إسقاط الجنسية حق أصيل لكل دولة في العالم للحفاظ
على أمنها وسيادتها ومصالحها الوطنية
لا تراخي أو تساهل مع من يحاول العبث بأمن الوطن ويشوّه سمعته في الداخل والخارج
قوانين البحرين تنظم آلية إسقاط الجنسية
المجلس الوطني أقر مطالبات إسقاط الجنسية خلال جلسة رمضان 2013

كتب - حذيفة إبراهيم:
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، والمجالس البحرينية، والصحف، مطالبة بإسقاط الجنسية البحرينية عن المتورطين في أعمال التحريض والعنف والإرهاب وتشويه سمعة الدولة، بعد الإجراءات التي اتخذتها دول خليجية، فضلاً عن الأحكام القضائية التي صدرت تجاه بعض المتورطين.
ومن خلال التغريدات، والأحاديث والمقالات، طالب مواطنون وكتاب وصحافيون، بإسقاط الجنسية عن خمس فئات: المحرضين على العنف والإرهاب والصراعات السياسية داخل البحرين وخارجها، والمتحدين لسيادة القانون وهيبة الدولة، والساعين لتشويه سمعتها في الخارج، وأولئك الذين يتصلون بحكومات أجنبية ومنظمات سياسية وإرهابية في الداخل والخارج.
وأكد المطالبون أن إسقاط الجنسية حق أصيل للدولة من أجل الحفاظ على أمنها وسيادتها ومصالحها الوطنية، مشيرين إلى أن قوانين البحرين تنظم آلية إسقاط الجنسية، ومطالبات إسقاط الجنسية أقرها البرلمان خلال جلسة المجلس الوطني التي عقدت في رمضان 2013.
ودعا مواطنون وكتاب وصحافيون ومغردون، لعدم التراخي والتساهل مع من يحاول العبث بأمن الوطن ويشوّه سمعته في الداخل والخارج، خصوصاً وأن عدة دول خليجية وعربية اتخذت قرارات مماثلة لحفظ أمنها واستقرارها.
مطالبات منذ 2011
بالعودة إلى أصل مطالبات البحرينيين بإسقاط الجنسية البحرينية عن المتورطين بأعمال التحريض والعنف والإرهاب، فإنها انطلقت منذ أحداث فبراير 2011، والمحاولة الانقلابية التي شهدتها آنذاك، تلتها الأحداث المتصاعدة، واستخدام مختلف أنواع الأسلحة والتكتيكات العسكرية ضد رجال الأمن والمواطنين الآمنين.
وشهد العام 2013 الجلسة الاستثنائية الأولى للمجلس الوطني والتي جاءت جل مطالبها في حماية أمن البحرين من الأخطار الإرهابية، وسحب شرف الجنسية عن المتورطين والمحرضين، فضلاً عن إنفاذ العقوبات القانونية بحقهم.
وكانت التوصيات الـ22 للجلسة الطارئة في صميم الحفاظ على أمن البحرين، وكان أبرزها، إصدار مراسيم بقوانين في فترة غياب البرلمان لتشديد العقوبات في قانون الإرهاب، وإسقاط الجنسية عن كل مرتكبي الجرائم الإرهابية والمحرضين عليها، فضلاً عن معاقبة المحرضين على العنف والإرهاب، ومنع الاعتصامات والمسيرات والتجمهر في العاصمة، واتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض الجمعيات السياسية التي تحرض وتدعم أعمال العنف والإرهاب، ومنح الأجهزة الأمنية الصلاحيات الضرورية لحماية المجتمع من الإرهاب، والتنبيه على السفراء الأجانب بعدم التدخل في شؤون البحرين احتراماً للقانون الدولي، وتشديد العقوبات على زج الأطفال في الأعمال الإرهابية.
استمرار المخالفات
على الجانب الآخر، يستمر المحرضون بأعمالهم الإرهابية في مختلف مناطق المملكة، وقد تصاعدت حدة الإرهاب لتصل ذروته من خلال تفجير القنابل محلية الصنع، والسيارات المفخخة في الطرق وعلى الآمنين، وفي أوقات الذروة، فضلاً عن استهداف المناطق التجارية.
