وممارسة وفق الأطر والأساليب الديمقراطية وليس بالاستقواء بعنف الشارع.

ما هو دوركم كنواب في وضع حد للعنف المتصاعد في الشارع؟
إن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك فتح آفاقاً رحبة من حرية الرأي والتعبير وفق الشرعية والقانون، وعبر الوسائل والمؤسسات الدستورية والقانونية والحضارية ولا مبرر على الإطلاق للجوء للفوضى والعنف، وتجاوز القانون والنظام، فهو أمر مرفوض، ويتحمل مسؤوليته من يدعو له ويحرض عليه.
وهناك عدة مشاريع قوانين واقتراحات برغبة تؤكد أهمية حفظ الأمن والاستقرار، وحماية المكتسبات والمنجزات الوطنية، ودعم الوحدة الوطنية والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وما جبل عليه شعب مملكة البحرين من محبة ووئام، واحترام للقانون.

ماذا تقولون عن الدعوات الساعية لتهميش دور مجلسي النواب والشورى بخصوص توصيات الحوار الوطني؟
بداية يجب التأكيد على أن حوار التوافق الوطني بالمحور السياسي المنعقد حالياً يمثل استمرارية لمرحلة سابقة أثمرت توافقات عديدة عبرت عن الإرادة الشعبية لكافة مكونات المجتمع، والهدف الأسمى للحوار تحقيق المصلحة العليا للوطن والمحافظة على مستقبل البحرين وأبنائها، كما إن حوار التوافق الوطني هو حوار شامل وجامع لكافة الأطراف السياسية في البحرين وفرصة للجميع للمساهمة في دعم مسيرة الإصلاح والتنمية، ومشاركة الجميع ضمانة لتفعيل الإرادة الشعبية في نتائج الحوار.
والمعروف أن مملكة البحرين دولة مؤسسات وقانون، والسلطة التشريعية بغرفتيها (النواب والشورى) هي سلطة دستورية لها صلاحياتها التشريعية والرقابية التي منحها لها الدستور، وما توافق عليه شعب مملكة البحرين في ميثاق العمل الوطني، ولا يمكن تجاوز المؤسسات الدستورية في البلاد، إذ لا بد لأي عملية تعديل وتغيير أو تطوير للتشريعات والقوانين أن تتم من خلال المؤسسات السلطة التشريعية الممثلة في حوار التوافق الوطني وأن أي توافقات يخرج بها الحوار، سيتم إقرارها عبر المؤسسة التشريعية، تنفيذاً لما تم الإعلان عنه منذ أن تفضل صاحب الجلالة الملك بإطلاق الحوار الوطني، ومن المهم في هذه المرحلة الحفاظ على مكتسبات مسيرة الإصلاح، والعمل على تطويرها وليس إلغاؤها أو إقصاء مؤسساتها الدستورية، وفق حجج ومبررات واهية، فلقد بدأت مسيرة الإصلاح في البحرين منذ 12 عاماً، وما أنجز خلال تلك الفترة لا يمكن إلغاؤه أو تهميشه.

هل يغنى التمثيل البرلماني عن سير مخرجات وتوصيات الحوار وفقاً للأطر الدستورية العادية؟
السلطة التشريعية ممثلة بثمانية أعضاء في حوار التوافق الوطني، وهذا عدد كافٍ يعبر عن المؤسسة التشريعية في البلاد.
وساهمت مناقشات ممثلي السلطة التشريعية في الحوار في الحث على عمل توافقات ترتكز على القواسم المشتركة بين كافة مكونات المجتمع، ومراعاة المصلحة العليا للوطن. وفي رأيي أنه يجب تأكيد جميع المشاركين في الحوار على صدق العزم والنوايا والجدية الواضحة في ضمان استمرارية ونجاح الحوار الوطني، وتكريس احترام المؤسسات الدستورية واستخدام الأساليب الحضارية، وتغليب مصالح الوطن على المصالح الحزبية الضيقة وفي النهاية فإنه بالعمل الجاد والتعاون المثمر سنتجاوز كافة التحديات نحو تحقيق مستقبل أفضل للجميع في بلدنا العزيز.
ما تقييمك لدور الانعقاد الحالي؟
أرى أن العمل في الدور الثالث كان مضاعفاً وكبيراً، وحجم الإنجازات كانت متزايدة لحد ما عن باقي السنوات الماضية، وهو أمر إيجابي يعكس اهتمام المجلس بقضايا الوطن واستجابته لتطلعات المواطنين.
بعض الأطراف تتهمك بالانحياز للحكومة في بعض الأحيان. ما تعليقك؟
طوال 11 عاماً من تجربتي كرئيس لمجلس النواب، وأنا أؤدي عملي وواجبي البرلماني بكل إخلاص والعمل على ما فيه مصلحة المواطنين وقبل كوني رئيساً لمجلس النواب فأنا أولاً نائباً وممثلاً عن الشعب والبرلمان هو بيت الشعب، وليس معنى الالتزام بالدستور والقانون تحيزاً للحكومة، فالانحياز يكون دائماً للدستور والقانون ومصلحة المواطنين.
وأما بالنسبة لدور مجلس النواب فهو تشريعي ورقابـــي على أعمال الحكومة، ويدخل في صلاحياته متابعة المجريات على الساحة المحلية والخارجية، من خلال مبدأ التعاون والاحترام المتبادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. عبر تجاوب الحكومة مع رغبات المجلس التي تصب في الصالح العام للوطن والمواطنين، وهذا الاحترام المتبادل لا يعني التغاضي عن أي تقصير، خاصة ما يتعلق بمصالح الناس. ولكن الاحترام المتبادل معناه في طريقة استخدام النواب للأدوات البرلمانية المقررة لهم وفق الدستور واللائحة الداخلية للمجلس. وعدم الإساءة لأحد.