ولم تنخفض حدة خطابات التحريض على العنف والإرهاب من خلال المنابر، سواء من قبل عيسى قاسم أو عبدالله الغريفي، والتي عادة ما تشهد أعمالاً إرهابية عقب كل خطبة، خصوصاً خطبة قاسم الشهيرة «اسحقوهم» وما تلاها من أعمال إرهابية، ففي آخر خطاباته التحريضية، وفي محاولة منه للانتقاص من القضاء والأحكام البحرينية، قال عيسى قاسم معلقاً على الحكم بإدانة وسحب جنسيات بعض المتورطين بأعمال الإرهاب إن «الأحكام القضائية والسياسية وإسقاط الجنسية هي وضع من أوضاع الغاب»، واصفاً تطبيق القانون بأنه «حكم الغاب».
بدوره يستمر أمين عام جمعية الوفاق علي سلمان بخطاباته التحريضية، ووصف القانون والدولة بأبشع الأوصاف، ومن ذلك قوله إن «القوانين القمعية وقود لا ينفد نحو التغيير الجذري.. وغياب العدالة الاجتماعية يكرس الأزمة». وفي تغريدة أخرى «إن الشعب الذي آمن بعدالة قضيته وتوكل على الله لن يتوقف جراء قوانين وأحكام القمع أبداً وسينتزع حقوقه العادلة»، في استمرار للخطاب التحريضي الذي انتهجه قاسم وسلمان، منذ مطلع العام 2011 ضد الدولة.
وليس ببعيد عن قاسم وسلمان، مهاجمة نادر عبدالإمام الشعب، وتقسيمه إلى مجنسين وغير مجنسين، فضلاً عن مهاجمته للدولة، ومن أشهر تغريداته «سرطان التجنيس وطاعون التمييز ينخر في جسد الدولة البحرينية، والظلم أصبح عنواناً والاستئثار بالحكم بشرعية السلاح لا الشعب».
أما نبيل رجب، وقد خرج من السجن مؤخراً، وبعد أن اعتدى على فئة من أهل البحرين؛ أعلن أنه ذاهب إلى بريطانيا عبر تغريدته، قائلاً «أجهز نفسي للذهاب لمجلس اللوردات البريطاني في لندن لأتحدث هناك بدعوة اللورد ايفبوري عن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين». وفي مطالبات صريحة بالتدخل الخارجي، يكتب قاسم الهاشمي «على المجتمع الدولي أن يقوم بواجبه في حماية شعب البحرين من نظام عنصري سفاح وإلا فيحق لكل حي أن يسعى لحماية نفسه وماله وعرضه بأي ثمن»، مؤلباً على الدولة ونظام الحكم، فضلاً عن المطالبة بالتدخل الخارجي وهي من الجرائم التي يستحق سحب الجنسية عليها.
من جانبه يهاجم سيد جميل كاظم، القضاء البحريني، ويقول إن «سل سيف القضاء لسحب الجنسيات من المواطنين الأصلاء لكسر حراك الشعب وتهريبه، لن يخرج السلطة من المأزق الدستوري والسياسي الذي يطوق عنقها».
إسقاط الجنسية
حق أصيل
يعتبر إسقاط الجنسية حقاً أصيلاً لكل دولة في العالم، من المتورطين بأعمال العنف والإرهاب أو أي أعمال أخرى تحددها الدول في قوانينها، سواء البريطانية أو الأمريكية أو حتى الأوروبية.
وسبق للمواطنين والبرلمانيين أن طالبوا ولايزالون بإنفاذ قانون الجنسية المعدل في مادته العاشرة والذي ينص على أن الجنسية تسحب من الشخص (إذا تسبب بالإضرار بأمن الدولة). وبمقارنة القانون البحريني بنظيره الدنماركي، نقرأ أن الأخير ينص على أن الجنسية تسحب في حال انتهاك المواد 12 و13 من قانون الجنايات الدنماركي والتي تشمل «مهاجمة الدستور» و»الإرهاب» ونشر التطرف» و»التدمير» و»التجسس».