هل ترون أن النواب يدركون أهمية الأدوات الرقابية التي منحت لهم بقوة القانون، وكيفية تفعيلها؟
مجلس النواب ومنذ تأسيسه دأب على استخدام كافة الأدوات الرقابية المتاحة في ضوء تطبيق أحكام الدستور واللائحة الداخلية. لقد جرت العديد من الاستجوابات في أمور مختلفة للعديد من الوزراء، كذلك تم تشكيل العديد من لجان التحقيق البرلمانية في المواضيع التي تم التحقيق فيها وكشفت عن خلل في بعض الوزارات والجهات الحكومية. كما إن أعضاء المجلس قدموا المئات من الأسئلة البرلمانية حول الأمور الداخلة في اختصاصات الوزارات وجميع هذه الأدوات البرلمانية ساهمت في تحسين الأداء في العمل الحكومي وتحفيز الحكومة على عمل الأفضل.
وكذلك شهد دور الانعقاد تعاوناً مثمراً بين النواب والسلطة التنفيذية باستعمال الاقتراحات برغبة بصورة مكثفة، وطرح موضوعات عامة للمناقشة.

البعض يقول إن المجلس يعاني حالة من التفتت، بدليل تلويح النواب باستجوابات للوزراء دون تحقيق أي من هذه التهديدات، رغم وجود لجنة تنسيقية بين الكتل؟
تعمل كافة الكتل النيابية تحت قبة البرلمان، وتتبنى مبدأ واحداً تجاه تفعيل الأدوات الرقابية، وهو عدم الوقوف في طريق طرحها في المجلس. وبالتالي فحتى لو تم التوافق بين الكتل النيابية على موضوع ما فإن المجلس يبقى أيضاً رقيباً على أي قرار يتم التوافق عليه. وهذه هي التقاليد البرلمانية العريقة المعمول بها في مختلف برلمانات العالم.

النواب يشتكون من تمرير الحكومة قوانينها عبر مراسيم حتى لا تتعطل عند السلطة التشريعية.. ما سبب تعطل عدد كبير من القوانين ولفترات طويلة في المجلس؟
عملية التشريع وإصدار القوانين لا تستغرق فترة طويلة بل على العكس تسير بشكل طبيعي والمجلس يمارس عمله بمهنية وحرفية قانونية ويتأنى في اتخاذ قراراته، ولكن لكل قانون ظروفه وموضوعه، إذ يتم استفتاء رأي الجهات المعنية بالقانون محل الدراسة.
وعلى أية حال لا مصلحة في سرعة إصدار القوانين، إذ إن الإنجاز في الكيف لا الكم، وهناك قوانين في برلمانات العالم يستغرق إصدارها سنوات حتى يتم إقرارها بصورة سليمة ونافعة للمجتمع. إضافة إلى أن هيئة المكتب عندما تقوم بإعداد جدول الأعمال تراعى الموضوعات المستعجلة والبعد الاقتصادي والاجتماعي لمشاريع القوانين.

كيف ترى آلية العمل البرلماني عقب التعديلات الدستورية الأخيرة؟
مما لاشك فيه أن التعديلات الدستورية المهمة، التي أجريت في العام 2012 زادت من صلاحيات مجلس النواب المنتخب انتخاباً حراً مباشراً من الشعب، وانتقلت بالبحرين إلى مستوى ديمقراطي جديد، ومرحلة من المشاركة الشعبية، كما أسهمت تلك التعديلات الدستورية بشكل واضح في تعزيز دور المجلس المنتخب في اتخاذ القرارات والقوانين التي تهدف إلى خير الوطن والمواطن. وأثبتت التجربة مرونة وإمكانية الإصلاح والتطوير وفق الآليات الدستورية في مملكة البحرين. وأثبتت تجارب برلمانات عريقة أهمية وجود غرفتي السلطة التشريعية (النواب والشورى) ولذلك شهد دور الانعقاد الحالي تطوراً ملحوظاً في الأداء والممارسة للعمل التشريعي المشترك بين مجلسي النواب والشورى.

يقال إن التعديلات الدستورية وتعديل اللائحة الداخلية للمجلس جعلا أداة الاستجواب معقدة هل توافقون هذا الرأي؟
الاستجواب حق أصيل للنائب ولكن يجب التأني فيه لأنه في طبيعته أشبه بمحاكمة سياسية في موضوع ما للوزير المسؤول أمام البرلمان، ولذلك لابد أن تكون إجراءاته منضبطة وليست معقدة، مثل شرط الجدية وغيرها من الإجراءات التي من الممكن التغلب عليها بإرادة النواب.

سبق وأعلنتم مناقشة قانون الصحافة في حال تخلف الحكومة عن تقديم مشروعها الجديد، متى يتم ذلك؟
تعلمون مدى حرص المجلس على تبادل وجهات النظر والرؤى مع جمعية الصحافيين والمؤسسات الصحافية والإعلامية حول قانون الصحافة والنشر وتمت دراسته في اللجنة، بعد أن أعلنت الحكومة أنها بصدد إعداد مشروع جديد متكامل للإعلام ونحن بانتظاره.