وشهدت في بريطانيا، الدولة ذات الديمقراطية العريقة، تعديل قانون الإرهاب في أكتوبر 2005، ليصبح من الممكن إسقاط الجنسية البريطانية عن من (يمجد الإرهاب حتى في الخارج أو الداخل).
قوانين البحرين
أما في البحرين، وفي المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2013 الخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم (58) لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، أضيفت المادة رقم (24) مكرراً، ونصها (بالإضافة إلى العقوبة المقرَّرة، يحكم بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد من (5) إلى (9) و(12) و(17) من هذا القانون).
وتشير المادة الخامسة إلى جريمة «إحداث عمداً كارثة بأية وسيلة من وسائل النقل الجوي أو المائي أو البري العامة أو أتلفها أو عيبها أو عطل أجهزتها أو عرض سلامتها أو سلامة من بها للخطر، أو أتلف أو عيب أو عطل منشآت أو مرافق الملاحة الجوية أو البحرية أو النقل البري أو وسائل الاتصال أو عرض سلامتها أو سلامة من بها للخطر، إذا كان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي، بالإضافة إلى كل من اختطف تنفيذاً لغرض إرهابي وسيلة من وسائل النقل المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو احتجز ركابها أو طاقمها رهينة أو قاوم بالقوة أو العنف السلطات العامة أثناء تأدية وظيفتها في استعادة الوسيلة أو الرهائن من سيطرته).
بينما تشير المادة الـ9 إلى أنه (يعاقب بالسجن كل من أدار منظمة أو جمعية أو مؤسسة أو هيئة خاصة أنشئت طبقاً للقانون، واستغل إدارته لها في الدعوة إلى ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون). والمادة الـ12 تحدثت عن كل من سعى لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة تمارس نشاطاً إرهابياً، يكون مقرها خارج البلاد، أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحة أي منهما، للقيام بنفسه أو بواسطة غيره بأعمال إرهابية ضد مملكة البحرين، أو للقيام بأي نشاط إرهابي ضد مصالح دولة أجنبية داخل البلاد أو ضد ممتلكات البلاد أو مواردها أو مؤسساتها أو منشآتها في الخارج أو وفودها أو بعثاتها أو ممثليها الدبلوماسيين أو مواطنيها أثناء وجودهم في الخارج.
أما المادة 17 من القانون، فتشير إلى أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات كل من حرض غيره على ارتكاب جريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، ولو لم يترتب على فعله أثر).
وأصدر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، القانون رقم 21 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية لعام 1963، منح بموجبه 6 أشهر لمن تجنس بجنسية أجنبية دون إذن وزير الداخلية لتوفيق أوضاعه.
وأجاز القانون في المادة الـ8 منه بمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية وبعد موافقة مجلس الوزراء، سحب الجنسية البحرينية من الشخص المتجنس إذا صدر حكم بات بالإدانة ضده خلال 10 سنوات من تاريخ حصوله على الجنسية البحرينية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. فيما يفقد البحريني جنسيته في أي حال تجنس مختاراً بجنسية أجنبية دون إذن سابق من وزير الداخلية، إذا تنازل عن جنسيته البحرينية وصدر مرسوم بناءً على عرض وزير الداخلية بالموافقة على ذلك، وهي المادة التي تسري على العديد من مزدوجي الجنسية والذين بدأت بلدانهم بالدفاع عنهم بعدما أطلقت البحرين أحكام ضدهم.
وأجازت المادة الـ(10): إسقاط الجنسية البحرينية عمن يتمتع بها في أي حال دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها رغم الأمر الذي يصدر له من حكومة البحرين بتركها، أو ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية، أو تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفاً يناقض واجب الولاء لها.